البديوي: إحراق مستشفى كمال عدوان في غزة جريمة إسرائيلية جديدة في حق الشعب الفلسطيني    منع تهريب 1.3 طن حشيش و1.3 مليون قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    جمعية(عازم) بعسير تحتفل بجائزة التميّز الوطنية بعد غدٍ الإثنين    مراكز العمليات الأمنية الموحدة (911) نموذج مثالي لتعزيز الأمن والخدمات الإنسانية    الهلال يُعلن مدة غياب ياسر الشهراني    جوائز الجلوب سوكر: رونالدو وجيسوس ونيمار والعين الأفضل    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بمعسكر قطر ويستعد لمواجهة الخليج الودية    ضبط 23194 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.. وترحيل 9904    بلدية محافظة الاسياح تطرح فرصتين استثمارية في مجال الصناعية والتجارية    حاويات شحن مزودة بنظام GPS    الأونروا : تضرر 88 % من المباني المدرسية في قطاع غزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب الفلبين    مهرجان الحمضيات التاسع يستقبل زوّاره لتسويق منتجاته في مطلع يناير بمحافظة الحريق    سديم "رأس الحصان" من سماء أبوظبي    أمانة القصيم توقع عقد تشغيل وصيانة شبكات ومباشرة مواقع تجمعات السيول    «سوليوود» يُطلق استفتاءً لاختيار «الأفضل» في السينما محليًا وعربيًا خلال 2024    الصين تخفض الرسوم الجمركية على الإيثان والمعادن المعاد تدويرها    المكسيك.. 8 قتلى و27 جريحاً إثر تصادم حافلة وشاحنة    بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس.. ماذا حدث للمسبار «باركر» ؟    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    انخفاض سعر صرف الروبل أمام الدولار واليورو    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    دبي.. تفكيك شبكة دولية خططت ل«غسل» 641 مليون درهم !    «الجوير».. موهبة الأخضر تهدد «جلال»    ابتسامة ووعيد «يطل».. من يفرح الليلة    رينارد وكاساس.. من يسعد كل الناس    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    السعودية تقدم دعمًا اقتصاديًا جديدًا بقيمة 500 مليون دولار للجمهورية اليمنية    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    رفاهية الاختيار    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله العويِّد.. صاحب أول إذاعة شعبية بالرياض
نشر في الرياض يوم 24 - 11 - 2017

ظل اسمه طيلة السبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات الهجرية، يتردد في المجالس العامة والخاصة، عُرف بين الناس بإذاعته الشهيرة «إذاعة طامي» التي خلبت ألباب مستمعيها، وأثارت دهشة متابعيها، لاسيما أن إبداعات صاحبها لم تقف على إذاعته الشعبية وبرامجه الإعلانية والخدمية، بل تجاوزتها إلى عدد من المكتشفات والابتكارات التي تمنى الكثيرون لو أنها دعمت وطورت من جهات مؤسسية مختصة لتُقدم بصورة أقوى وأمثل.
ولد عبدالله بن سليمان العويد المشهور ب «طامي»، في بريدة بالقصيم عام 1341ه، وبعد ختمه القرآن الكريم في العاشرة من عمره وبعد أن تخرج من الكتاتيب قام بالتدريس بعض الوقت، ثم سافر بعدها إلى الأردن والشام وساهم مع الجيوش العربية في مقاومتها للجيش الفرنسي وهناك أتقن العلوم السلكية واللاسلكية والإلكترونيات والأسلحة والمتفجرات، وحصل على رتبة ضابط ملازم، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية أقيم احتفال كبير في دمشق حضره الأميران فيصل ومنصور أبناء الملك عبدالعزيز فاطلعا على أوراقه وشهاداته والنياشين فدعاه الأمير منصور، وزير الدفاع وقتها في المملكة، وكلف القنصل السعودي بالشام رشيد بن ليلى بمساعدته على إنهاء إجراءات خدمته بالجيش، إلا أن التأخر في استلام الرواتب اضطره لممارسة الأعمال الحرة، ولأنه كان شاباً مبدعاً متعدد المواهب، فقد عمل في مجال الديكور والزخارف والتصاميم لمدة عشر سنوات أخرى.أول ورشة
عاد "طامي" إلى المملكة وهي في بداية نهضتها، وبعد زيارته لوالدته بمسقط رأسه مدينة بريدة، سمحت له بالذهاب إلى الرياض للبحث عن عمل، وبحكم خبرته في الإلكترونيات، أراد أن يفتح ورشة لإصلاح "الراديو"، فوجد صعوبة لتشدد البعض، فهداه تفكيره لصناعة كرسي متحرك مجهز بالصوت والتلفون والتسجيل والراديو وقدمه هدية للملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- فأعجب به وكافأه بألفي ريال فرنسي.
