شهدت حياة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح -والذي قتل غدرا على يد مليشيا الحوثي- العديد من المحطات المضطربة كان أبرزها حروبه مع الحوثيين ثم تحالفه معهم وأخيرا انفصاله عنهم قبل أيام من استهدافه داخل منزله ثم التمثيل بجثته في الشارع وتصويره جثة هامدة. ولاشك أنه يحسب لصالح وقوفه -قبل مقتله بثلاثة أيام- بموقف وطني واضح في وجه مليشيا الحوثي وأجندتهم الإيرانية العابثة بأمن اليمن والمنطقة، ودعوته الصريحة بالانقضاض على الحوثيين وتطهير اليمن من أعمالهم الخبيثة. ولد علي عبدالله صالح عام 1942 في قرية البيت الأحمر في قرية الأحمر بسنحان خارج العاصمة صنعاء. فقد والده وهو في سن صغيرة وتربى على يد زوج والدته في تلك القرية، وكانت أسرته تعمل بالزراعة ورعاية الأغنام ولذلك تنقلت أسرته بين القرى في أيام الجفاف بحثا عن المرعى. التحق ب»معلامة» وهو تعليم يقتصر على حفظ القرآن وتعلم القراءة والكتابة، وقال صالح بنفسه إنه تمكن من الالتحاق بالجيش ومن ثم لمدرسة الضباط عام 1960 وهو في الثامنة عشرة من عمره عن طريق وساطة قبلية. ومع قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م التحق علي عبدالله صالح بالقوات الجمهورية وكُلف صالح بحماية مواقع للجيش الجمهوري في صنعاء ورقي إلى رتبة ملازم ثانٍ عام 1963. تدرج في حياته العسكرية حيث التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات كقائد فصيلة دروع ثم قائد سرية دروع وترفع إلى أركان حرب كتيبة دروع ثم قائد تسليح المدرعات تلاها كقائد كتيبة مدرعات إلى أن أصبح قائدا للواء عسكري في محافظة تعز اليمنية عام 1978م، وفي ذلك العام اغتيل الرئيس اليمني أحمد الغشمي، ليتولى عبدالكريم العرشي الرئاسة مؤقتاً قبل أن يتنحى، ليصل صالح إلى الحكم ويصبح سادس رئيس للجمهورية العربية اليمنية، بعد أن انتخبه مجلس الرئاسة بالإجماع ليكون الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية. كان أول قرار اتخذه عقب توليه الرئاسة في 10 أغسطس 1978 هو إعدام ثلاثين شخصا متهمين بالانقلاب على حكمه ثم قام بتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام. في يوليو 2005م أعلن صالح أنه لن يترشح لرئاسة الجمهورية في الفترة المقبلة، وكرر هذا التصريح أكثر من مرة، ولكنه في العام 2006 أعلن ترشحه للرئاسة وقال إنها إرادة الشعب. معارك صالح خلال صيف العام 1994م خاض صالح حرباً مع قيادات جنوبية انفصالية، وأحكم قبضته على البلاد، واندلعت الخلافات بين صالح وجماعة الحوثي المسلحة التي أعلنت تمردها على الدولة اليمنية في يونيو 2004 خاض صالح والحوثي خلالها الحروب الست أو «نزاع صعدة» وانتهت الحرب الأولى منها بمقتل حسين بدر الدين الحوثي مؤسس جماعة الحوثي، ولكن الحروب اشتعلت من جديد في مارس 2005م وحتى فبراير 2010. وفي 27 يناير 2011 اندلعت الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط صالح، على غرار ثورة تونس وثورة مصر، وهو ما أدى إلى انقسام المؤسسة العسكرية اليمنية، ما دفع دول الجوار إلى تبني المبادرة الخليجية التي تضمنت تخلي صالح عن رئاسة البلاد مقابل بقاء حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه شريكاً في حكومة انتقالية، وبالفعل أعلن صالح أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة ولن يورث الحكم لابنه. وبعد تحالف لمدة ثلاث أعوام تفجرت الأوضاع بين صالح والحوثي واندلعت شرارة الخلافات بينهما قبل أيام من مقتله، لوضع حد لانقلاب الحوثيين إلى أن وصلت لاشتباكات مباشرة بين عناصر الطرفين في الأيام الأخيرة في صنعاء، لتنتهي بمقتل صالح في منزله والتمثيل بجثته في الشارع. الموقف الأخير قال صالح في اللقاء الأخير له يوم 2 ديسمبر بعدما أعلن فض الشراكة مع الحوثي: «إن ساعة الصفر قادمة على صعيد المعارك في صنعاء.. كان لابد من إنقاذ البلاد من حماقة جماعة الحوثي»، مؤكدا أنه سيفتح مع الأشقاء في الخليج صفحة جديدة ويتعامل معهم بحكم الجوار وبشكل إيجابي. وأكد صالح أن عناصر من «أنصار الله» قاموا باقتحام دور العبادات بدون أي وجه حق مدججين بكل أنواع الأسلحة استخدموا فيها كل العيارات النارية، ثم تلاها اقتحام عدد من المنازل للقيادات السياسية للمؤتمر الشعبي العام وبعض الضباط من القوات المسلحة الحرس الخاص في مساكنهم بدون أي وجه حق أو مسوغ قانوني. وأكد صالح أنه نتيجة تلك الاعتداءات تحرك الشعب اليمني في صنعاء وفي كل المديريات والمحافظات بانتفاضة ضد هذا العدوان السافر، وذلك من خلال ما يعانيه الوطن خلال ثلاث سنوات عجاف. حياة مع الموت تعرض صالح للاغتيال 5 مرات، ففي يونيو 2011 عندما خرجت المظاهرات المطالبة بإسقاطه نجا من الموت ولكنه أصيب بحروق بالغة، وفي يونيو 2015م تم محاولة استهدافه بإطلاق نار، والمرة الثالثة كانت في سبتمبر من العام 2016م عندما تم إحباط محاولة لاغتياله داخل مسجد أثناء الصلاة، وفي أكتوبر من العام 2016م حاصرت مليشيا الحوثي صالح بجبل النقم في صنعاء ووقعت اشتباكات بين حرسه والحوثيين ولكنه لم يتأذَ، والمرة الخامسة والأخيرة التي نجا منها كانت في أغسطس الماضي، حيث ترقبه الحوثيون أثناء خروجه من منزله إلى ميدان السبعين لحضور الاحتفالات بذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام، ولكنه نجا أيضا.