كما هو معلوم أن الرقابة هي وظيفة من أهم وظائف الإدارة، والتي من خلالها يتم تقييم وتقويم أداء المنظمة. وانطلاقاً من هذه الأهمية وبالعودة إلى حركة النهضة الإدارية بداية العقد الأول من هذا القرن، وبالتحديد قرار اللجنة العليا الإصلاح الإداري رقم (190) في عام 1409 والمتضمن إنشاء وحدات تتولى مهام التفتيش في الأجهزة الحكومية (تم تعديل مسماها لاحقاً إلى وحدات المتابعة) وتحديد المهام المنوطة بها، أبرزها التأكد من سلامة العمل وترشيد الأداء والقيام بجولات تفتيشية لكشف مواطن القصور والإهمال وتصحيح المسار، إضافة إلى فحص الشكاوى وإجراء التحقيق ومراقبة انتظام دوام الموظفين. واذا ما أمعنّا في هذه المهام نجد أن هذه الوحدة قد غطت الجانب الرقابي والذي كما أسلفت (أعني الرقابة) أنها من أهم وظائف الإدارة. لكن.. وبعد مرور حوالي 30 عاماً على صدور هذا القرار، أتساءل ألم يحن الوقت لإعادة تقييم مخرجات هذه الوحدة ومدى فعاليتها، وهل هناك حاجة أصلاً لوجودها على خارطة الأجهزة الحكومية، أو إعادة النظر في مهامها؟! كما لا يخفى على كل إداري التطور الملحوظ في عالم الإدارة وظهور أدوات عديدة تخدم وظائفها، واستحداث إدارات في الأجهزة الحكومية تواكب هذا التطور مثل إدارة الجودة وإدارة المراجعة الداخلية والتي هي بدورها تقوم أيضاً بدورها الرقابي في الأجهزة الحكومية، إلاّ أن هذه الإدارات تسير وفق لوائح ومعايير متطورة بعيدة عن العمل العشوائي وغير الممنهج. وجهة نظري ألخصها بالتالي: * في ظل تقدم التقنية يوجد هناك برامج تقنية تقوم بدور كبير يحل محل وحدة المتابعة لمتابعة مستوى الإنجاز وفعالية وكفاءة الأداء. * وجود أكثر من إدارة رقابية هو هدر للجهد والمال، وهذا يتنافى مع أهداف الرقابة والتي من أهمها الترشيد. * الأغلبية من الأجهزة الحكومية تختصر وحدات المتابعة بعملية ضبط حضور وانصراف الموظفين ومدى تواجدهم خلال أوقات العمل فقط، وهذا الدور كما أسلفت أن التقنية أيضاً تقوم بوضع الحلول لهذه المهمة (البصمة، بطاقة الدخول... إلخ)، مع العلم أن إدارة الموارد البشرية في شكلها الجديد هي المسؤولة عن كل ما يتعلق بأداء الموظف بما فيها مستوى انضباطه، وصولاً للتحقيق في مخالفاته بالتعاون مع الإدارة القانونية. * إذاً ولدواعي التخلص من جميع عوامل الازدواجية أرى ضرورة، إلغاء وحدات المتابعة لاسيما في ظل وجود إدارات تعنى بالرقابة والأنظمة وبالموارد البشرية وبالجودة وتحت مظلة تدقيق المراجعة الداخلية هو الحل الأمثل ولا داعي للتمسك بمهام وحدات المتابعة لأنها بالأساس من ضمن مهام هذه الإدارات الآنفة الذكر بصورة أو بأخرى مع الالتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة.