أدخلت سياسة حكومة قطر بلادها في نفق مظلم جرت فيه البلاد لوضع اقتصادي يزداد تأزماً يوماً بعد يوم مع توالي ظهور المؤشرات الاقتصادية السلبية منذ بداية مقاطعة دول الجوار ودول عربية أخرى لعلاقتها مع قطر بسبب دعمها للإرهاب. وقد أدت المقاطعة لانخفاض حاد وتاريخي لسعر الريال القطري مما دعي بنوك عالمية إلى وقف التعامل مع الريال القطري كما أدت المقاطعة إلى ارتفاع معدل التضخم بسبب ارتفاع تكلفة النقل البري والبحري والجوي وانخفاض كفاءة الاستيراد مما أدى لشح في السلع الأساسية وضرر كبير في مستوى إنجاز الأعمال الإنشائية الضخمة الخاصة بالمشروعات المرتبطة بمونديال كأس العالم على الرغم من وجود محاولات يائسة لتجاوز الأزمة بطلب مساعدة كل من إيران وتركيا لتوفير المواد الغذائية والإنشائية إلا أن هذه العلاقات الاقتصادية لا يمكن أن تكون استراتيجية بسبب الثمن الذي تطلبه تلك الدول مقابل ذلك الانعاش وهو ما يصطدم بحاجز انعدام ثقة ورفض المجتمع القطري لمشروعات تلك الدول كما أن تكلفة النقل وجودة السلع يجعل من الصعوبة توفيرها بالطريقة والجودة والسعر الذي كانت عليه قبل الأزمة. بعد يومين فقط من بداية الأزمة مع الدوحة وتحديداً في 7 يونيو 2017 بدأت وكالات التصنيف الائتماني سلسلة عمليات خفض التصنيف الائتماني وما زالت مستمرة في عملية الخفض نتيجة استمرار عملية السقوط الحر للاقتصاد القطري وقد بدأت وكالة "ستاندارد أند بورز" بعمليات الخفض وتلتها وكالة "فيتش" و"موديز" وكان آخر عملية خفض للتصنيف الائتماني في 28 أغسطس 2017. ويعد التباطؤ الحاد والحتمي للاقتصاد وارتفاع المخاطر أهم الأسباب التي أدت لذلك الخفض والتي ستؤدي لمزيد من عمليات الخفض التي ستعمق حجم الضرر الواقع على الاقتصاد القطري إذا لم تتخذ الحكومة قراراً استراتيجياً يحل الأزمة. ومما عمق المشكلة الخفض الآخر للتصنيف الائتماني لكبريات الشركات القطرية التي تمتلك الحكومة حصصاً كبيرة فيها مثل بنك قطر التجاري وبنك الدوحة وبنك قطر الإسلامي والخطوط القطرية وشركة الاتصالات القطرية وغيرها. النزيف الذي يتعرض له الاقتصاد القطري حاد والضغط على مكونات الاقتصاد هائل رغم القدرة على المكابرة والمعالجة الجزئية من خلال اللجوء للاحتياطات النقدية (36 مليار دولار) في مواجهة احتياجات الإنفاق العام وتسديد جزء من الدين العام (120 مليار دولار) إلا أن الاستمرار في ذلك سيؤدي إلى نفاد الاحتياط النقدي أو انخفاضه بشكل حاد وهو ما سيدخل الاقتصاد القطري في متاهات أخرى في ظل صعوبة تسييل استثمارات صندوق الاستثمارات العامة بشكل سريع ودون خسائر( 335 مليار دولار).