تعرف العويد على الأمير أحمد بن عبدالرحمن الذي أصبح يزوره ويسمع من عنده أخبار العالم بالراديو فيبلغها بدوره للملك عبدالعزيز، وعند قرب موسم الحج اتجه إلى مكة المكرمة حيث فتح أول ورشة لإصلاح الراديو والتسجيل بالمملكة عام 1371ه. وبعد عشر سنوات عاد للرياض وإذ المذياع قد انتشر بين المواطنين فقرر إنشاء إذاعة محلية لإذاعة الأخبار والبرامج المسلية والأغاني الشعبية، مستخدماً مرسلة لاسلكية قديمة حولها إلى مرسلة إذاعية على الموجة القصيرة.
إذاعة شعبية
بعد أن أجرى عبدالله العويد التجارب اللازمة وبدأ البث استأذن من وزير المواصلات الذي رفع طلبه بدوره لمجلس الوزراء، فصدرت الموافقة الملكية بالترخيص والحماية والتشجيع بمبلغ عشرة آلاف ريال، ويذكر أنه افتتح الإرسال بكلمة وعظ وإرشاد للشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- وبدأ المواطنون يستمعون للإذاعة وقت بثها ولقيت ترحيباً فوق المتوقع ما جعل بعض مهندسي اللاسلكي في الوزارة يطلبون الترخيص لهم ففتحوا إذاعة سموها "الإذاعة الهندسية بالرياض"، إلا أنها لم تستمر.
شارع الوزير
بعد قدوم الملك سعود من العلاج في الخارج، سمع إذاعة "طامي" فأعجب بها وبطرافة برامجها فبعث لعبدالله العويد، بسيارة وخمسة آلاف ريال، فتشجع لتطوير وتوسيع الإرسال، فاستأجر شقة في أعلى عمارة بالرياض، وهي عمارة الأمير محمد بن سعود بشارع الوزير أمام المقر القديم لمبنى شرطة النجدة، وكان يستخدم بعض الأشجار القريبة من العمارة ليضع عليها مقويات إذاعته، وخلال أسبوع أضاف لإذاعته مرسلتين إضافيتين فأصبحت تسمع في الدول المجاورة من الخليج إلى مصر والسودان والشام والعراق واليمن، وسماها "إذاعة طامي الوطنية بالرياض"، ويذكر أن أول من أطلق على الإذاعة اسم "طامي" كان الأمير نايف بن عبدالعزيز.
واعتبر العويد ما سبق بثاً تجريبياً أوليًا، وافتتح الإرسال التجريبي الثاني بقوله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم أطيب تحية وأحيي هذا اللقاء مرة ثانية فبالروح الوطنية أرجو التكرم بما تسمعوه وتعلموه من هذا الصوت من حيث القوة والوضوح والزمن والمسافة عن الرياض، وإني أعلم أن إرسالي متشعب إلى ما وراء البحار ولكني بحاجة إلى شهادتكم برسائلكم فكلنا خدم لهذا البلد الطاهر بمقدساته وحكومته الوطنية.
استمر هذا الإرسال التجريبي الثاني لمدة شهر بدون انقطاع فجاءته التقارير والرسائل من كافة البلدان العربية وإيران فجمع الرسائل والتقارير وقدمها لوزير الداخلية، فشجعه وشكره واستمرت الإذاعة لمدة 28 شهراً.
