أكد باحثون في مؤتمر الإسلام السياسي بأوروبا الذي انعقد بمبادرة من معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا، وجامعة بادوفا، وجامعة بيومنتي أورينتالي، ومؤسسة "مؤمنون بلا حدود" للدراسات والأبحاث، إضافة إلى مؤسسة تشيني، والمركز الجامعي للثقافة والقانون والأديان، أن الإرهاب القطري يتوسع في القارة الأوروبية عبر تفريخ المتطرفين، ووجهوا أصابع الاتهام للدوحة بدعم جماعات "الإسلام السياسي" لنشر التطرف. وبحسب المؤتمر لم تكن القارة العجوز بمنأى عن الأيادي القطرية، التي طالت جميع المنظومات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط والعالم دعماً وتمويلاً وترويجاً، لتجعل من أوروبا محطة جديدة لإرهابها عبر دعم جماعات الإسلام السياسي، التي أسهمت في تفريخ عناصر متطرفة لا حصر لها. وقال المشاركون في المؤتمر: "إن الجماعات التي مولتها الدوحة على امتداد القارة الأوروبية، عبر توفير الدعم المالي الكامل لما يربو على ال242 جمعية إخوانية في فرنسا، سيطرت على اتحاد المنظمات الإسلامية "لواف"، كما تؤكد الإحصاءات كذلك أن النظام القطري ضخ 257 ألف يورو حسب سجلات بنكية، لتمويل الجماعات الإرهابية داخل الأراضي الهولندية، تحت ستار المدارس الدينية والجمعيات الخيرية، كذلك لا يخفى على الجميع دور الدبلوماسي القطري خالد الخاطر في تمويل الخلايا الإخوانية في أوروبا، وتسهيله لعملية التحاق مغربيين وهولنديين بالجماعات المتطرفة في سورية والقتال في صفوفها". ويعتبر مفتي الإرهاب القطري يوسف القرضاوي أول من أثار خلافات لدى مسلمي أوروبا عبر جماعته المتمثلة في مجلس الإفتاء الأوروبي، بحسب ما أكد أستاذ الدراسات الإسلامية، في الجامعة الأميركية في بيروت، د. رضوان السيد، مشيراً إلى أن إخونجية القرضاوي قاموا بتوظيف المجلس لمصلحة جماعتهم في حين أنه رسمياً، كان من المفترض أن يلعب دوراً يسهم في تسهيل الحياة المجتمعية، أي إصدار الفتاوى، باعتبار المسلمين كانوا أقلية، والنتيجة، أنهم صعبوا على المسلمين الاندماج، وليس العكس، ولكن الخطاب الإخونجي القطري لمسلمي أوروبا يرتكز على أن الغرب يمثل عدواً للمسلمين وهو الأمر الذي يخالف الواقع، حيث يعيش المسلمون في هذه البلدان كمواطنين من الدرجة الأولى لهم ما للمجتمع وعليهم ما عليه، بيد أن المدارس الإخوانية القطرية تعمل على اختراق المجتمع المسلم عبر مثل هذا الخطابات. كما تعمدت تلك الجماعات إلى استخدام لغة مزدوجة، تظهر للحكومات الأوروبية أن جماعة الإخوان والإسلام السياسي ليسوا المشكلة التي يجب أن يتعاملوا معها، ولا تكتفي بالتلون والالتفاف لتتبنى خطابات تعمق الفرقة في المجتمعات وتؤدي إلى الاستقطاب وتغذية التطرف والعنف، ما أدى لتضرر المجتمعات وانهيار الدول. وهي النقطة ذاتها التي أثارها مدير مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" محمد العاني في ندوة البندقية، مشيراً في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه عبدالله ولد أباه، إلى أن التطرف الديني يمثل أبرز التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي، وأن المجتمعات المسلمة اكتوت بناره مثلما أصابت المجتمعات الأوروبية. وشاطر مدير معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا بإسبانيا، محمد بنصالح، العاني الرؤية نفسها، مشيراً لدى حديثه في الندوة إلى أن تيارات الإسلام السياسي تمثل كارثة في أوروبا، لكونها تصور نفسها على أساس أنها المدافع عن هوية الأمة الإسلامية ضد العولمة. وبين بنصالح أن انتشار ظواهر التطرف الديني وفشل الاندماج يعدان من مؤشرات أزمة الدول الأوروبية المعاصرة التي بنيت على القانون والعقد الاجتماعي. فيما أكد مدير المركز الجامعي للثقافة والقانون والأديان بجامعة بييمونثي أوريو نثالي الإيطالية، روبيرتو ماتزولا، أن ظاهرة الإسلام السياسي أضحت أمراً مؤرقاً للجميع في أوروبا والعالم العربي، مشدداً على ضرورة الاستمرار في مشروعات تدريب الأئمة، كون الإمام يضطلع بدور أساسي في التفاعل مع التحديات المشتركة التي تواجه الجميع. ورأى مدير أبحاث الدين والسياسة والمواطنة، في جامعة بادوفا بإيطاليا، ستيفانو أليفي، أننا بحاجة لتدقيق مفهوم المهاجر من الأجيال الثانية لدى المسلمين في أوروبا خصوصاً المغاربة والباكستانيين، للتصدي لمحاولة الجماعات المتطرفة السيطرة عليهم. بدوره، أكد الباحث في الإسلام السياسي بكلية لندن للاقتصاد، طاهر عباس، أن هناك حضوراً كبيراً في أوروبا للمؤلفات التي ألفها كتاب إسلاميون متطرفون، من قبيل كتب سيد قطب، والنتيجة أن الشباب المسلم يعيش نقصاً كبيراً في فهم تاريخه الثقافي والديني. وأكد الباحث في الدراسات الشرقية بجامعة ميلانو الكاثوليكية في إيطاليا، باولو برانكا، أن دور الإسلام السياسي هو دور أيديولوجي بخطاب ينتصر للبلاغة، ويكاد يكون منفصلاً عن التاريخ، محذراً من أن الإسلام السياسي في أوروبا يصر على أدجلة القضايا العربية والإسلامية مثل القضية الفلسطينية لمآربه الخاصة، وشدّد على أن هناك دوراً تجديدياً كبيراً ينتظر الشباب المسلم المعاصر في أوروبا، يهم التدين والثقافة الإسلامية، لافتاً إلى أن القضايا والقلاقل بالشرق الأوسط تنتقل إلى أوروبا مع المهاجرين المسلمين، وهذا يُغذي أفكاراً سلبية تمس صورة الإسلام والمسلمين. المؤتمر وجه أصابع الاتهام للدوحة بدعم جماعات الإسلام السياسي