تحدث وزير الخارجية اليمني الدكتور عبدالملك المخلافي ل»الرياض» بشكل مفصل حول أداء الأممالمتحدة في اليمن، وعن استجابتها أخيراً لفتح فروع مكاتب لها في العاصمة المؤقتة عدن. مؤكداً أنها ستغير موقفها من قوات التحالف العربي لنصرة الشرعية في اليمن، بعد كل الحقائق التي ظهرت، وبعد مطالبتها برؤية الحقائق كما يجب. وتطرق المخلافي للحرب اليمنية سياسياً وعسكرياً، وعن المصالح الدولية في إجهاض دور التحالف العربي الذي انتصر بالحقائق والأرقام والحيادية والمصداقية التي تعامل بها. قطر تغرد خارج السرب.. وإيران توظف المتماهين مع أيديولوجيتها لدعم الانقلاب كما أكد المخلافي أنه بفضل التحالف العربي بقيادة المملكة نجح اليمن في الحصول على تأييد دولي بالإجماع وهو أمر لم يكن بالسهل في ظل الاختلاف الذي تعيشه الكثير من الدول المنكوبة من قبل التأييد الدولي المتذبذب ما بين قبول ورفض كسورية وليبيا ولبنان وغيرها من الدول. وقال المخلافي في حوار أجرته «الرياض»: «ربما تكون هناك بعض العوامل التي أعاقت إنجاز تحرير العاصمة صنعاء الذي توقعناه ورسمنا خططنا عليه، ككمية السلاح التي سلمها المخلوع للانقلابيين، وطبيعة تركيب الجيش في تلك الفترة التي حكم بها صالح». وأكد بأن مليشيا الانقلاب تتراجع ولا تتقدم، وهي الآن في أضعف حالاتها والقضاء عليها بات قريباً. وأشار إلى أن كل هذه الانتصارات السياسية والعسكرية التي حققتها الشرعية اليمنية جاءت بفضل تحالف عربي قوي داعم للحكومة اليمنية وقيادتها ودبلوماسيتها. ووصف المشروع الإيراني في المنطقة بالمشروع الفارسي الطائفي الساعي لاستبدال الجيوش العربية بالمليشيات الطائفية. وأبدى المخلافي أسفه من تقارير الأممالمتحدة التي كشفت انحيازها وليس حيادتها التي تدعيها، مؤكداً أن الحقائق والأرقام تسند وتنصر التحالف والشرعية. واعتقد المخلافي أن الدبلوماسية اليمنية في الخارج تعاني من تحديات كبيرة أهمها تأخر استلام المرتبات وعدم وجود نفقات تشغيلية، وبالرغم من ذلك فإن أبناء اليمن المخلصين، يؤدون فيها من باب الوطنية والعطاء المشرف. واعتبر المخلافي قطر ممن يغردون خارج السرب العربي والخليجي، وتمنى منها اتباع سياسة منسجمة مع أشقائها في الخليج، وأنها يجب أن تصحح الوضع بشكل يؤدي إلى عودة العلاقات حتى تستعيد مكانها في البيت الخليجي والعربي لمصلحتها أولاً وقبل كل شيء. وعن دور ولد الشيخ في اليمن أيد الوزير اليمني دوره في اليمن على الرغم من التحفظات التي أشار لها في حواره، معتقداً أنه أفضل من سابقه جمال بن عمر الذي سعى لشرعنة الانقلاب. وعن دور الأممالمتحدة في اليمن قال المخلافي إنهم سيواصلون فضح من لا يؤدي الأداء الذي يتناسب مع الحياد المفترض من موظف أممي، وخاصة الذين يعملون في مجال الإغاثة، فالمنظمات الإنسانية لا يجب أن تخوض في السياسة. وحول دور شيوخ القبائل وصفه في الأغلب بالإيجابي، وأن القبائل الصامتة هي غير مؤيدة للانقلاب ولكن بحسب موروثات النظام القبلي، يكون الانحياز لمن يتقدم أولاً ومن يستولي على المنطقة وهذا للأسف جزء من موروث قديم. وتطرق المخلافي لإيران ودورها السيئ في تغذية أزمات المنطقة، وقال: «إيران تستخدم كل الوسائل من أجل دعم الانقلاب، بما فيها التهريب أو استخدام مناطق تحت سيطرة الانقلابيين، واستخدام أشخاص غير إيرانيين لمحاولة الوصول إلى اليمن ممن يرتبطون بإيران سياسياً أو أيديولوجياً والتقارير على ذلك مثبت ومنها التقارير الصادرة من لجنة العقوبات. وألمح لقرب انفراج أزمة الحديدة، التي تعيش مع اليمن حرباً وهماً قادها المخلوع والحوثي، وأن الخيار السياسي هو من سينتصر بعد المكاسب التي حققها التحالف عسكرياً. وفيما يلي نص الحوار: * بداية .. كيف ترى مجريات الأزمة اليمنية على الصعيدين السياسي والعسكري؟ * بعد ما خلفه الانقلاب من انفلات وانهيار للدولة، نجد اليوم أنه تحقق الكثير على الصعيد العسكري منها تحرير 80 ٪ من الأراضي اليمنية، والوصول إلى قرب العاصمة صنعاء. ربما تكون هناك بعض العوامل التي أعاقت إنجاز تحرير العاصمة صنعاء الذي توقعناه ورسمنا خططنا عليه، ومنه كمية السلاح التي سلمها المخلوع للانقلابيين، وطبيعة تركيب الجيش في تلك الفترة التي حكم بها صالح، لكن ما تحقق يعد من الكثير في هذا الجانب، والانقلابيون منذ فترة طويلة لا يتقدمون بل يتراجعون ويخسرون مواقع جديدة، وهذا أمر يؤكد أن ما قطعناه كبير. وكذلك حجم القدرة على المقاومة والتجنيد الذي مارسه الانقلابيون قد ضعف عن السابق، وبالعادة أي قوة عسكرية كقوة المليشيات تقاوم فترة ثم تنهار بسرعة أسرع بكثير من الفترة التي قامت بها، وهذا مانراهن عليه اليوم. أما على الصعيد السياسي والدبلوماسي، فاليوم نجد أن الموقف الدولي موحد حول اليمن، والموقف الدولي والحفاظ عليه لم يكن سهلاً كموقف موحد، في وسط أزمات كثيرة في المنطقة كسورية والعراق وليبيا وغيرها. المشكلة اليمنية ليست مشكلة معزولة عن العالم، ولكنها الوحيدة التي حصلت على اجماع دولي، وفي كل المحافل هناك موقف دولي ومرجعية حل محددة وموحدة، والكل يدعم جهود المبعوث الأممي وهذا أمر ليس سهل الحفاظ عليه. وكل هذه الانتصارات السياسية والعسكرية بفضل تحالف عربي قوي داعم للحكومة اليمنية وقيادتها ودبلوماسيتها. كما أن المشكلة اليمنية هي الوحيدة التي عليها اجماع عربي أدى بالتالي إلى اجماع دولي، فالمملكة تقود دعماً كبيراً في المجتمعين العربي والدولي مما يكشف عن روح قومية وعربية وإسلامية حول الازمة اليمنية لمجابهة كافة التحديات من أهمها المخطط الايراني الذي أراد إيذاء اليمن وأن يحرفها عن تاريخها العربي والإسلامي، وأن يستخدمها كأداة لتحقيق تفوق للمشروع الفارسي المعادي للأمة العربية. والذي يريد أن يحتل منطقة استراتيجية مهمة تقع في مضيق باب المندب لاستغلاله ضد الأمة العربية في هذا الجانب، لكن هذا المشروع العربي سينتصر والمشروع الفارسي سيفشل لأنه طائفي ويعمد على تمزيق الوحدة العربية، لأنه يريد أن يستبدل الجيوش بالمليشيات الطائفية. أطراف تحاول عرقلة انتصارات التحالف * ماهي الإجراءات التي ستتخذها الشرعية بعد موقف الأممالمتحدة المخزي من التحالف ؟ * من المتوقع أن تواجهنا بعض التحديات والمشكلات ونحن مستعدون لها، ولكن بالنهاية أعتقد أن أطرافاً كثيرة ليست مرتاحة لهذا الانتصار والوحدة في الموقف العربي الذي يقوده التحالف بقيادة المملكة، ومن الطبيعي أن تسعى تلك الأطراف إلى اتخاذ مداخل كثيرة لمحاولة اضعاف التحالف وتفكيكه، وآخرها المحاولة التي حدثت في جنيف في موضوع حقوق الانسان، واستطعنا أن نحقق انتصاراً عربيا في ذلك. وبالنسبة لموضوع الأطفال والتقرير الذي أصدرته اللجنة، فهو ليس التقرير الاول بل إنه أخف من الماضي، ونحن عبرنا عن موقفنا والتحالف كذلك، ورفضنا جميعا تسييس هذا الأمر والنظرة المتحيزة والقاصرة التي لم تأخذ في عين الاعتبار ما قدمته الحكومة الشرعية والتحالف على كافة الأصعدة وليس الطفل فقط. ومن المؤسف أن بعض الاتهامات هي محاولة تكشف الانحياز أكثر من الحياد، بأن يكون تقرير غير مدعم بنسب ويشمل طرفين دون نسبة وتناسب. ومع ذلك نحن سنواجه هذا الأمر وأعتقد أنه سيكون هناك تغيير في موقف الأممالمتحدة وأن تراجع تقاريرها ومصادرها، ففي طبيعة الحياة نواجه محاولات مجحفة لكن عملنا والحقائق تسندنا وتنصرنا. الدبلوماسية اليمنية مريضة منذ سبعة أعوام * لماذا لا يتم تفعيل دور السفارات اليمنية في الخارج، بدلا من الاتكال على التحالف الذي يتكفل بميزانيات الشرعية خاصة في الدول المؤثرة؟ * الدبلوماسية اليمنية مرت بأوضاع صعبة، ونحن كنا بدون سفراء لأكثر من سبع سنوات، منذ عام 2010. ولم يتم تعيين سفراء إلا العام الماضي، وحتى عدد الدبلوماسيين في السفارات كان يقل يوما بعد الآخر ولمدة عامين لم يتم تعيين بدائل. ولكن الآن لدينا مشكلة أخرى وهي أن الدبلوماسيين اليمنيين لم يستلموا مرتباتهم منذ ستة أشهر، وهذا يضعف أداء الدبلوماسية اليمنية، فالوضع الذي تعيشه الحكومة اليمنية يقتضي أن ينظر الجميع وفي مقدمتهم التحالف إلى دعم الدبلوماسية اليمنية. قطر تغرد خارج السرب * بعد طرد قطر من التحالف العربي شنت هجوماً على اليمن والتحالف الذي كانت جزءاً منه منذ بداياته وحتى تاريخ طردها، فما تفسيركم لموقفها ذلك؟ * نحن نتمنى أن الاشقاء في قطر يتوقفون عن التغريد خارج السرب العربي والخليجي، فقطر موقعها في إطار الخليج، ولذلك يجب أن تكون سياستها منسجمة مع أشقائها في الخليج. وأي شعور بأن الاعتراض على بعض السياسات القطرية التي أدت إلى قطع العلاقات معها سوف يحل بمزيد من الهروب من المحيط الخليجي هو شعور خاطئ، فقطع العلاقات كان يجب أن يقابله خطوة بالسؤال لماذا؟ ومن ثم تصحيح الوضع الذي يؤدي إلى عودة العلاقات وليس مزيدا من الهروب، واعتقد أن هذه السياسة من قطر يجب أن يتم مراجعتها حتى تستعيد مكانها في البيت الخليجي والعربي، الذي وحدته هو لمصلحة قطر أولا وقبل كل شيء. الأول فشل .. والثاني يعمل بجد مع التحفظ * كيف تقيمون أداء مبعوثي الأممالمتحدة معكم ( جمال بن عمر و إسماعيل ولد الشيخ أحمد) ؟ * تعاونت الشرعية مع كلا المبعوثين تعاونا تاما، ولا زلنا نتعاون مع السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد. جمال بن عمر أدى في البداية أداء إيجابيا ولهذا تعاونا معه، ولكنه في اللحظات الأخيرة التي شهدت الانقلاب، لم يكن بمستوى الموقف ليقول إن هذا الانقلاب غير شرعي ويجب إنهاؤه، وذهب يبحث لمخارج تهدف لشرعنة الانقلاب وهذا سبب الخلاف معه من قبل الحكومة الشرعية والقوى السياسية اليمنية في الفترة التي عقبت انقلاب 21 سبتمبر الدموي واجتياح العاصمة، واعتقد أنه أنهى دوره بهذه الطريقة. أما السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد لديه قرارات أممية وفي مقدمتها القرار الأممي 2216 ولديه جهد طيب ونحن لا زلنا ندعمه للوصول إلى السلام، وقد ذهبنا معه إلى مفاوضات مع الانقلابيين في جنيف والكويت، ولا زال يقدم العديد من المقترحات، ولكن الانقلابيين افشلوا دوره. ربما لدينا بعض المآخذ على السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد ولكن هذه المآخذ لا تمنع من التعامل معه، لأن هذه المآخذ ربما جاءت لطبيعة عمله في الأممالمتحدة أو وظيفته أو لأنه لا يريد أن يخسر الانقلابيين، وفي بعض الأحيان يساوي بين الأطراف الانقلابية والشرعية، ولا يقول الحقيقة في من أفشل المفاوضات ومن المعرقل للحلول السياسية ويتكلم عن الطرفين، وبالرغم من كل هذا لم يصل إلى رضا الانقلابيين عنه وفي كل الأحوال لم يتعاونوا معه حتى وهو يقول هذه اللغة الغامضة حول من هو المعطل. ونعتقد أن أي مبعوث أممي يجب أن يكون واضحا وألا يوصل رسالة خاطئة لجماعة لاتفهم معنى المجتمع الدولي أو السلام ولا تفهم معنى كرم الاخلاق. * كيف تقيمون عمل الأممالمتحدة في اليمن؟ * الأممالمتحدة تؤدي دورا جيدا في اليمن من الناحية الانسانية، ونحن نتعاون معها ولكن لدينا بعض موظفي الأممالمتحدة ينقلون تقارير غير صحيحة وينقلون تقارير من داخل صنعاء. الأممالمتحدة بدأت تستجيب * لماذا تصر الأممالمتحدة على البقاء في العاصمة المحتلةصنعاء بدلاً من العاصمة المؤقتة عدن؟ * نحن طلبنا بنقل المكاتب بداخل عدن، وبدأت المكاتب تفتح فروعا لها هناك، ومعظم المنظمات تفتح مكاتبها في عدن وتستكمل البقية الافتتاح. ولكن معظم الأحوال تبذل الأممالمتحدة جهدا ولكن بعض موظفيها خاضعون لتأثيراتهم وانتماءاتهم الخاصة، ونحن مهمتنا ليست عدم التعاون مع الأممالمتحدة، بل سنستمر بالتعاون معها لأقصى مدى ولكن مهمتنا فضح من لا يؤدي الأداء الذي يتناسب مع الحياد المفترض من موظف أممي، وخاصة الذين يعملون في مجال الاغاثة، إذ يجب أن يكونوا انسانيين، وألا ينظروا بعين عوراء ويتجاهلون حصار تعز، ويتحدثوا عن حصار مفترض غير موجود حول اليمن، فهذا فقد الانسانية. دور القبائل ايجابي * كيف ترون أداء القبائل في التصدي للمشروع الانقلابي؟ * في حقيقة الأمر وهذا طبيعي في ظل حالة الانقسام التي فرضها المجتمع وخاصة أن الانقلاب اتخذ طابعا هو مزيج بين المذهبية والطائفية والمناطقية، هناك العديد من المناطق وشيوخها وقفت ضد الانقلاب، وهي عامل من عوامل حماية الدولة ومواجهة الدولة في مواجهة الانقلاب حتى في الفترة الأولى قبل أن يتكون التحالف العربي أو الجيش الوطني. ولكن أيضا هناك مناطق وشيوخ قبائل تعرضوا للضرب، والعنف وغادروا مناطقهم لأنهم قاوموا الانقلاب. أو بحسب النظام القبلي، أن يكون الانحياز لمن يتقدم أولا ومن يستولي على المنطقة وهذا للأسف جزء من موروث قديم. إيران لن تتوانى عن تغذية الأزمات * هل لازالت إيران تغذي الحرب في اليمن من خلال ميناء الحديدة؟ * ايران تستخدم كل الوسائل من أجل دعم الانقلاب، بما فيها التهريب أو استخدام مناطق تحت سيطرة الانقلابيين، واستخدام أشخاص غير إيرانيين لمحاولة الوصول إلى اليمن ممن يرتبطون بإيران سياسيا أو ايديولوجيا والتقارير على ذلك مثبتة ومنها التقارير على لجنة العقوبات. لدينا سواحل كبيرة وحدود واسعة وأكثر من 2500 كيلو متر، كان من الصعب السيطرة التامة عليها قبل الانقلاب فكيف الان بعد الانقلاب. ايران لم تتوقف عن تقديم كل مساعدة أو وسيلة تصل بها للانقلابيين وللأسف أنها دولة جارة مسلمة، تعمل على أساس دولة العصابات تعمل على كل وسيلة تهريب من أجل دعم مليشيات طائفية. الحديدة على وشك الانفراج *حتى متى ستستمر أزمة الحديدة؟ * الحديدة جزء من الحرب، بل هي المنفذ الوحيد المتبقي أمام الحوثي وصالح للتهريب، ولذلك وافقنا على المبادرة الأممية وهناك خطة لتحرير الحديدة وقريبا بإذن الله ستكون النتائج مرضية وإيجابية لصالح الشرعية. حرب وهم * بعد كل هذا .. باعتقادك بأي الحلول ستنتهي الأزمة اليمنية بالحرب أم بالسلم؟ * كل الازمات التي تتحقق فيها انتصارات عسكرية تنتهي بحل سياسي، ففي النهاية هؤلاء الانقلابيون ومن يتبعهم جمهور مهما صغر هم يمنيون. وخيارنا مع التحالف هو الخيار السياسي، خاصة وأن الخيار العسكري كان اضطراريا ودفاعيا، وسنبقى نضغط من أجل أن نصل إلى الحل السياسي، ونعتقد أنه هو من سينتصر عندما تنكسر أوهام الانقلابيين بالبقاء. للأسف هذه الحرب حركتها أوهام، وكلما انكسر الوهم وضعف سنصل إلى السلام.