لقاؤه بالملك سلمان
بعد أن أنهت وزارة الإعلام التجارب على الإذاعة الرسمية وقرب افتتاحها رسمياً ذهب العويد إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض آنذاك، والذي حياه وشد على يده، وقال له: الآن انتهى دورك، فقد تم الانتهاء من الإذاعة الرسمية، ولتكن عوناً لها، وأعطاه خطابين الأول شكر ومكافأة مالية، والثاني لوزير الإعلام الشيخ جميل الحجيلان لتعيينه بالوزارة.
لم يتم تعيين العويّد في وزارة الإعلام، لأنه لم يكن يحمل مؤهلاً علميًا، ولأنهم اختلفوا في الدرجة التي يستحقها وانتهى الأمر بشراء وزارة الإعلام لأجهزته الإذاعية البسيطة بخمسين ألف ريال، واحتفظت الوزارة بالمرسلة الخاصة به كتحفة ضمن ما تقتنيه من أجهزتها القديمة حيث تفرغ عبدالله العويِّد بعدها لعمل خاص ببعض المبتكرات والاختراعات السمعية والبصرية، ومنصات على شكل أبراج تدور كدعاية يوضع بها التحف والهدايا، كانت هذه الأعمال كما هي أعمال "طامي" سابقة لأوانها، ولذا فقد كان الصحفيون آنذاك يتسابقون على تغطية ومتابعة أعماله، فالباحث في أرشيف الصحف اليومية سيقف أمام كم هائل من الأخبار والتقارير والتغطيات الصحفية لمشاريع ومبتكرات عبدالله العويد التي ملأت الصحف في الثمانينيات والتسعينيات الهجرية وكثيراً ما افتتح أمير الرياض أو أحد الوزراء في تلك الحقبة، معارض ومشاريع "طامي" ولا يكاد ذلك الجيل أن ينسى أجهزة التكيف التي ابتكرها عبدالله العويد وبدأ تصنيعها محلياً وافتتحت معارضها في حفل بهيج، ويذكر البعض أن الأمير سلطان -رحمه الله- وزير الدفاع والطيران عيّن العويّد في وزارة الدفاع وقد ظل بها لحين تقاعده.
إعلان عن المفقودات
كانت إذاعة طامي تبدأ بالأخبار التي يستهلها بعبارته الشهيرة "يقرؤها لكم أنا"، وكانت الإعلانات التي تذاع فيها في البداية عن المفقودات مثل الصكوك والأبقار والأغنام، وكان بث تلك الإذاعة من العاصمة الرياض، وعاصرت إذاعة "طامي" البدايات الصعبة للبث الإذاعي في المملكة، كما تبنت عدداً من الفنانين والممثلين، إضافة إلى نقل مباريات كرة القدم بين الفرق السعودية التي كانت تجرى في ملاعب الرياض‎.‎
الوحدة والهلال
ظهر صوت المعلق الشهير محمد رمضان لأول مرة عبر أثير إذاعة "طامي" في أول محاولة لنقل مباراة كرة القدم على الهواء مباشرة من ملعب الصايغ بالملز، في نهائي كأس الملك بين فريقي الهلال والوحدة، وذلك بتاريخ 20 / 8 / 1381ه، وإن كانت إذاعة أرامكو سبقتها في نقل بعض المباريات في المنطقة الشرقية عام (1379ه) وفقاً لما ذكره الباحث إبراهيم قدسي الذي سبق وأوضح أن والده المذيع الرياضي الشهير زاهد قدسي -رحمه الله- كان أول من علق على مباراة لكرة القدم في الإذاعة الرسمية وكان ذلك في نهائي كأس الملك بتاريخ 22 / 8 / 1382ه، بين فريقي أهلي الرياض (الرياض حالياً) وأهلي جدة برعاية وزير المعارف آنذاك عبدالعزيز آل شيخ والتي انتهت بفوز أهلي جدة بهدف سجله اللاعب "الكلجة"، بيد أن تعليق محمد رمضان كان في إذاعة خاصة أما زميله زاهد قدسي -رحمه الله- فكان عبر الإذاعة الرسمية بعد سنة من ظهور صوت محمد رمضان في إذاعة "طامي".
