من أجمل الأخبار المبشرة التي حملها التشكيل الجديد للاتحاد السعودي لكرة القدم هو اختيار الأسترالي جيمس كيتشينج رئيسًا للجنة الانضباط والأخلاق بدايةً من أول يناير المقبل، بعد النجاح المبدئي للإنجليزي مارك كلايتينبيرج كرئيس للجنة الحكام؛ وامتدادًا لنجاح تجربة الحكم الأجنبي في المنافسات السعودية، خصوصاً وأن هاتين اللجنتين كانتا من أكثر اللجان إثارة للجدل في الكرة السعودية، ومن أكثر اللجان التي كانت سببًا في إثارة الشارع الرياضي؛ وأكثرها أخطاءً وتخبطًا وتأثيرًا على عدالة المنافسة في وقت مضى. السيرة الذاتية لكيتشينج تدعو للتفاؤل، من خلال عمله منذ 2012 كرئيس للخدمات القانونية الرياضية والحوكمة والانضباط في قسم الشؤون القانونية في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وكمحاضر منذ 2015 في برنامج ماجستير الفيفا في الإدارة والقانون الرياضي، وكعضو في لجنة الاستئناف باللجنة الأولمبية الأسترالية عام 2016، إضافة إلى اختياره عضوًا في لجنة الانضباط في تجمع النزاهة الرياضية الإلكتروني، ومشاركته قبل ذلك في بعثات "فيفا" إلى آسيا لمراجعة القوانين وتشكيل غرف المنازعات الوطنية؛ ثم اختياره قبل شهرين من قبل المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة مستشارًا قانونيًا لشؤون الرياضة وتكليفه بمراجعة وتحديث كل الأنظمة واللوائح السارية بالمملكة، والعمل على تطويرها بما يتناسب مع مستقبل الرياضة السعودية. أمَّا أكثر ما يجعلني أتفاءل بنجاح كيتشينج هو أنَّه لن يتأثر كأسلافه بما تطرحه وسائل الإعلام وتحديدًا البرامج الفضائية التي كانت كثيرًا ما كانت تنحاز، فتثير حالاتٍ انضباطية وتتجاهل أخرى تبعًا للميول والأهواء ولون القميص الذي يرتديه هذا اللاعب وذاك؛ ولن يتأثر بالحملات الإعلامية التي لطالما استطاعت أن تصنع قرارات انضباطية بسبب ضعف اللجان السابقة وتأثرها بتلك الحملات، بل ستكون العقوبات الانضباطية في العهد الجديد منضبطة ومرتبطة بما يحدث في أرض الملعب وما تنقله كاميرات الناقل الرسمي للمنافسات، دون اللجوء إلى "سيديات" وهمية لشرعنة القرارات، ودون انتظار برامج المساء للتعاطي مع ما تطرحه أو تجاهل ما تتجاهله. مهمة جيمس كيتشينج لن تكون سهلة بطبيعة الحال؛ والمتضررون من العهد الجديد الذي لن يفرِّق بين الألوان ولن ينظر لحجم الطرف المعاقب ولا جماهيريته ولا آلته الإعلامية لن يسكتوا، ولن يكون كيتشينج بمنأى عن نيران الحملة التي بدأت تطل برأسها ضد الإنجليزي مارك كلاتنبيرغ رئيس لجنة الحكام، لكن ما يدعو للتفاؤل بعدم تأثر الرئيس الجديد للجنة الانضباط بتلك الحملات هو أنَّه لن يكون متابعًا لحفلات الردح الفضائية اليومية؛ إضافة إلى الثقة التي جاء متسلحًا بها من قبل القيادة الرياضية السعودية، لذلك سيكون الأمل كبيرًا بأن ينجح هذا الرجل في انتشال هذه اللجنة التي ظلت طيلة السنوات الماضية مصدرًا للجدل والإثارة بقراراتها المتناقضة والمتفاوتة.