يبدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بعد غد الخميس زيارة رسمية تاريخية مهمة الى روسيا الإتحادية تلبية لدعوة من فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ،تستغرق عدة أيام، يتم خلالها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في العديد من مجالات التعاون وبحث القضايا الإقلامية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ويدشن الملك سلمان خلال هذه الزيارة مرحلة جديدة ومهمة في العلاقات الاستراتيجية متعددة الاتجاهات بين الرياضوموسكو، حيث ينتظر ان تشهد الزيارة توقيع حزمة كبيرة من الاتفاقيات الثنائية في المجالات السياسية والدفاعية والاقتصادية الى جانب تعزيز المواقف المشتركة تجاه ملفات المنطقة والعالم. الملك سلمان يوقع والرئيس بوتين حزمة اتفاقيات سياسية ودفاعية واقتصادية.. وتأكيد مشترك على تعزيز المواقف تجاه ملفات المنطقة والعالم مسؤولون روس: المملكة دولة مؤثرة وعلاقاتنا معها تخدم الاستقرار الإقليمي والعالمي.. والزيارة ستكون تاريخية وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي أن المباحثات الروسية السعودية على مستوى القمة ستجري في موسكو في الخامس من أكتوبر، في حين أعلن الكرملين عن تطلع روسيا الكبير لزيارة خادم الحرمين التي تكتسب أهمية كبيرة وزخم قوي في تطوير العلاقات بين البلدين، مؤكداً أن المملكة تلعب دوراً مهماً للغاية في المنطقة وفي الشأن العربي مايحتم على روسيا الحفاظ على الحوار معها. واعتبرت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، فالنتينا ماتفيينكو أن تطوير العلاقات بين روسيا والسعودية يخدم الاستقرار الإقليمي والعالمي، مؤكدة أن بلادها تعتز بعلاقاتها مع المملكة. وقالت ماتفيينكو إن "روسيا تعتز بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية التي هي واحدة من الدول الرائدة في منطقة الشرق الأوسط". وأضافت: "نحن مقتنعون بأن مواصلة تطويرها وتعزيز مصالح دولنا وشعوبنا، سيخدم الاستقرار الإقليمي والعالمي"، معتبرة أن الزيارة المرتقبة لخادم الحرمين "ستكون حدثا تاريخيا" في العلاقات الثنائية بين روسيا والمملكة، معربة عن ثقتها بأن الزيارة ستكون ناجحة ومثمرة، وستعطي دفعة قوية لتطوير العلاقات الثنائية. واكتملت الاستعدادات في العاصمة الروسية موسكو للزيارة التاريخية لخادم الحرمين حيث رفعت صور خادم الحرمين واعلام المملكة في شوارع العاصمة الروسية الى جانب لافتات ترحيبية ضخمة، وسط اهتمام رسمي واعلامي كبير بالزيارة. وتتميز العلاقات السياسية بين المملكة وجمهورية روسيا الاتحادية بأنها علاقات راسخة في التاريخ السياسي بين البلدين، تعود الى العام 1926م عندما اعترف الاتحاد السوفيتي آنذاك بالمملكة العربية السعودية ليصبح أول دولة في العالم تعترف بقيام المملكة وفي عام 1930م وتم تحويل القنصلية السوفيتية في جدة إلى سفارة، وتجسدت متانة العلاقات السياسية بين المملكة وروسيا من خلال الزيارات واللقاءات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين لإجراء المزيد من التنسيق وبحث وتعميق سبل التعاون الثنائي لتدعيم العلاقات بين البلدين في مختلف الميادين. وفي عام 1932م قام الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - حين كان نائب الملك في الحجاز بزيارة للاتحاد السوفييتي، لتبدأ العلاقات الثنائية شكلا جديدا من التفاهم، كما أسهمت الزيارة التاريخية التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - لموسكو في سبتمبر عام 2003م عندما كان ولياً للعهد في المزيد من دعم العلاقات التي تربط بين المملكة وروسيا حيث التقى خلال الزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جو يسوده التفاهم والتعاون. وأسفرت الزيارة عن التوقيع على اتفاقية تعاون بين حكومتي البلدين في قطاع النفط والغاز ومذكرة تفاهم للتعاون العلمي والتقني وعدد من الاتفاقيات الأخرى، وافتتح خلال الزيارة معرض المنتجات السعودية الذي نظمه مجلس الغرف السعودية هناك كما نظمت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أعمال اللقاء الثقافي السعودي الروسي. ومن خلال هذه التوجه كانت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى موسكو في يونيو 2006م (في ذلك الوقت عندما كان أميراً لمنطقة الرياض) والتي أسهمت في المزيد من دعم العلاقات المتينة والعريقة التي تربط بين المملكة وروسيا، تلا ذلك زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران في 21 نوفمبر 2007م ضمن محطات زيارة القيادة بين البلدين لتعزز العلاقة فيما بينهما، حصل خلالها -رحمه الله- على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة العلاقات الدولية بموسكو تقديراً لجهود سموه في دعم التعاون بين الدول والسلام وتعزيز الأمن كما أثمرت هذه الزيارة عن زيادة التعاون الثنائي في مجال الطاقة، وزيادة التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية والنقل. كما أسفرت زيارات صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية عن الكثير من النتائج الإيجابية في تعزيز ودعم العلاقات بين البلدين. ومن الجانب الروسي فقد اثمرت الزيارة التي قام بها الرئيس فلاديمير بوتين رئيس جمهورية روسيا الاتحادية في 11 فبراير 2007م عن توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين تم خلالها توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادية وثقافية وإعلامية وفي مجال خدمات النقل الجوي، كما افتتح ملتقى الأعمال الاقتصادي