يبدأ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اليوم الأربعاء زيارة رسمية لروسيا، يلتقي خلالها فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث يبحث الجانبان عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى تناول الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في اليمن وسوريا والعراق والملف الإيراني. كما يعقد سموه عددا من اللقاءات مع كبار المسؤولين في روسيا، حيث يتناول عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، المتعلقة بتعزيز التعاون بين البلدين الصديقين، إضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية. أهمية بالغة وتكتسب الزيارة أهمية بالغة، فعلاوة على المستوى الرفيع في التمثيل.. ترتبط زيارة سمو ولي ولي العهد بالسعي إلى تطوير العلاقات السعودية- الروسية، إدراكا من الرياضوموسكو للدور المهم الذي تضطلع به كل منهما على المستويين الإقليمي والدولي، وإيمانا من الجانبين بالمرتكزات الرئيسية التي سوف تسهم في رسم وتحديد حجم ومسار تلك العلاقات وصياغة إطار للتعاون الوثيق بين الرياضوموسكو في العديد من الملفات الملحة في الجانب الإقليمي والدولي. تجاوز الحساسيات وتأتي زيارة سمو ولي ولي العهد في الوقت الذي تسعى فيه الرياضوموسكو إلى تطوير العلاقات الثنائية، من خلال عمل الجانبين على تجاوز الحساسيات المتعلقة ببعض الملفات الإقليمية والدولية، وتسخير كل الإمكانات المتاحة لتجاوز المرحلة (الفاترة) التي خيّمت على العلاقات بين البلدين سابقا، في إشارة إلى المضي بفصل ومرحلة جديدة من التعاون الوثيق في ظل التطورات الإقليمية والدولية الراهنة. علاقة التاريخ الطويل العلاقات السياسية بين المملكة وروسيا تتمتع بتاريخ طويل يعود إلى العام 1926م، عندما اعترف الاتحاد السوفيتي بالمملكة لتصبح أول دولة في العالم تعترف بقيامها، وفي عام 1930م تم تحويل القنصلية السوفيتية في جدة إلى سفارة. وتجسدت العلاقات السياسية بين المملكة وروسيا من خلال الزيارات واللقاءات المتبادلة لتدعيم العلاقات بين البلدين في جميع المجالات ومختلف الميادين، وفي أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي توصلت الرياضوموسكو في سبتمبر 1990م إلى اتفاق بشأن تطبيع العلاقات الدبلوماسية واستعادة أنشطة البعثات الدبلوماسية، فافتتحت المملكة سفارة لها في موسكو في ديسمبر 1991م حينها اعترفت المملكة بالاتحاد الروسي الجديد خلفا للاتحاد السوفييتي إثر انهياره، في حين بدأت السفارة الروسية بالعمل في الرياض في مايو 1991م، وعملت القنصلية العامة الروسية في جدة فى أبريل 1991م. حرص على تنمية العلاقات ومن الواضح حرص قيادة البلدين الصديقين على تنمية العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة، فكثف البلدان من الزيارات المتبادلة لمسئوليها إيمانا منهم بأهمية الاتصال المباشر ودوره في التفاهم المشترك، فقد أسهمت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- حين كان أميرا لمنطقة الرياض إلى موسكو في يونيو 2006م في دعم العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات. فيما دفعت زيارة قام بها الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- في عام 1932م للاتحاد السوفيتي العلاقات بين البلدين، وحققت زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لموسكو في سبتمبر عام 2003م عندما كان ولياً للعهد، المزيد من دعم العلاقات التي تربط بين المملكة وروسيا، حيث التقى خلال الزيارة فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جو يسوده التفاهم والتعاون. وخرجت تلك الزيارة بالتوقيع على اتفاقية تعاون بين حكومتي البلدين في قطاع النفط والغاز ومذكرة تفاهم للتعاون العلمي والتقني وعدد من الاتفاقيات الأخرى، كما افتتح خلال الزيارة معرض المنتجات السعودية الذي نظمه مجلس الغرف السعودية هناك، كما نظمت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أعمال اللقاء الثقافي السعودي الروسي. كما أسفرت زيارات صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية المتعددة لروسيا عن نتائج إيجابية دعمت العلاقات الثنائية. زيارات متبادلة في عام 2005م قام فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة للمملكة جرى خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات، منها اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي في شأن الضرائب على الدخل وعلى رأس المال ولمنع التهرب الضريبي بين حكومتي البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال الثقافي بين وزارة الثقافة والإعلام في المملكة والوكالة الفيدرالية للثقافة والفن السينمائي في روسيا الاتحادية ومذكرة تفاهم