اقتصر نقل إذاعة طامي لتلك المباراة الشهيرة على تغطية الربع ساعة الأخير من أحداثها، وسط هتافات الجماهير التي كانت تردد "ألا يا الطير يا الأخضر وين ملقاك الليلة" و"هذي الكورة...هذي الكورة هذا الشعار الأخضر لا تلعب واياه" وقد زادت هذه الأهازيج من حماس المستمعين وسط صيحات الجماهير الغفيرة فوق مدرجات وأسوار ملعب الصايغ، وجاء ذلك بعد دعم مؤسس الملعب الشيخ محمد الصيغ رحمه الله، وكان المذيع محمد رمضان قد اقترح على "طامي" تخصيص إذاعة أخبار رياضية، ونقل أخبار أندية الشباب وأهلي الرياض والنصر والهلال والناصرية والكوكب والاتحاد والمريخ وفرق أخرى في حواري الرياض اندمج بعضها في الفرق الأربعة الكبرى في العاصمة (الشباب، الرياض، النصر، الهلال) وكما حرص رمضان على نقل المنافسات الرياضية لمعهد الأنجال وجامعة الملك سعود، التي كان رمضان أحد طلابها.
غرفة منزلية
كانت الإذاعة تبدأ بثها بعد صلاة العشاء لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً حسب البرامج وتوفر المادة، وكان "طامي" هو المذيع الوحيد يجلس أمام الميكروفون في غرفة داخل منزله ولا يخرج أبداً طوال فترة عمله إذ لا يوجد غيره في أمام ال "مايكرفون" فهو المعد والمخرج والمقدم، وكان "طامي" يتحدث للمستمعين على الهواء مباشرة، عبر جهاز بث واحد، ثم بدأ بعد انتشار إذاعته في الإعلانات التجارية لصغار التجار في الرياض، وأحياناً يقوم بوضع أسطوانة حجر بها أغانٍ ويقول: "هذا فاصل موسيقي ريثما أتناول طعام الغداء".
حرص "طامي" على تعلم اللغات الأخرى ومتابعة الإذاعات العربية والأجنبية ولذا فقد عرف عنه أنه يجيد أكثر من لغة، وكان يحرص على قراءة النشرات والصحف والمجلات.
وصل صوت "طامي" لا سيما في ليالي الشتاء إلى كل من العراق والأردن، لأن أشعة الشمس وحرارة الأجواء تساهم في اضمحلال الإشارات الكهربائية نهارًا، كما أن الجو كان نقياً من الإشارات الكهربائية لقلة عدد محطات الراديو وندرة المرسلات في ذلك الوقت، وكان لطامي إسهامات في ترتيب إذاعات داخلية ببعض مقرات الإمارات ودوائر الشرطة لا سيما في مواسم الحج، وقد ساهم ظهور إذاعته بالتعجل بافتتاح إذاعة الرياض، وهي الإذاعة الرسمية الثانية بعد إذاعة جدة.
جهاز "انتركوم"
اخترع العويد جهاز "راديو فون"، أو ما يسمى الآن انتركوم"، وأنتج منه أكثر من جهاز استخدمت في المدارس وبعض الدوائر للاتصال المباشر بين المديرين وموظفيهم، ويُذكر أنه بعد هذا الاختراع بفترة قصيرة عرضت عليه شركة "فيليبس" الهولندية، ممثلة بوكيلها، شراءه لتطويره وتصنيعه وتسويقه، لكنه رفض لخوفه أن يؤخذ اختراعه ولا يستفيد هو منه، حيث لم يكن يعرف في ذلك الوقت حماية حقوق الملكية الفكرية أو براءة الاختراع، كما أنه ساهم من خلال إذاعته وعبر عدد من برامجه في صد الحملات المأجورة ضد المملكة والعالمين العربي والإسلامي.
