عانت السعودية من الإرهاب، بشكل كبير وغير مسبوق، ومزدوج في الوقت نفسه. فمن جانب كانت تحاربه في الداخل والخارج، وتخلق التدابير التي تكافحه، ومن جانب تدافع عن سمعتنا بعدما حاولت مؤسسات إعلامية، وحكومات إرهابية، ومرتزقة؛ إلصاق تهم دعمه، حتى تبينت الحقائق. السعودية، وبصحبة عدد من الحلفاء والأصدقاء، قررت أن تحارب التطرف، جنبا إلى جنب استراتيجيتها للقضاء على الإرهاب، ولهذا أصبحت مهمة القضاء على التطرف إحدى أهم المنهجيات التي تعمل عليها الرياض. تأكيدا على هذا النهج، قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال خطابه الملكي في مجلس الشورى: "رسالتنا للجميع أنه لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا، ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستغلال يسر الدين لتحقيق أهدافه، وسنحاسب كل من يتجاوز ذلك فنحن إن شاء الله حماة الدين وقد شرفنا الله بخدمة الإسلام والمسلمين ونسأله سبحانه السداد والتوفيق." وهو ما أشار له ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أثناء حديثه في مبادرة مستقبل الاستثمار، عندما قال: "لم نكن بهذا الشكل في السابق، نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام المنفتح على جميع الأديان والتقاليد والشعوب.. 70% من الشعب السعودي تحت سن ال30، وبصراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة، سوف ندمرهم اليوم، لأننا نريد أن نعيش حياة طبيعية تترجم مبادئ ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة، ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية وطننا والعالم". وقال أيضا: "اتخذنا خطوات واضحة في الفترة الماضية بهذا الشأن، وسوف نقضي على بقايا التطرف في القريب العاجل، ولا أعتقد أن هذا يشكل تحدياً، فنحن نمثل القيم السمحة والمعتدلة والصحيحة، والحق معنا في كل ما نواجه". كل هذا، يأتي بعد إنشاء مركز "اعتدال" العالمي لمكافحة التطرف الذي كان ثمرة للتعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف المؤدي للإرهاب، العدو الأول المشترك للعالم، حيث قامت على تأسيسه عدد من الدول، واختارت الرياض مقراً له ليكون مرجعاً رئيسيا في مكافحة الفكر المتطرف، من خلال رصده وتحليله؛ للتصدي له ومواجهته والوقاية منه، والتعاون مع الحكومات والمنظمات لنشر وتعزيز ثقافة الاعتدال. متكئا على ركائز أساسية ثلاث وهي مكافحة التطرّف وبأحدث الطرق والوسائل فكريا وإعلاميا ورقميا.. حيث يطور المركز تقنيات مبتكرة يمكنها رصد ومعالجة وتحليل الخطاب المتطرف بدقة عالية. ما الذي أود قوله بعد كل هذا العرض؟ "السعودية الجديدة" لن تقبل بأي خطاب متطرف، مهما كانت دوافعه وطريقته.. وأن التسامح هو المشروع الأهم والأشمل. والسلام