ظهر في العالم عبر الميديا الجديدة وبفضلها أفراد يصنعون السخف ويفوزون بالشهرة. وفي المقابل ظهرت عدة دعوات للتصدي لهؤلاء لكيلا ينساق الناس خلفهم ويستمرئون الجهل. كالعادة بدأت هذه الدعوات التصحيحية في الغرب ثم انتقلت إلينا. يلاحظ هذه الأيام انخفاض في كمية السخف السعودي المنتج على السوشيل ميديا. هل انحسار هذه الموجة يعود إلى انطفائها كما يحصل لأي موجة تفتقر إلى العمق أو إلى خوف السخفاء أن يحل بهم ما حل بأبو سن أو أن الحملات ضدهم أدت نتائجها. السخف السعودي الحقيقي لم يبدأ مع السوشل ميديا. ما بدأ مع السوشل ميديا يمكن أن نسميه السخف المحايد. الذي لا يضر ولا ينفع. يتعمد أصحابه الإضحاك للإضحاك. كأن يأتي رجل في الخمسين من عمره ويستعرض ببعض الحركات التي لا تليق بسنه أو نشاهد شابا يضع الأصباغ على شفتيه من باب التسلية. السخف السعودي الحقيقي بدأ في الثمانينيات الميلادية. قبل ظهور السوشل ميديا بسنوات. هيأت المؤسسات وبعض دور التعليم المنصات لمنتجيه كي يتصلوا بالأطفال واليافعين وصغار العقول من الكبار. بعد انتهاء موضة الدعوة للجهاد انطلقت الدعوات الموجهة للداخل. ظهر آلاف الدعاة الذي جندوا خيالهم للاستيلاء على عقول الناس. ولأننا لا نرى ولا نتحدث إلا عن دعاة الجهاد والإخوانيين وغيرهم من أصحاب الأجندات غضضنا الطرف عما هو أخطر منهم على الوعي والقدرات العقلية للمجتمع. ثمة طبقة من الدعاة أنتجت كمية من القصص والبكائيات وأحداث القبور والمنامات وغرف العمليات والمستشفيات وأقبية الجن وخرائب السحرة. هذا يأكل تمرة فلا يؤثر فيه سم الثعابين وهذا حدثه أحد الثقات عن رجل شرب المسكر وفعل الفاحشة في والدته وخالته وجدته وهذا الطبيب سمع بجهاز الفحص الطبي التشهد أو الأغاني وهذا قدم أوصافا تفصيلية لأجساد وطبائع بنات الحور والآخر شاهد الساحرة السوداء تطير وتلتصق في السقف. على مدى سنوات قبل وبعد السوشل ميديا أقيمت حفلات تكسير الآلات الموسيقية في الهواء الطلق وحفلات الإغماءات التي تصيب العائدين والتائبين وشاهدنا استخدام الأطفال في الترويج للأكاذيب. لا يستند سخفاء السوشل ميديا الجدد على بعد ديني أو أسطوري أو ثقافة شعبية تعزز سخفهم. تبقى أعمالهم في حدود الإضحاك والتسلية وتضييع الوقت. أقصى ما تقود إليه تدني الذوق العام إذا كانت البدائل غير متوفرة. دعاة السخف المستند على بعد ديني مسحوا الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال ودمروا قدرات أجيال على التفكير المنطقي والعقلاني. تركناهم فتركهم قانون الجرائم المعلوماتية أيضا وتفرغنا جميعا لملاحقة (أبو سن). وإن دل هذا على شيء فيدل أن هؤلاء الدعاة نجحوا في مهمتهم فتعطلت قدراتنا على تحديد مكامن الخطر.