زار المغامرون، والمشاركون في "مسارات نجران السياحية" أمس، مركز حمى، الذي يزخر بالمواقع التاريخية، وذلك ضمن فعاليات برنامج "مسارات السعودية السياحية"، الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، تحت عنوان "محفول مكفول"، بهدف اكتشاف المعالم التاريخية والسياحية في منطقة نجران، بداية من متنزه أبا الرشاش، والسوق الشعبية في أبا السعود، وجبل رعوم، وموقع الأخدود الأثري، وصولاً إلى "حمى" في محافظة ثار، ومحافظة يدمة، وحبونا، فكثبان الربع الخالي شرق نجران، استمراراً حتى عروق بني معارض. واستقبل الفرق المشاركة في "مسارات نجران السياحية" فور وصولهم مركز حمى التاريخي، كلٌّ من رئيس مركز إمارة حمى، عبدالله بن زامان، ومساعد مدير الضبط الإداري في شرطة نجران الرائد ضيف الله سعيد العسيري، ورئيس بلدية محافظة ثار صالح بن دوس، ومدير مركز شرطة حمى، النقيب فهاد الدوسري، وجمع من أهالي حمى، وذلك في مقر إمارة حمى، وقدموا لهم القهوة العربية، وأعطوهم نبذة عن الخدمات المقدمة لزوار المواقع التاريخية والأثرية من قِبل عديد من الجهات الحكومية. عقب ذلك انطلق المشاركون برفقة المرشدين السياحيين إلى آبار حمى الست، التي تتربع في سهل يقع بين مجموعة جبال صغيرة، وهي من الآثار التي يمتد عمرها لأكثر من 7 آلاف سنة، ومازالت هذه الآبار المطوية بالحجارة تنضح بالمياه العذبة حتى الآن، وتسمى ب "أم نخلة، والقراين، والجناح، وسقيا، والحماطة، والحبيسة"، وتنتشر في أرجائها عديد من النقوش والكتابات المتنوعة على صخور متفرقة، حيث استمع الزوار إلى شرح مفصل عن الآبار، وتاريخها، وطرق القوافل الشهيرة التي كانت تمر بها منطلقة بالبخور والمر والبهارات والبضائع من اليمن إلى الشام، ومصر، وبلاد الرافدين. انتقل بعدها الزوار إلى جبل حمى، وجبل صيدح، وهما من المواقع المهمة في حمى، حيث تنتشر فيهما الرسومات الصخرية، والنقوش القديمة بخط المسند، وتثير نقوش الحيوانات والطيور والصيادين على صخورهما الدهشة، حيث تمتد إلى آلاف السنين لتروي لنا اليوم معالم الحضارة والتاريخ العريق لهذا المكان، الذي تشير كل معالمه إلى أنه من المواقع الأكثر أهمية في جنوب الجزيرة العربية دون شك باعتباره رواية تاريخية لكل مَن عبر هذه الأودية والتلال، ودوَّن عليها، ونقش سيرته، أو سيرة قافلته، أو أخبار أعوامه من غزوات، ورحلات، وممالك، وأشخاص. وكان المشاركون في "مسارات نجران السياحية" يتنقلون في حمى بمركباتهم ذات الدفع الرباعي، التي ساعدتهم على التنزه بين المواقع، وفي الأودية، وصعود بعض التلال، التي تنقسم بفعل الطبيعة إلى شق صخري، وشق رملي، يميل وكأنه كثب خالص، ما يجعل الصاعد عليها يرى امتداد المساحات الشاسعة في حمى التي تغطيها الأعشاب، والنباتات، والأشجار إثر الأمطار الغزيرة التي هطلت على منطقة نجران الشهر الماضي.