حذر خبير في شؤون الجماعات المتطرفة من ميلاد نسخة جديدة من التنظيمات المتظرفة في القارة الأفريقية، اعتبرها قد تشكل ظاهرة ثالثة بوجه آخر بعد ظاهرتي القاعدة في أفغانستان وداعش في كل من العراق وسورية. وجاءت هذه التحذيرات بعد التسريبات الغربية التي تحدثت مؤخراً عن تدفق مقاتلين من تنظيم داعش إلى مناطق الشمال والغرب الأفريقي بعد تقهقهر التنظيم وهزيمته في سورية والعراق. ويقول الباحث السوداني في شؤون الجماعات المتشددة الهادي محمد الأمين ل"الرياض": "إذا اعتبرنا أن القاعدة ظاهرة عالمية تمثل نسخة أولى للفكر المتطرف وداعش تمثل النسخة الثانية فإننا حالياً أمام نفس الظاهرة لكن في نسختها الثالثة وقد تتشكل هذه النسخة بعد عودة هؤلاء المتطرفين إلى أفريقيا". ويشبه الأمين هذه العودة من مناطق القتال بكل من العراق وسورية في أعقاب انحسار نشاط التنظيم وسقوطه عسكرياً -إلى القارة الأفريقية- لحد بعيد بعودة الأفغان العرب وتدفقهم نحو القارة السمراء بعد نهاية مرحلة الجهاد الأفغاني. ويقول: "إذا كانت عودة المقاتلين الأفغان لها تأثيرات سلبية على مجمل الأوضاع بالعالم العربي والأفريقي ومن بينها ميلاد تنظيم (القاعدة) فإن عودة الدواعش للقارة الأفريقية سيخلق ميلاد تنظيم إرهابي جديد بإبعاد إقليمية ودولية جديدة يتشابه مع وجود القاعدة بأفغانستان". ويري الأمين أن دول وسط وغرب أفريقيا ستكون ميداناً للتشكيلات العسكرية الجديدة التي ستتلاقى مع حركة بوكو حرام في نيجيريا وحركة الشباب الصومالية والفصائل المقاتلة في كل من موريتانياومالي والنيجر وبوركينافاسو، محذراً من أن ذلك سيخلق وضعاً أكثر خطورة وأكثر تعقيداً. ويشدد على أن أهمية القارة الأفريقية مقارنة مع الوضع في العراق وسورية تبدو أكبر لدرجة بعيدة نظراً لأن العراق وسورية تقع في مساحات ضيقة ومحصورة ومحاطة بعدد من الدول القوية بينما هذه الظروف مغايرة تماماً في القارة الأفريقية ذات الحدود المفتوحة بالإضافة لضعف الحكومات وكثرة الحركات المسلحة والمرتزقة وانتشار السلاح والمساحات ذات الطبيعة القتالية كالصحاري والجبال والوديان. ويستطرد الأمين أن الانباء عن تهريب زعيم داعش أبوبكر البغدادي من الأراضي الواقعة بين الحدود العراقية والسورية لشمال القارة الأفريقية لو صحت فإن هدفها الأول والأساسي هو تأمين حياته والحفاظ على سلامته الشخصية من جهة ولإعادة تنظيم صفوف المقاتلين تحت راية جديدة بالقارة الأفريقية من جهة ثانية. ويتابع بالقول "في هذه الحالة ستكون قوات الأفريكوم أول هدف لداعش الجديدة يليها الوجود الفرنسي في كل من مالي والنيجر وأفريقيا الوسطى وتشاد وغيرها". ويؤكد الأمين أن اضطرابات الأوضاع ببعض البلدان الأفريقية إلى جانب عدم الاستقرار وهشاشة بعض الحكومات ووجود الحروبات كلها محفزات تغري وتفتح شهية داعش للتمدد من جديد بصورة متصاعدة في هذه المنطقة وهو حراك يتشكل باتجاه سلبي وليس على نحو إيجابي. لكن الأمين العام لهيئة علماء السودان د. إبراهيم الكاروري قال: "لقد تم تطبيق الفكرة في الواقع ولم تثمر غير الدماء والقتل وضياع شباب وتدمير دول". ويضيف، هذا الأمر يشكل رادعاً فكرياً والإنسان لا يجرب ما جربه. وكان مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي حذر العام الماضي من احتمال عودة نحو ستة آلاف شخص قاتلوا في صفوف تنظيم داعش إلى دولهم في القارة السمراء. وتأتي هذه التصريحات مقرونة مع دراسات غربية أكدت تزايد حضور تنظيم داعش على الساحة الليبية تحديداً بعد هزيمته في العراق إلى جانب قيامه أصلاً بعمليات أثارت تنديداً دولياً مثل قتل عشرات من المصريين والإثيوبيين والعديد من العمليات الارهابية في مناطق مختلفة من البلاد. ويقول المحلل السوداني الشيخ يوسف الحسن أن ليبيا بوضعها الأمني المتردى تمثل الوجهة الأنسب لعودة الدواعش الفارين إلى جانب أن منطقة الصحراء الكبرى أصلاً ظلت تمثل مرتعاً للفوضى ونمو التنظيمات المسلحة التي يتمدد وجودها حتى الساحل الأفريقي وهو ما يشكل خطراً مضاعفاً. وذكر موقع "ذا سايفر بريف" الأميركي إن عناصر داعش الإرهابي ستستمر في تشكيل تهديدات إقليمية قوية على الرغم من الجهود المحلية والدولية المبذولة للإطاحة بهم في معاقلهم. وأضاف أن داعش تقوم بإعادة تجميع وإنشاء مراكز تدريبية ومقر لعملياتهم في المناطق الوسطى والجنوبية من ليبيا، بعد خسارتهم قاعدة عملياتهم السابقة التي كانت تقع على طول الساحل الليبي. ويرى الموقع أنه في حال لم تتمكّن ليبيا من إحراز أي تقّدم نحو تشكيل حكومة موحّدة، ستبقى المناطق الحدودية الليبية الخالية من القانون توفر أرضاً خصبة لداعش والجماعات الإرهابية الأخرى لإثارة عدم الاستقرار في جميع أنحاء شمال أفريقيا. Your browser does not support the video tag.