تتصدر المملكة المشهد في المنطقة متمركزة في مكانها الطبيعي حاملة لواء القيادة. تاريخ جديد وملهم تتم صناعته للأجيال السعودية القادمة في شؤون سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها وهذه المهام ليست بالسهلة أو خالية من التحديات الاستثنائية وتربص المتربصين. تعلمنا من مختصي الأمن المعلوماتي أن من أهم خطوات التحصين في الأمن الإلكتروني هو ألا تجعل من نفسك هدفا أو أن تصنع خصوما، ولكن القول في كثير من المواضع أسهل من الفعل. عندما يكون قدر المملكة أن تأخذ على عاتقها أعمالا قيادية في المنطقة وتتولى ملفات حساسة داخليا وخارجيا مثل مكافحة الإرهاب والتطرف ومكافحة الفساد والتصدي لنفوذ إيران في المنطقة، فكل هذه المهمات تصنع من المتضررين خصوما وأعداءً وتجعل من المملكة هدفا لأعمالهم الانتقامية. لذا وفي فترة وجيزة كانت هناك قرارات استراتيجية صدرت بمختلف المستويات تختص بالشأن الأمني الإلكتروني وتصب في حفظ المصالح الوطنية وتحقيق أهداف الرؤية في رحلة آمنة ومخاطر في أقل مستوياتها. الأمر الملكي باستحداث هيئة ترتبط بمقام خادم الحرمين كان أمرا حكيما لا بد منه في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها البلاد لحفظ مصالحها الحيوية والبنى التحتية لتكون رافدا أساسيا لتأمين وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. تصعيد الأمن السيبراني وتمثيله في أعلى المستويات مثل أن يكون رئيس مجلس إدارة الهيئة عضوا في مجلس الوزراء هي ممارسة فعالة وحديثة استشعر جدواها والحاجة لها كبرى الشركات والمؤسسات مؤخرا عبر تمثيل الأمن الإلكتروني في مجالس الإدارات ومجالس مديري العموم. اللجنة الأولمبية السعودية تسهم كذلك في دور محوري مهم لتحقيق أهداف رؤية المملكة عبر اتحادها الجديد اتحاد الأمن الإلكتروني والبرمجيات، والذي سيعمل ليكون بيتاً لشباب وشابات الأمن الإلكتروني والبرمجة يتم فيه اكتشاف مواهبهم وصقلها وتقديم الدعم المعرفي والمادي والمعنوي ليكون محركا لصنع موارد بشرية تقدم إسهاماتها في المجال الرقمي والبنى الحيوية للوصول لأهداف الرؤية. مؤسسة النقد العربي السعودي وإن تأخرت في قرار الموافقة على السماح لشركات التأمين في السعودية ببيع منتج التأمين "إدارة المخاطر السيبرانية للشركات" فهي خطوة مهمة جدا لدعم الاقتصاد الداخلي للمملكة بأن يكون هناك منتج وطني يمكن للشركات السعودية وخصوصا الصغيرة منها والمتوسطة من شرائه بدلا من البحث عن شركات تأمين خارجية. توفير هذا المنتج يقلل من المخاطر المترتبة من التهديدات السيبرانية وبهذا يكون عاملا مطمئنا ودافعا لهذه الشركات الصغيرة والمتوسطة للتوسع في تقديم خدماتها والوصول لشريحة كبيرة من الخدمات كانت التهديدات السيبرانية من أكبر عوائقها. جميع هذه القرارات والإجراءات الصادرة في وقت وجيز والمتسقة مع الظروف والحاجة الداخلية والخارجية هي مؤشر بأن صانع القرار في الميدان متفاعل وسريع التجاوب لتوفير بيئة قادرة لتجاوز الصعاب وأن رؤية 2030 هي عقيدة كل قرار. * مختص في تقنية المعلومات د. عدي بن محمد الحضيف *