شدد أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية د. حسن المومني ل" الرياض": على عدم قدرة اي شخص على انكار أو تجاهل الدور المحوري التاريخي الذي تلعبه السعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث إن هذا الدور يرتكز على قوة وقدرة المملكة في توظيف عناصر القوة التي تتمتع بها سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو الدينية، وفوق ذلك كله وجود مدرسة سياسية احترافية ذات خبرة تراكمية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين حفظه الله قادرة على قيادة هذا الدور الضرورة في ظل بيئة إقليمية ودولية شديدة التعقيد، وأضاف بأنه لا شك أن الرياض وفي السياق الاستراتيجي قد نسجت علاقات دولية متطورة وبالذات مع الغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أن الرؤية الثاقبة للقيادة السعودية اعتمدت الانفتاح على قوى دولية فاعلة مثل الصينوروسيا، وذلك من أجل خلق توازنات وتوسيع خياراتها من أجل التعاطي بفاعلية وحرية الحركة مع القضايا الدولية وبخاصة حالة الفوضى غير المسبوقة في إقليم الشرق الأوسط، ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين إلى روسيا ،مؤكداً بأن الزيارة ناجحة بامتياز من حيث الناحية البروتوكولية ومضامينها السياسية والاقتصادية والعسكرية، فهذه هي الزيارة الأولى لملك سعودي تستغرق ثلاثة أيام، استقبل من خلالها خادم الحرمين بحفاوة غير مسبوقة على أعلى المستويات وبكرم غير معهود وصل إلى حد كسر البروتوكول الرسمي، وذلك عندما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقديم الشاي إلى خادم الحرمين،إضافة إلى منحه شهادة الدكتوراه من جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، حيث تعتبر هذه الشهادة فخر واعتزاز للجامعة، مبينا بأن كثير من السياسيين والمحليين العالميين تعتبر هذه الزيارة بنظرهم محطة تاريخية مهمة ونقطة تحول استراتيجي في العلاقة السعودية الروسية، وأن ماسبق ذكره إن دل فإنما يدل على رغبة روسية حقيقية في تعزيز العلاقة مع المملكة على كافة المستويات، كما أن اعتراف موسكو بأهمية دور الرياض الإقليمي والدولي والذي هو بنظر المومني " دور الضرورة" الذي لا يمكن تجاوزه، فمنذ نشوب ما يعرف بثورات الربيع العربي عام" 2011 " ودخول المنطقة في حالة شديدة من الفوضى سعت السعودية لضبط إيقاع هذه الفوضى، وذلك من أجل إعادة السلام والاستقرار للإقليم وبخاصة في اليمن وسورية، وشدد على أن الزيارة التاريخية اهميتها على الصعيدين الثنائي والدولي، حيث إنها مناسبة لتعزيز التعاون السعودي الروسي في كافة المستويات سواء السياسية والاقتصادية والأمنية، وجاء من خلالها توقيع الجانبين عدة اتفاقيات اقتصادية وعسكرية أشهرها صفقة منظومة الدفاع الجوي " S400" ، والتي تمثل في جوهرها تطورا نوعيا في العلاقة، مما يثبت قوة المملكة وفشل كثير من الدول في الحصول على هذا النوع من الأسلحة وخاصة إيران بالرغم مما يقال عن قوة العلاقة الروسية مع طهران، كما أن التعاون الاقتصادي وبالذات النفطي هو أيضاً مؤشر على تعاظم العلاقة السعودية الروسية وخاصة أن كلتا الدولتين تلعبان دورا مهما في استقرار الأسواق النفطية العالمية، واشار إلى دلالات هذه الزيارة على الصعيد الإقليمي الدولي تدل على الأهمية، حيث إنها تأتي بعد النجاح الدبلوماسي السعودي الباهر، الذي تمثل في انعقاد القمة الإسلامية الأميركية في الرياض قبل عدة شهور وكذلك الزيارة تعبر عن قناعة موسكو التامة للدور المحوري السعودي في إدارة وحلحلة قضايا المنطقة المعقدة والتي بدورها تلامس المصالح الاستراتيجية لكلا البلدين،فموسكو بحاجة ملحة إلى شريك ذي مصداقية وتأثير واضح على المستوى الاقليمي والعالمي كالرياض، في ظل نزعة تغيير عالمية تعصف بالعالم من الصين إلى الولاياتالمتحدة يصاحبها حالة فوضى شديدة وبخاصة في اقليم الشرق الأوسط، الذي هو بدورة من الأهمية بمكان للمصالح الاستراتيجية الروسية إضافة إلى حاجة موسكو الضرورية لشريك اقتصادي قوي بحجم السعودية وخاصة في ظل العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على موسكو، مما يعطي الرياض دوراً أكبر في التأثير على السياسية الخارجية الروسية وبالذات اتجاه المنطقة.