مزجت أمسية مشتركة أقامتها "جماعة حواف الابداعية" بين السرد والسينما والتصوير الفوتوغراقي، حيث شارك الدكتور محمد البشيّر الذي قدم ورقة بعنوان "الرواية بين التلقي والانتشار"، والمسرحي مالك القلاف بورقة بعنوان "تأثير السينما على الرواية". وقدم الفنان الفوتوجرافي عدنان البحراني مجموعة من خمس لوحات فوتوجرافية بالأبيض والأسود بعنوان " عشق الدراويش" تروي أحداث رحلة فنية إلى مصر، وادار الأمسية وقدم لضيوفها الأكاديمي يونس البدر. افتتح البشيّر الأمسية بقراءة ورقته التي تناول فيها فكرة الحصان والعربة كناية عن الانتشار والتلقي لعمل روائي شكل حدثا مفصليا وهو رواية "بنات الرياض" لرجاء الصانع وذكر ان الرواية أثارت ضجة عربية وعالمية، وقد قدم لها الدكتور غازي القصيبي لكنها تفوقت على كتبه بالانتشار لأنه قرأ الزمن المناسب لتقديمها، موضحا أن الرواية لو صدرت اليوم لما لفتت الانتباه! وذكر أسماء لها وزنها روجت للرواية مثل الغذامي وغيره من الصحفيين والنقاد وقد صرح الغذامي كما القصيبي انه لا علم له بوجود العوالم التي نقلتها الرواية، مما نقلها من كونها مجرد رواية إلى حدث ثقافي. وعلق د. البشير أن هذه الرواية علّقت الجرس لانطلاق الحصان وعربته. وذكر أن عددا من النقاد منهم الدكتور سعيد السريحي رأوا أن القصيبي كان يجني على الفن الروائي بكتابته مقدمة كانت بمثابة ترويج لها لأن الرواية تقوم على فضح خفايا المجتمع" ومع ذلك يضيف البشيّر: اشعلت الرواية فتيل الانتاج الروائي إلى ما له مساس مباشر بالسعودية. ويشير الى ان بعض الكتابات انتقلت بالإدانة إلى المؤلفة، وركزت على بعض ما هو شخصي ككونها طبيبة أسنان أو العمر الذي لم يتجاوز 24 سنة وقت كتابة الرواية! أو البحث عن الكاتبة في شخصيات روايتها الأربع، مؤكدا أن الرواية سجلت مواجهة اجتماعية وتم استقبالها بوصفها رواية مشوِهة للمجتمع. "بنات الرياض".. جناية على الفن الروائي ثم تحدث عن المدافعين عن الرواية والمسفهين لها وخلص إلى أن الرواية كاشفة للأقنعة ومن طبيعتها أنها تصرح ولا تلمح كما يفعل الشعر. وختم البشيّر أن الحصان لا يسير وعربته دون ضوضاء تقل وتعلو، وكلما زادت الضوضاء ادرك أكبر قدر من الناس أن الحصان والعربة يسيران، وسنلتفت جميعا ونتساءل: هل كان الحصان يسبق العربة أم كانت العربة تسبق الحصان. وتحدث المسرحي مالك القلاف عن تأثر الفن الروائي بفن السينما، موضحاً العلاقة الطويلة بينهما وأكد سيادة الأدب على السينما، ثم تحدث عن الإشباع الحكائي أو الدرامي الذي يجمع بين الفلم والرواية، وفي إطار دفاعه عن الفيلم نفى عن السينما كونها تجميعاً من فنون أخرى، بل هي فن أصيل نتج من احتياج حداثي زمنياً ومعرفياً، وفي المقابل استفادت الرواية من السينما من خلال الأعمال الروائية المقتبسة منها، وجرت محاولة لإعادة فنيات السينما إلى مفاهيم روائية. وتحدث القلاف عن التأثر الطبيعي عند الروائيين بالفن السينمائي الطاغي، واقتحام بعض الروائيين للإخراج السينمائي وإن كان بعض المخرجين كذلك اتجة لكتابة الرواية، ولاحظ القلاف أن الرواية العربية الجديدة مع الجيل الجديد تنحو أكثر نحو السينمائية وخلص إلى القول: إن السينما والرواية تنسبان إلى نوع فني واحد، وذكر أن الرواية الوحيدة التي نستطيع أن نرضى عن تجسيدها سينمائياً هي تلك التي لم تُقرأ بعد لأن مشاهدة الفلم بعد قراءة الرواية التي أخذ عنها لا يصب في صالح الفلم في معظم الأحيان. الفيلم طاغٍ والسيادة للأدب وتساءل القلاف: ماذا لو حصل العكس واستوحى الكاتب روايته من فلم سينمائي؟ مؤكداً أن الرواية والسينما فنان يشتغلان على المواد نفسها لكن بطريقتين مختلفتين، ثم تحدث القلاف عن اقتباس الأعمال الروائية وقال: إنها على ثلاثة أوجه: الفلم أقل من الأصل الروائي، وفلم قريب من الرواية أو مساوٍ لها، وفلم يتجاوز الرواية فنياً، وقرر أن السينما العالمية لم تتوقف يوما عن الاعتماد على الأدب العالمي، وأعطى أمثلة من السينما العالمية وكذلك العربية، ثم ناقش الحدود الفاصلة بين التأليف الخاص بالسينما والاقتباس من مصدر آخر، وذكر أن الرواية انفتحت على عوالم الفنون الأخرى وأدواتها التعبيرية، وختم أخيراً بالتأكيد على ضرورة هذا التلاقح الثقافي بين كلّ من الرواية والسينما من جهة، وبين كلّ أنواع الآداب والفنون من جهة أخرى. مداخلات «الرواية صدمة» تحدث حسين جفال قائلا: قرأت "بنات الرياض" على مضض والصدمة هي كيف تلقى النقاد هذا العمل، وجاهدوا لإقناع الناس بها، وقال: إن نجيب محفوظ كان يتابع إنتاج رواياته كأفلام، وإنه ليس كل مخرج يقبل بذلك. "طابع فضائحي" وتحدث يوسف شغري عن توقيت صدور الرواية والطابع الفضائحي لخرق التابو في مجتمع محافظ. "تحريض كتابي" وتساءلت نورة النمر عما أحدثته "بنات الرياض" من تحريض على الكتابة: ألا يحسب لها ذلك؟ وأضافت: إن رواية الفيلم وفيلم الرواية كلاهما نصف للآخر. "فن صامت" وتساءل القاص زكريا العباد عن الدافع لتفضيل الرواية على الفيلم واعتبارها أبا له في حين أنه فن بصري وقد بدأ صامتاً ولا يعتمد على الكلمات أصلاً.