الطنطاوي و"طامي"
ذكر الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- في معرض مذكراته أنه حين قدم إلى الرياض عام 1383ه متعاقداً للتدريس بكلية الشريعة تفاجأ مما سمعه بالإذاعة فقال: "كنت يومًا في الرياض أدير مفتاح الراديو فسمعت إذاعة غريبة ليست من جدة ولا من مصر، لم أكن أسمع في الرياض يومئذ غيرها، إلا إذاعة بغداد أسمعها أحياناً، فوجدت هذه الإذاعة الغريبة تذكر أشياء عن المملكة وعن الرياض بالذات، فأصغيت أنتظر أن أسمع في آخرها اسم البلد الذي يخرج منه الصوت فإذا هو من الرياض، وإذا هو يذكر اسم "طامي"، فسألت زملائي وما طامي هذا؟ فتطوع حينها أحدهم فأتى به، فعرفني به وإذا هو شاب سعودي"، وأضاف الشيخ الطنطاوي في حديثه عن "طامي" في مناسبة أخرى من برنامجه الشهير نور وهداية: "إن طامي ظاهرة النبوغ والعبقرية، فهذا المخترع السعودي الواعد الصغير الشاب، هو النبوغ، أليست هي العبقرية؟ هل كانت بداية (أديسون) أكثر علمًا وأوسع اطلاعًا على علوم الطبيعة؟.
لقاء صحفي
وفي حوار أجرته معه صحيفة الجزيرة بتاريخ 11 - 2 - 1399ه قال عبدالله العويّد: إن "الترانزفولت اختراع سعودي، قبل "الترانزستور"، لكنه ينسب لغيرنا، بعد أن وصل إلى شركة أجنبية. وأضاف أن مشاركته بحرب 67، كانت باختراع شهب مضيئة حارقة، معددًا اختراعاته ومن أهمها: "راد فون طامي العجيب"، وإذاعة طامي الوطنية، ومشروع تليفزيون طامي، والعاكس الأرضي للمدى البعيد، وإذاعة الحج للمطوفين، ومكبرات صوت باللاسلكي، وقذائف الكشافات والشهب، وتخزين الطاقة الحرارية، وجهاز التكييف الجديد، ومصنع الغرف الجاهزة، وأضاف أنه كان يخاطب المستمعين بلغة شعبية أقرب ما تكون إلى اللغة الدارجة على ألسنتهم، وكنت أشاركهم همومهم وأفراحهم، وأذيع بعض الإعلانات لفقدان الأغنام والأبقار والأطفال بدون مقابل، وأقدم الهدايا لمن يعثرون على هذه المفقودات، وكانت الهدية أغنية حسب رغبته تذاع فوراً.
ولا يكاد الحديث عن عبدالله العويد ليخلو من الطرائف والعجائب ويذكر من أدرك الرجل أن إحدى النساء ممن كن يسمعن إذاعة "طامي" سمّت مولودها "إذاعة" كما يذكر أن طامي كان يعلن أسماء الراسبين في الشهادات النهائية بدعوى أن أسماء الناجحين تنشر في جريدتي البلاد والندوة، الجريدتان اليوميتان وقتها بالمملكة، وأنه قد حمل على التجار بسبب رفعهم أسعار المواد الغذائية وهددهم وقال في نهاية حديثه عنهم، "ولكن سنتركهم للزمن ليقتص منهم، وإليكم أغنية أم كلثوم حسيبك للزمن".
