«السخرية تجيد التخفي في ثوب المدعي العام!» يشهد المجتمع حضوراً صارخاً لأشخاص لديهم كاريزما جاذبة باستخدامهم أسلوباً مميزاً من أساليب التعبير الكلامي؛ يعتمد فيه المتحدث على إظهار الصورة المعاكسة لما يرمي إليه المتكلم؛ والهدف منه: * النقد والسخرية من قول المتكلم أو فعله. * الإضحاك والمتعة بصبه في قالب كوميدي يعتمد على التشويه الفكري أو الجسمي. وللساخر نية تظهر، وتختفي، فأحياناً ينقد السلبيات التي انتشرت للفت الانتباه إلى مدى خطورتها على المجتمع، فيلجأ لتضخيمها ليُظهر بشاعتها، وهذا هدف محمود كدور الأدب الساخر «الملهاة» إذ تصور عيوب المجتمع بأسلوب مضحك لتحذير المجتمع ولفت انتباه صناع القرار لها، وفي الوقت نفسه إمتاع الجمهور، وأحياناً تستخدم للإضحاك فقط. وقد يشعر الساخر بالعدوانية فيصب جام غضبه وكرهه بأسلوب لاذع مؤلم مبالغ فيه؛ فالسخرية خليط من انفعالين: الغضب، والاشمئزاز. والساخر يُنفس عن غضبه واشمئزازه بطريقة ترضي نفسه الحانقة ولا تغضب المجتمع لأنه يقدمها بصورة هزلية. وللسخرية أوجه تظهر في الهجاء، أو المدح بما يشبه الذم أو التلاعب بالألفاظ، أو تقليد الحركات والصوت واللبس أو كما في «الفن الكاريكاتوري» واللافت في عصرنا أن السخرية بالسلبيات التي تصاحب المتغيرات في المجتمع لم تعد ظاهرة فحسب، بل أصبحت تلعب دوراً أساسياً في إبراز الوجه السلبي لكل حدث جديد يمر فيه المجتمع والأكثر دهشة أن الأحداث التي تسلط عليها عدسة السخرية تبدو في معظمها جادة وإذ بها تفاجئنا بأن أبرزت مساوئ لم تطلها العين المجردة، فالتهكم على حُب الشعب للإجازات يسلط الضوء على مشكلة أكثر خطورة كعدم تزامن الخطة الدراسية بالمنهج والنشاطات اللاصفية. ويبدو أيضاً أن السخرية نافذة تنفيس، فعندما تكون المشكلة أكبر من القدرة على مجابهتها يسخرون منها فتتضعضع أمام نكتهم وتهكمهم، كمشكلة: غلاء المساكن، والبطالة. إن السخرية إدانة وشاهد يساهم في تثبيت السلبية على المتسبب فيها، كما يمتلك الساخر براعة المبدع في تسليطه الضوء على السلبية، إلا إن طالت الإيذاء والألم والتعدي على إنسانية الغير، فتتحول لمشكلة تربوية يجب أن يخضع صاحبها للعلاج أو العقاب.