لطالما عانى محبو ألعاب الفيديو من انعدام التوافق بين عالم ألعابهم والسينما، يشاهدون المشروع تلو المشروع ينتهي بفشل تحويل لعبة مشهورة إلى فيلم سينمائي ناجح، ولعل درجات التفاؤل وصلت أعلى حدٍ لها عندما رأينا ماريون كوتيار ومايكل فاسبيندر يسند إليهما دور البطولة في فيلم Assassin's Creed، ولكن ومرة أخرى التعاون بين السينما والألعاب ينتهي بفشل وخيبة أمل. إنه أمر غريب في الحقيقة، ربما كان الاعتقاد السائد أن فشل السينما في تجسيد الألعاب في السابق كان بسبب أن التكنولوجيا الصورية والتصويرية لم تكن متقدمة بما فيه الكفاية، لكن فشل أفلام في وقتنا الحالي يثبت العكس، إن المشكلة تتخطى حدود الصورة، وتكمن في توازن المادة الأدبية بين الكفتين. فالألعاب حتى حينما تقدم قصة مثيرة للاهتمام فهي لن تُبقي اللاعب ساعاتٍ طوال أمام شاشته بدون تجربة فريدة، بدون نظام لعب أخاذ، وفقدان هذا الأمر في السينما يحدث اختلالاً في التوازن، فيواجه المخرج والكاتب التحدي الصعب للغاية في تحويل تجربة اللعب التي خلفت وراءها حشوداً من المعجبين الأوفياء إلى تجربة سينمائية مكافئة، وهنا نصل إلى النقطة الثانية، وهي أن من يقوم بتحويل هذه التجارب ليس معجباً حقيقياً باللعبة، ولا يكاد يفهم أبجدياتها وسر نجاحها، ويكتفي بمحاولة نسخ أشهر اللقطات والمشاهد والقصة الرئيسية بدون التفاصيل المساعدة والتي في العادة تملأ أي لعبة إلكترونية. ومن هنا تصبح المسافة بين الكفتين غير معقولة، وبدل أن نشاهد اقتباساً صادقاً ومحاولة سينمائية جريئة لتحقيق الصعب، نشاهد مجهوداً كسولاً، مجهود هو في صميم وجوده لأجل تحقيق الأموال فقط. لا أخفي أنني في السابق اعتقدت أن المشكلة في قصص الألعاب والتي كنت أرى باعتقادي الخاطئ أنها لن ترتقي لتكون فيلماً كاملاً، لكنني كنت مخطئاً جداً، فقصص الألعاب تتطور، وتتعمق في موضوعات لا تختلف كثيراً عن تلك الموضوعات التي تناقشها السينما، بل تتفوق عليها أحياناً، من قصص المغامرات الثرية التي تبقيك على حافة مقعدك في انتظار المغامرة التالية، إلى قصص الخيال العلمي الأخاذة والتي تأخذ به خطوات جديدة في مسار أكثر واقعية وجنوناً في نفس الوقت، وقصص الفانتازيا الساحرة التي تدخلك عالماً لا تريد أن تتركه، كل هذه القصص تملك لحظاتها من الكوميديا والتراجيديا، من الهدوء الذي يسبق العاصفة إلى قلب العاصفة، كل هذه القصص مليئة بخيال أطفال وأحلامهم، وتحولت هذه الأحلام إلى واقع في الألعاب. يتبقى فقط أن نشاهد عاشقاً حقيقياً لأحد الألعاب ليحولها إلى الفيلم الذي سوف ينتظره الكثيرون على أحر من الجمر، ولن يكون هدفه تحويل الفيلم إلى نجاح تجاري بسرعة، بل تحويل اللعبة التي قضى ساعات وساعات وهو يلعبها، ساعات وهي تتحدى عقله وذهنه، ساعات وهو يفكر فيها بعد ما أنهاها، سيكون هدفه تحويل هذه اللعبة إلى كنزه الصغير. Your browser does not support the video tag.