قال عدد من المحللين والاقتصاديين إن تخفيض التصنيف الائتماني لقطر بسبب عدم وجود الأمان الاستثماري والتقلبات التي تحدث فيها الآن على المستويين المحلي والدولي، يضع اقتصادها أمام مخاطر جمة مستقبلا، تتسبب في إحجام المستثمرين عن دخول السوق القطرية. وأكدوا ل"الاقتصادية"، أن نزوح الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية، وسحب الودائع من المصارف القطرية، أدى إلى حدوث هزة في القطاع المصرفي، الأمر الذي يهدد وضع الاقتصاد القطري على المدى القصير. وكانت وكالة ستآندرد آند بورز قد أكدت تصنيفها الائتماني لدولة قطر عند AA-، وعدلت النظرة المستقبلية إلى سلبية. وتوقعت الوكالة أن يفضي قطع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب للعلاقات الدبلوماسية مع قطر إلى تباطؤ نموها الاقتصادي وعرقلة الأداء المالي. ووفقا ل"رويترز"، تعززت النظرة المستقبلية السلبية نظرا للتداعيات المحتملة للعزلة على الاقتصاد والميزانية القطرية. وقالت ستآندرد آند بورز إن التوترات الحالية تزيد من صعوبة التنبؤ بالسياسات خاصة بالنسبة لقطر. وقال الدكتور أسامه فلالي أستاذ الاقتصاد في جامعه الملك عبدالعزيز، إن الوضع الاقتصادي لقطر أصبح أسوأ مما كان، حيث إن الاستيراد بات مكلفا أكثر من السابق، والمنتجات تضاعفت أسعارها نتيجة زيادة تكلفة الشحن والاستيراد. وأضاف أن هناك موجة غلاء كبيرة في قطر بسبب تصرفات الحكومة القطرية، التي أدت إلى هذا التضخم الجامح، وسط عزوف المستثمرين عن دخول سوقها، فضلا عن وقف رجال الأعمال التوسع في مشروعاتهم القائمة، حيث أجل كثير من المستثمرين دخول السوق القطرية حتى تتضح الرؤية المستقبلية. بدوره، أكد محمد السويد مختص اقتصادي أن الوضع الاقتصادي في قطر سيئ جدا، ويتجه للأسوأ، في ظل عدم قدرة المصارف على توفير سيوله لاحتياطياتها، مبينا أن هناك انكماشا اقتصاديا واضحا بسبب قطع العلاقات معها، وتدريجا سوف تتعطل ماكينة القطاعات بأنوعها كافة. وأشار إلى أن مثل هذه التصنيفات دائما ما تكون الدليل لأي مستثمر فيما إذا كان دخول هذه السوق مشجعا للاستثمار أو طاردا له، موضحا أن المستثمرين يهتمون بالوضع الاقتصادي المستقر للدول على المدى الطويل. ويرى محللون أن التصنيفات السلبية تزيد من صعوبة الحصول على تمويل من السوق العالمية، فضلا عن مواجهة تحديات في جذب رؤوس الأموال، فكلما كان التصنيف إيجابيا أسهم في تقليل المخاطر الاستثمارية والتمويلية. وقالت إيمي ماكليستر؛ الخبيرة المالية في مؤسسة "أكسفورد إيكينوميكس" في وقت سابق إن بيانات البنك المركزي تظهر أن الاحتياطيات المالية أصبحت في أدنى مستوياتها منذ أيار (مايو) 2012. وأوضحت، أن "عدم الاستقرار دفع مصارف وواجهات استثمارية إلى سحب أموال من قطر ما أدى إلى تراجع الاحتياطيات"، مضيفة أن البنك المركزي "يستخدم احتياطياته لدعم العملة المحلية في مواجهة الدولار". وعمدت "أكسفورد إيكينوميكس" إلى خفض نسبة النمو المتوقعة في قطر لعام 2017 من 3.4 في المائة إلى 1.4 في المائة بعد بدء الأزمة ورفع نسبة التضخم إلى 1.8 في المائة، بعدما كان من المتوقع أن تبلغ 1.5 في المائة، وخفضت مؤسسات مالية متخصصة كبرى بينها "موديز" تصنيفاتها الائتمانية لقطر. وأكد اقتصاديون أن مقاطعة الدوحة ستكون لها تداعيات على الاقتصاد القطري وتبعات موجعة على المواطنين القطريين من الناحية الاقتصادية، خاصة مع تشبث قطر بموقفها المتعنت. وذكروا أن الاقتصاد سيتكبد خسائر فادحة إذا استمرت المقاطعة طويلا، وأن المواطنين وسكان قطر سيشعرون بتبعات ثقيلة من جراء تعنت وتصلب الموقف القطري الذي سيوجد معه مقاطعة اقتصادية أوسع من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. ونصحوا الشركات الأجنبية في قطر بضرورة التدقيق في سلامة ملفات شركائها داخل قطر في الفترة المقبلة، مع البحث عن قنوات توزيع جديدة علما أنها ستكون مكلفة، كما نصحت الشركات الأجنبية بالتحوط من سعر صرف الريال القطري، تحسبا من التذبذب المتوقع للريال مع استمرار المقاطعة. وأشاروا إلى أن شركات التجزئة العاملة في قطاع الأغذية ستعاني انخفاض هوامش أرباحها في حال اتبعت الحكومة سياسة مراقبة الأسعار لمواجهة ارتفاع التضخم، كما سيعاني قطاع السياحة والفنادق تداعيات الأزمة. أما فيما يتعلق بالشركات العاملة في التشييد والبناء، خصوصا تلك العاملة في مشاريع مونديال 2022، نصحوها بأن تحذر قبل تطبيق أي اتفاق أو استثمار مبالغ كبيرة. ووفقا ل"رويترز"، فإن المصارف القطرية بدأت تتجه إلى آسيا وأوروبا بحثا عن التمويل بعد أن سحب عملاء من دول عربية أخرى مليارات الدولارات من حساباتهم عقب قطع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب العلاقات مع الدوحة. ورغم أن الحكومة القطرية أودعت مبالغ كبيرة في البنوك للمساعدة في تعويض التدفقات الخارجة فإن البنوك تحاول إيجاد مصادر تمويل خاص جديدة إذ يحذر محللون من احتمال أن تشهد سحب مبالغ كبيرة من خزائنها في الأشهر المقبلة.