بعد غياب عن مونديال جنوب أفريقيا 2010، ومونديال البرازيل 2014، تأهل مساء الثلاثاء الأخضر لكأس العالم في روسيا 2018، بفوز مستحق على اليابان بهدف النجم المشاكس والحيوي والمتحرك فهد المولد الذي منذ نزوله في الشوط الثاني أحدث الفارق في طريقة اللعب، من خلال اندفاعاته المعتادة وحماسه وعدم خوفه، وانطلاقاته التي أعادت اليابانيين إلى منتصف ملعبهم، وحجمت تقدمهم وقللت من سيطرتهم التي كانت في الشوط الأول وقوتهم البدنية واندفاعهم القوي رغم أنهم قد حسموا تأهلهم إلى مونديال روسيا الأسبوع الماضي أمام أستراليا، وهذه المباراة بالنسبة لهم تعتبر تحصيل حاصل، لاتقدم ولاتؤخر ولكن تسجل في التاريخ، لعب المنتخب الياباني بكل قوته المعتادة وتركيزه وهدوئه، لم يرعبه الحضور الجماهيري الذي تجاوز 62 ألف متفرج ، تواجدوا مبكراً وقبل بداية المبارة بساعات، ورغم أن المنتخب السعودي ظهر في الشوط الأول آقل من مستواه، ولم يقدم المأمول إلا أن المبارة في الشوط الثاني أخذت منحى الرغبة في الفوز، هذا الفوز تمثل في عدة محاور أهمها: 1- نزول فهد المولد والإرباك الذي قام به وتسريع اللعب والهجوم على الأطراف وتسجيل الهدف، وإضاعة أكثر من هدف. 2- شجاعة وتركيز نواف العابد وتمركزه الممتاز لمرتين في قلب المرمى رغم أنه مهاجم وإنقاذه لهدفين كان من الممكن لو دخلت مرمانا لكنا في الملحق الآن. 3- تحرر كل اللاعبين من الخوف والضغط قبل الهدف واندفاعهم إلى المرمى الياباني بقوة ومن كل الاتجاهات عبر تمريرات صحيحة وجميلة وتركيز ذهني عالٍ، وهدوء أعصاب وعدم تسرع أو نرفزة أو تشتيت للكرة. 4- جميع اللاعبين كانوا في مستوى عالٍ ولكن عمر هوساوي تعملق في الدفاع دون ارتكاب أخطاء، وبجانبه منصور الحربي الذي نال الكثير من الهجوم سابقاً لكنه في هذه المباراة كان مبدعاً وتألق في خانة الظهير الأيسر وعاد منصور السابق، في الوسط الأكثر تألقاً وديناميكية جماعية سلمان الفرج، والمقاتل نواف العابد. والفنان يحيى الشهري، وفهد المولد، ولكن البقية كانوا أيضاً في الموعد وحافظوا على انسيابية الفريق والوصول لهذه النتيجة التي أهلتنا، الكابتن أسامة هوساوي، وياسر الشهراني والخلوق تيسير الجاسم والسهلاوي هداف التصفيات وعبدالله عطيف وعبدالله معيوف، وحتى الاحتياطي معتز هوساوي والزوري عندما نزلوا حافظوا على رتم اللعب، والحيوية والقوة والرغبة في الفوز، وإسعاد الجماهير التي حضرت. 5- تحرر اللاعبين من أنديتهم تماماً، والألفة التي طغت على المجموعة والتناغم والانسجام، وتمازج المجموعة كلها الأساسي والاحتياطي في بوتقة الفريق الأخضر، الذي ينتمي للوطن فقط في هذه اللحظات، فالجميع يدافع ويهاجم ويغطي زميله دون أنانية أو تمثل بإحساس أنه هو من جلب الفوز، هذه الحالة وصلت للجمهور داخل وخارج الملعب، الذي شجع 14 لاعباً بحب واختصاص بأن هذا اللاعب هو ابن الوطن. 6- لفت انتباهي وجود أحمد عيد رئيس الاتحاد السعودي السابق مع عادل عزت الجديد ونزول الجميع للملعب بعد الفوز هذه ثقافة جديدة وهي تعكس تغير في الفكر وتؤسس لفكر العمل الممتد والتراكمي والجماعي مثله مثل لعبة كرة القدم نفسها. أخيراً تأهلنا وعشنا الفرح وكأنه جزء لا نستطيع تفسيره، كنا نحتاجه، وكان حلماً له اسم قبل ولادته، وتحقق، مبروك تأهلنا لكأس العالم للمرة الخامسة، مبروك لنا تلك الروح القتالية التي حضرت، مبروك وحدة روح اللاعبين، ومبروك للوطن هذا الفرح، وأعراس البهجة، دامت لنا أفراحنا الجماعية..