هل نبالغ عندما نقول: «لا توجد ثقافة مجتمعية ربما في العالم أجمع» تكرس النظرة السلبية تجاه المرأة والرجل في إعلامها الجديد وغير الجديد مثلما يفعل ذلك بعض السعوديين؛ سواء عندما يفعلون ذلك في بعض البرامج التلفزيونية التي تعرض دائما في شهر رمضان، أو ما يقولونه عن بعضهم عبر تلك الأحاديث و"النكات" التي تبث عبر وسائط الإعلام الحديث! إن ما يستدعي الشعور بالخزي أن ينتمي لثقافتك ومجتمعك أفراد يحاولون دائما إظهار الرجل السعودي بأنه إنسان لا هم له سوى الجري خلف كل امرأة تثير إعجابه. كما أنهم يظهرون المرأة السعودية في تعليقاتهم ومشاهدهم بصورة المرأة القبيحة التي تفتقد لأبسط قواعد الإتيكيت ولا تجيد تدليل الرجل، التي أيضا لا تملأ عين زوجها، لأنها لا تملك مقومات الجاذبية والجمال التي تمتلكها قريناتها النساء من الجنسيات الأخرى!! طبعا نحكي ذلك مع يقيني أنا وغيري بأنها صورة غير حقيقية ولا تعكس سوى تفاهة وسخافة الهدف الذي ترمي إليه، وهو إضحاك الآخرين من باب "خفة الدم" متجاهلين - بعلم أو بغير علم - أن هذا التصرف يولد صورة ذهنية عامة أمام الثقافات الأخرى عن سمات الرجل والمرأة السعودية. للأسف هذا الخلل يمتد إلى فن الكوميديا بشكل عام، حيث ارتبطت هذه الكوميديا - في أعمال الفن العربية عامة والخليجية خاصة - بنهج تقليد الآخرين -سواء شخصيات سياسية أو اجتماعية شهيرة - بطريقة ساخرة جدا، تتهكم عليهم بحركات وإيماءات متبجحة خالية من الاحترام، بغرض الإضحاك فقط وربما لتمرير الإساءة بطريقة تفتقد للمسؤولية في أحيان أخرى. يفعل بعضهم ذلك حتى لو ترتب على هذه الفعلة انزعاج وجرح هذه الشخصيات، بل إنهم لا يبالون عندما يفعلون ذلك بمشاعر جمهور كبير ربما كان يحمل التقدير لبعض تلك الشخصيات. والاستفهام البسيط الذي يفرض نفسه دائما في هذه القضية هو: لماذا استمر هذا النوع من الفن ولاقى بعضا من النجاح - رغم سخافته ورغم الأضرار الثقافية والشخصية التي خلفها - ومازال يخلفها؟ لماذا؟ أعتقد أن جزءا من الإجابة يكمن في أن التهكم على الآخرين والسخرية منهم على الدوام صفة متأصلة في سلوك البعض، لذا لا يجد الواحد منهم عيبا في هذا الفن المتدني، كونه يدغدغ جانب "الوناسة" في صدره. أيضا جزء من محاولة الإجابة عن السؤال السابق تتجلى في أن شريحة كبيرة من الجيل الجديد نشأت وهم لا يرون في هذا النوع من الفن سوى هذه المحاولات السخيفة للإضحاك. وقد اعتاد عليها ولا يرى فيها عيبا كونها مستمرة في محيط اجتماعي وثقافي لا يدينها كثيرا. إذا طالما علت القهقهات على هذا النوع من الإنتاج الفني فستستمر تلك السخافات. أضعف الإيمان إذا عجز العامة عن إيقاف هذا النوع من الفن يستطيع أن يبدأ بنفسه ويقتلع من لغته ونكته وأحاديثه عبارات التهكم والإساءة الموجهة لرجالنا ونسائنا تحت مبدأ ما يسمى العامية ب (الطقطقة). كما لا يسمح لنفسه بتدويل أي نوع من الرسائل التي تحمل هذا المضمون لغيره. ليس من الظرافة والمتعة أن تغرس وتتداول عبارات ونكت تحمل سمات سيئة ومختلقة على الفرد السعودي بغرض سخيف يتعلق بالتسلية. تلك الكلمات التي نلقيها ولا نحسب لها حسابا سترسم صورة ذهنية مسيئة عنا سيصعب تغييرها فيما بعد، ليتنا ننشط كثيرا في محاولة ظهورنا بالصورة اللائقة بحقنا بذات القدر الذي نسيء فيه لذواتنا.