تواصل رؤية 2030 طريقها بخطوات متسارعة ومتلاحقة، تتجاوز ما كان محدداً لها، وذلك عندما أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمس الأول عن مشروع "نيوم" العملاق، ليكون هدية المملكة إلى أبنائها "أولاً"، وإلى منطقة الشرق الأوسط والعالم "ثانياً". ويشبه محللون الرؤية بهذه الآلية وبهذا المشروع، بصاروخ انطلق من منصة إطلاق، وقوده الحقيقي، حماس الشباب السعودي من الحالمين في أن تصبح بلادهم مركزاً علمياً عملاقاً، يتجاوز فيه عدد الروبوتات عدد البشر، ويحقق الهدف الأسمى بتحويل المملكة.. من دولة نفطية الطابع، إلى دولة تكنولوجيا وتقدم، مشيرين إلى أن هذه الأحلام مشروعة وقابلة للتنفيذ وربما في وقت أسرع مما أعلن عنه في 2025. من يتابع مسيرة رؤية 2030 وسقف تطلعاتها، يدرك تماماً أنها تحقق طفرات في كل شيء، في التوجهات والرؤى والأحلام، واستشراف المستقبل بعيون ملؤها التفاؤل والأمل والازدهار، وما يلفت الانتباه حقاً في مدينة "نيوم"، أن أرقام الاستثمارات فيها تجاوزت حدود مليارات الريالات، وهو ما كنا نسمعه في بداية عمل الرؤية، ودشنت الرؤية عصر التريليونات، عندما خُصص للمدينة نحو 1.8 تريليون ريال، وهو ما يؤكد أن الرؤية جاءت لتبني وطناً كاملاً، وتؤسس لجيل سعودي يتغذى بالتقنية وعليها.. ينثر إبداعاته في العالم، وهو ما يراهن عليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عندما أكد أن الشباب السعودي سيكون المحرك الأول لمثل هذا المشروع الضخم، ورحب بهم في "نيوم" طالما أنهم من فئة الحالمين. إستراتيجية عمل المشروع، ستتجاوز حدود الطموحات لدى دول العالم التي سبقت المملكة في هذا الاتجاه، فليس للمشروع نموذج قائم يمكن أن يركن إليه، وإنما سيعتمد على خلاصة تجارب ومشروعات في الولاياتالمتحدة الأميركية والصين والهند، وتبدأ من حيث انتهى الآخرون، بعد أن تضفي المملكة على المدينة طابعاً سعودياً تتفرد به، ليس هذا فحسب، وإنما سيتم بناء المدينة بأحدث طرق التكنولوجا المبتكرة الصديقة للبيئة، وسيكون التنقل عبر سيارات وطائرات ذاتية القيادة، تستخدم الطاقة المتجددة عوضاً عن المصادر التقليدية؛ ما يجعل المدينة خالية من التلوث، فضلاً عن تقليل احتمالية وقوع الحوادث المرورية. كما سيتم استحداث معايير مبتكرة للبناء؛ لتشييد منازل خالية من الكربون، وهو ما يمثل ثورة جديدة في عالم البناء والتشييد الصديق للبيئة. ويبقى لمشروع "نيوم" أهميته الإستراتيجية، من خلال توقيت إعلانه، وتمركزه في ثلاث دول (المملكة، والأردن، ومصر). واللافت في المشروع أنه يسبق الوحدة الاقتصادية العربية المأمولة، ويتجاوزها بمسافات ضوئية، إضافة إلى الموقع، بين آسيا، وأفريقيا، وقربه من أوروبا. وسيقود المشروع الدكتور "كلاوس كلينفيلد" الذي عين في منصب الرئيس التنفيذي له، وهي علامات ومؤشرات على نجاح المدينة وتعزيز الجدوى الاقتصادية منها قبل البدء في تدشينها. ومازالت العيون شاخصة إلى ما تبقى في جعبة رؤية 2030، وهناك من يعيد قراءتها مرة ثانية وثالثة وعاشرة، ليكتشف ما تخبئه سطورها من مفاجآت ومشاريع وتوجهات جديدة، تصب في صالح الوطن والمواطن، والجميع يترقب "وجه الخير" محمد بن سلمان يطل عليهم مرة أخرى، معلنا عن نقلة نوعية جديدة، تفتح الآفاق أمام البلاد والعباد، وتمنح الجميع الأمل بأن الغد سيكون أفضل من اليوم.