السعودي - الروسي الذي أكد خلاله أن المملكة دولة مهمة بالنسبة لرجال الأعمال الروس والاقتصاد الروسي. وأسهمت الزيارة الاخيرة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الى روسيا في إضافة بعد كبير لتعميق العلاقات بين البلدين الصديقين وتطورها من خلال المباحثات التي أجراها مع القادة الروس و الاتفاقيات التي تم توقيعها، كما التقى سمو ولي العهد خلال شهري جمادى الأولى والآخرة سفير روسيا الاتحادية لدى المملكة أوليغ أوزيروف وبحث معه مجالات التعاون وتطورات الأحداث الإقليمية. وتأتي العلاقات الاقتصادية بين البلدين لتبرز قوة ومتانة هذه الروابط وفي مقدمة الشواهد على متانة هذه العلاقة المتميزة يأتي التوقيع في نوفمبر 1994م على اتفاق للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني بين البلدين وذلك في ختام زيارة رئيس الوزراء الروسي الأسبق فيكتور تشير نوميردين للمملكة، وشكلت بموجبها اللجنة السعودية الروسية المشتركة وافتتحت دورتها الأولى في أكتوبر عام 2002م كما عقد في نفس الفترة المؤتمر الأول لرجال الأعمال الروسي السعودي المشترك للتعاون التجاري والاقتصادي. وعرف التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة نسقا تصاعديا وتطوراً ملموساً على جميع الأصعدة وبخاصة في مجال الاستثمار والتبادل التجاري. ولاتقتصر العلاقات السعودية الروسية على الجوانب التجارية والاقتصادية فحسب بل تتعداها لتشمل الجانب الثقافي والرياضي، ففي نوفمبر عام 1995م شهدت العاصمة الروسية موسكو افتتاح قسم الأمير نايف بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية بجامعة موسكو وفي سبتمبر عام 2001م افتتح سفير خادم الحرمين الشريفين في موسكو جناح المملكة في معرض الكتاب الدولي بموسكو وتم من خلاله إطلاع الرأي العام الروسي على المنجزات الحضارية الكبيرة التي تحققت في المملكة بجهود قادة هذا البلاد إضافة إلى مشاركة المملكة في معارض أخرى أقيمت هناك، كما استضافت الأكاديمية الإنسانية الاجتماعية الروسية في موسكو في مارس 2002م مهرجانا ثقافيا بعنوان يوم الثقافة السعودية شاركت فيه مجموعة من الشخصيات الثقافية والاجتماعية العربية الروسية وعدد كبير من رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية المعتمدين لدى روسيا الاتحادية. وفي شهر مارس 2003م تم تدشين اليوم الثقافي للمملكة بموسكو وتقوم الأكاديمية السعودية في موسكو منذ تأسيسها في عام 1992م وحتى اليوم بدور كبير في نشر التربية والتعليم والثقافة العربية والإسلامية وسط العرب والروس هناك. وبدأ التعاون بين المملكة وروسيا في المجال الفضائي حيث أطلقت المملكة بمساعدة روسيا عددا من الأقمار الصناعية إلى المدار الجوي، وفي المجال الرياضي تم في التاسع والعشرين من شهر مايو عام 2006م في موسكو التوقيع على برنامج التبادل الرياضي بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب والوكالة الفيدرالية للتربية والرياضة في روسيا، وفي 20 يونيو 2014 م وصل إلى جدة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واستقبله الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وعقد الجانبان جلسة مباحثات مطولة ومعمقة تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في العديد من المجالات،إضافة إلى بحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وتأتي زيارة وزير خارجية روسيا للمملكة في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمير سعود الفيصل لروسيا، ونقله رسالة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تطوير العلاقات بين البلدين، والاتفاق على العمل سويا في إطار الجهود القائمة لتنفيذ اتفاق (جنيف1) الرامي لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في سورية، وبما يحفظ استقلالها وسيادتها ووحدتها الوطنية والترابية، مع أهمية توجيه الجهود نحو محاربة التنظيمات الإرهابية التي استغلت الأزمة السورية ووجدت لها ملاذا آمنا على أراضيها، وكذلك العمل على القضاء على المسببات التي شجعت على دخول هذه التنظيمات الإرهابية الأراضي السورية، كما تناول اللقاء أيضا تدهور الأوضاع في العراق وتأثيراته على المنطقة، والاتفاق على أهمية تركيز الجهود في المرحلة الحالية على ضمان أمن العراق وسلامته الإقليمية وتحقيق وحدته الوطنية بين مكونات الشعب العراقي كافة وبما يضمن المساواة فيما بينهم في الحقوق والوجبات على حد السواء، وفي نوفمبر 2014م زار الأمير سعود الفيصل حينها موسكو وعقد مع وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف محادثات ناقش الجانبان فيها مجموعة من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك الوضع في سورية، والعراق، وليبيا، واليمن والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وركزت المباحثات على الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لمحاربة الإرهاب الى جانب سبل تنمية العلاقات بين البلدين. وفي 26 ابريل 2015م شاركت المملكة في مؤتمر موسكو الدولي الثاني لمكافحة المخدرات في العاصمة الروسية موسكو، وعقد رئيس الوفد المشارك لقاءً مع رئيس الدائرة الفدرالية الروسية لمكافحة المخدرات تناولا خلاله سبل تعزيز التعاون في مجال تبادل المعلومات التخصصية لمكافحة المخدرات، وتواصلت بعد ذلك الزيارات المتبادلة والاتصالات رفيعه المستوى بين البلدين لتنسيق التفاهم تجاه ملفات المنطقة والعالم وتعزيز اطر التعاون بين الجانبين، وتعميق الشراكة بينهما في شتى المجالات.