لم يقف تأثير إذاعة طامي على عامة الناس فقد عرفه الأمراء والوزراء والنخب على أن إذاعته كانت شعبية وبسيطة لا سيما في بداياتها، كما تغنى الشعراء بإذاعة "طامي" وبما تعرضه من البرامج والقصص، ومازالت الذاكرة الاجتماعية تحفظ لنا قول الشاعر الشعبي سليمان بن حاذور حينما تغنى بإذاعة "طامي" وهو يقول:
ياليت طامي ما فتح له إذاعة
ولا شغف بعض المخاليق بغناه
غطى على صوت العرب استماعه
كل يدور موجته لين يلقاه
أبرز د. عبدالعزيز الخويطر، رحمه الله، في كتابه (وسم على أديم الزمن) الجهود التي قام بها عبدالله العويّد أثناء حفل لكلية التجارة بجامعة الملك سعود، أقيم في يوم الخميس 3 ذي الحجة 1382ه، وقال "قام طامي بعمل مجيد في تلك الليلة، فقد قام بنقل الحفل على الهواء في إذاعته المشهورة، إذ كان أحد الهواة وقد أفاد فائدة كبرى في إعطاء الفرصة لبعض الفنانين المقبلين، وقد شكرته في تلك الليلة على ما قام به، وعلى مساعدته في بث الحفل على الهواء ويظن البعض ممن هم في الصف الأول أنني غاليت في مدحه، فوجهوا إلي بعض النقد والتبكيت على ذلك وأصبح هذا مجالاً للتعليق بيننا في سهرتنا تلك الليلة، وادعى من ادعى أني لم أجد شيئاً أقوله عن الحفل فكان طامي ملهمًا".
ابتكارات العويّد
يُذكر أن العويد كان قد صنع مجلساً صحراوياً وكرسياً متحركاً للملك عبدالعزيز -رحمه الله- وقد كافأه الملك حينها بمبلغ ألفي ريال فرنسي، بواسطة السكرتير أمين عبدالعزيز وعبدالرحمن السويدان وقال: هذا تشجيع للصناعة الوطنية، في عام 1369ه، كما أنه فتح أول ورشة بالمملكة للراديو والتسجيل في مكة المكرمة في سوق المعلاء ومكث فيها عشر سنوات 1370ه، وساهم بل صنع جهاز "رادفون طامي" العجيب، سنترالًا داخليًا على الراديو،"اسمع واتكلم" ومكبر صوت وإذاعة داخلية 1380ه، كما أنشأ "الإذاعة الوطنية بالرياض" التي وصلت إلى بعض البلاد العربية كما كان له سبق عرض التلفزيون بالصورة الحية لأول مرة بالرياض، تمهيداً لمشروع التلفزيون الرسمي 1384ه، كما صنع العاكس الأرضي للمدى البعيد كهدية لمكة المكرمة، بالإضافة إلى صنع جهاز مكبر صوت باللاسلكي لمناورات الجيش السعودي، وللحجاج بمطار جدة 1387ه، كما حوّل مروحة السقف إلى جهاز تكييف هواء وتبريد ماء ومرطبات وتحصل على سبعة تقارير رسمية فنية 1392ه، وقد دشن هذا المشروع الملك سلمان -حفظه الله- حيث كان أميراً للرياض.
وفاته
كان لعبدالله العويّد ثمانية من الأبناء والبنات ومع مطلع الألفية الميلادية وبالتحديد في عام 1421ه، الموافق لعام 2000م نقلت وسائل الإعلام خبر وفاة المخترع والمبدع عبدالله بن سليمان العويد عن عمر يناهز الثمانين عاماً، تاركاً خلفه إرثاً من الأجهزة والمبتكرات والاكتشافات التي سبق بها أبناء جيله، والتي لم تقف على مرسلات الإذاعة وأجهزة المذياع بل تعددت إلى درجة يصعب على الباحث حصرها إلا أن يتتبع أخبار وابتكارات العويّد عبر الصحف اليومية التي تتسابق على تغطية حفلات تدشينه لمنجزاته الإبداعية، بالإضافة إلى ما تنقله هذه الصحف من استشارته وخدماته التي هي جزء من سيرة طويلة وشاقة للمبدع عبدالله العويد الذي عرف بين أبناء جيله بإذاعته الشهيرة "إذاعة طامي".
عاصر طامي البدايات الصعبة للبث الإذاعي
استأجر العويد عمارة على شارع الوزير ووضع مقويات إذاعته على أشجار قريبة منها
كان أهالي الرياض ينتظرون بشوق لصوت طامي الإذاعي
منصور العساف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.