للتعاون بين بنك الشؤون الاقتصادية الخارجية، وبنك الصادرات والواردات في روسيا الاتحادية والصندوق السعودي للتنمية. كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون بين وكالة الأنباء السعودية والوكالة الروسية للأنباء العالمية (ريانوفوستي) واتفاقية بين حكومتي المملكة وروسيا في مجال خدمات النقل الجوي. العلاقات الاقتصادية تأتي العلاقات الاقتصادية لتبرز قوة ومتانة الروابط بين البلدين الصديقين، وفي مقدمة الشواهد على متانة تلك العلاقة المتميزة تم في نوفمبر 1994م التوقيع على اتفاق للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني بين البلدين وذلك في ختام زيارة رئيس الوزراء الروسي الأسبق فيكتور تشير نوميردين للمملكة، وشكلت بموجبها اللجنة السعودية - الروسية المشتركة وافتتحت دورتها الأولى في أكتوبر عام 2002م.. كما عقد في نفس الفترة المؤتمر الأول لرجال الأعمال الروسي - السعودي المشترك للتعاون التجاري والاقتصادي. وعرف التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة نسقا تصاعديا وتطوراً ملموساً على جميع الأصعدة وبخاصة في مجال الاستثمار والتبادل التجاري، حيث شهد خلال السبع سنوات الماضية زيادة واضحة فارتفع حجم التبادل التجاري من 88.5 مليون دولار في عام 1999م إلى 1.4 مليار دولار في عام 2013م. النفط تعد المملكة وروسيا من أكبر الدول المصدرة للنفط ويتعاون البلدان في هذا المجال من أجل الحفاظ على أسعار متوازنة وعادلة لهذا المنتج الحيوي. كما يتعاون البلدان في مجال إنتاج البترول إِذْ وقعت المملكة مع شركة لوك أويل الروسية في مارس عام 2004م اتفاقية لاستكشاف وتطوير موارد الغاز غير المصاحب في منطقة شمال الربع الخالي بالمنطقة الشرقية. علاقات منوعة ولا تقتصر العلاقات السعودية - الروسية على الجوانب التجارية والاقتصادية فحسب بل تتعداها لتشمل الجانب الثقافي والرياضي، ففي نوفمبر عام 1995م شهدت العاصمة الروسية موسكو افتتاح قسم الأمير نايف بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية بجامعة موسكو، وفي سبتمبر عام 2001م افتتح سفير خادم الحرمين الشريفين في موسكو جناح المملكة في معرض الكتاب الدولي بموسكو، وتم من خلاله إطلاع الرأي العام الروسي على المنجزات الحضارية الكبيرة التي تحققت في المملكة بجهود قادة هذه البلاد وفقهم الله، إضافة إلى مشاركة المملكة في معارض أخرى أقيمت هناك. كما استضافت الأكاديمية الإِنسانية الاجتماعية الروسية في موسكو في مارس 2002م مهرجانا ثقافيا بعنوان يوم الثقافة السعودية شاركت فيه مجموعة من الشخصيات الثقافية والاجتماعية العربية الروسية وعدد كبير من رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية المعتمدين لدى روسيا الاتحادية. وفي السياق ذاته استضافت الأكاديمية المالية الروسية في أكتوبر 2002م ندوة العلاقات السعودية - الروسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها التي نظمها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالتعاون مع المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بموسكو وذلك بمناسبة مرور سبعين عاما على زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - إلى روسيا، كما تم في شهر مارس 2003م تدشين اليوم الثقافي للمملكة العربية السعودية بموسكو. وفي شهر يونيو عام 2007م افتتح معالي وزير الثقافة والإعلام الاستاذ إياد بن أمين مدني ورئيس الوكالة الاتحادية الروسية للثقافة والسينما ميخائيل شفيدكوي في موسكو فعاليات الأيَّام الثقافية السعودية في روسيا الاتحادية التي أقيمت في ثلاث مدن هي العاصمة موسكو وقازان وبلغار بجمهورية تتارستان التابعة لروسيا الاتحادية. وتقوم الأكاديمية السعودية في موسكو منذ تأسيسها في عام 1992م وحتى اليوم بدور كبير في نشر التربية والتعليم والثقافة العربية والإسلامية وسط العرب والروس هناك. وبدأ التعاون بين المملكة وروسيا في المجال الفضائي حيث أطلقت المملكة بمساعدة روسيا عددا من الأقمار الصناعية إلى المدار، وفي المجال الإعلامي وقعت في موسكو في الثالث من سبتمبر عام 2003م اتفاقية للتعاون الإعلامي بين كل من وكالة الأنباء السعودية (واس) ووكالة الأنباء الروسية (ايتار تاس). وفي المجال الرياضي تم في التاسع والعشرين من شهر مايو عام 2006م في موسكو التوقيع على برنامج التبادل الرياضي بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب والوكالة الفيدرالية للتربية والرياضة في روسيا خلال الاجتماع الذي عقد بين صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن عبد العزيز نائب الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس الوكالة الفيدرالية للتربية والرياضة في روسيا الاتحادية.