يبدو أن المملكة العربية السعودية تكتنز بين فيافيها العديد من الأثريات التاريخية والتي تميزها دون غيرها بأقدمية ما قبل التاريخ. حيث يبرز في منطقة نجران موقع "حمى الأثرية" أحد المواقع الأثرية التي تميزت بجنوب المملكة، ويقع في الشمال من نجران بنحو "130" كيلومترًا، محتويًا على عدد من المواقع كجبل "صيدح" وجبل "حمى" وموقع "عان جمل" و"شسعا" و"الكوكب"، فضلا عن النقوش والرسوم التي كانت بمثابة أولى محاولات الإنسان لكتابة الأبجدية القديمة. وكانت النقوش والرسوم الصخرية شاهدًا تاريخيًا على محاولات الإنسان لكتابة الأبجدية التي عرفت بالخط المسند الجنوبي الذي أدت التجارة إلى انتشاره؛ حيث أصبحت المنطقة الممتدة من آبار حمى مسرحاً للقوافل التجارية كجزء من الطريق البحري القديم، وكان الذين يرتادون هذا الطريق يسجلون ذكرياتهم ورسومهم بالخطين الثمودي والمسند الجنوبي، وذلك على امتداد الطريق وحول مصبات المياه والكهوف وفي سفوح الجبال عند آبار حمى. ويضم موقع حمى الأثري أيضاً سبع آبار منها "الحماطة وسقيا والجناح وأم نخلة والقراين"، وأغلبها قد حفر في الصخور، وعدّت من معالم الحضارة والتاريخ العتيق لهذا المكان، ويحيط بها الكهوف والجبال من جميع الجهات عدا الجهة الشرقية، وهي مليئة بالرسوم والنقوش الصخرية التي تشتمل على الرسوم الآدمية والحيوانية. كما أن هناك أكثر من "34" معلماً وموقعاً أثرياً تنتشر حول تلك الآبار ما بين مساكن بدائية وإنشاءات أثرية، ولا زالت تلك الآبار منذ القدم وحتى يومنا هذا مليئة بالمياه العذبة الصالحة للشرب. وأوضح مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بنجران صالح محمد آل مريح: "أن حمى الأثرية تعدّ من أبرز المواقع الأثرية في منطقة نجران التي سيكون لها حضور على خارطة الآثار والسياحة في المملكة، فهي تعد منطلقاً للقوافل القديمة ولوحة تاريخية تترجم تاريخ الحضارات القديمة الضاربة في عمق التاريخ، مشيراً إلى أن موقع آبار حمى يشهد زيارات مستمرة من الوفود بداخل المملكة وخارجها، بالإضافة إلى الباحثين من الطلاب والبعثات الدولية المتخصصة في الآثار والتاريخ للاطلاع على الآبار والنقوش والكتابات والرسوم الصخرية. وبين أن المكان يحتوي على "34" موقعاً أثرياً بعضها يحوي ما يزيد على "20" نقشاً أو رسماً في مساحة صغيرة، مضيفاً أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قامت بالعديد من أعمال البحث والتوثيق لهذه المواقع، بالإضافة إلى أعمال التهيئة قرب موقع آبار حمى، وعمل برامج متخصصة لاستقبال الزوار والباحثين، وتعيين حراسة لتلك المواقع. وأكد آل مريح: أن هذه الجهود تأتي تفاعلاً من فرع الهيئة بالمنطقة بتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وتحقيقاً لتطلعات وتوجيهات صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران رئيس مجلس التنمية السياحية وسمو نائبه.