لم تكن عودة السفير القطري علي بن أحمد علي السليطي إلى طهران خطوة مستغربة لما يجمع البلدين من مواقف مشتركة واتفاقيات سرية وعلنية وهدف موحد ينطلق من مساعي الدوحةوطهران لمد نفوذهما، وبسط سيطرتهما، والتدخل في شؤون دول المنطقة عن طريق زعزعة أمنها واستقرارها بصناعة الجماعات الإرهابية، ودعمها ضد أنظمة الحكم للضغط على قرارها والتحكم بمصير دولها. وأكد تقرير إستراتيجي أعده مركز المزماة للدراسات والبحوث أن الجديد في هذه الخطوة ليس سوى التصعيد من جانب قطر التي أصبحت في عزلة دولية بسبب مواقفها الداعمة للإرهاب، فأرادت من ارتمائها بحضن الملالي أن تفك شيئاً من العزلة، لكنها أقدمت على خطوة ستدفع ثمنها باهضاً نظراً لما للتقرب من النظام الإيراني من مخاطر على دويلة قطر، تفسرها مطامع طهران في السيطرة على القرار القطري، واستغلال ميزانيتها المالية لدعم المشروع الفارسي التوسعي، وهو ما يكشفه الترحيب الإيراني بعودة السفير القطري، ووصفه هذه الخطوة بالإيجابية. ومن المؤكد أن تكون عودة السفير القطري إلى طهران قد جاءت بضغط إيراني على أمير قطر، والهدف منها التأكيد على إصرار الدوحة بعدم تلبية مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لتغيير سياسة النظام القطري، حتى يستمر الدعم الإيراني للأمير القطري، وترى طهران أن هذه الخطوة التصعيدية ستزيد من شق الصف العربي والخليجي، وهو ما تسعى إليه طهران منذ البداية، وتأمل في أن تؤدي هذه الخطوة إلى تفكيك مجلس التعاون الخليجي، بعد طرد قطر منه كردة فعل من المملكة والإمارات. وهذه الخطوة تؤكد أن قطر لا ترغب في وضع نهاية للأزمة الراهنة رغم كافة الوساطات والدعوات العربية والعالمية لها بضرورة الاستجابة للمطالب بوقف دعم الإرهاب، ورغم أن المملكة والإمارات طالما أبدتا حسن النية في وضع حد لهذه الأزمة إلا أن الأمير تميم رد على كل ذلك بإعادة سفير بلاده إلى إيران، والإصرار على دعم الإرهاب، وهذا له مؤشر قوي على عدم إمساك النظام القطري بمصير سياساته الخارجية، وخاصة فيما يتعلق بالأزمة الراهنة، وأن القرار أصبح بيد محور إيراني - إخواني لا يجرؤ النظام القطري على مخالفته أو رفضه في الوقت الراهن؛ بسبب ما يعانيه من ضعف سياسي واقتصادي وعسكري وأمني بعد انشقاقه عن المنظومة العربية والخليجية. هذا التعنت القطري شكل مدخلاً مثالياً لإيران الساعية إلى إضعاف الدول العربية والتحالف المواجه لأطماع الملالي في المنطقة، ومن جهة ثانية يعتبر دعمها للدوحة فرصة لإعادة ترميم العلاقات مع تركيا وتنظيم الإخوان. وتهدف من وراء كل ذلك إلى تشكيل محور جديد إلى جانب ما تسميه «محور المقاومة» المكون من طابورها الخامس في المنطقة، لإضعاف الدول العربية الساعية إلى تطهير المنطقة من الجماعات المسلحة التي أوجدتها طهران وتنظيم الإخوان. ووصف عدد من الخبراء قرار الدوحة إعادة سفيرها إلى طهران بالخطوة العدائية ضد الدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب، وتعبر عن إفلاس النظام القطري في الدفاع عن نفسه أمام التهم الموجهة إليه بدعم الإرهاب، بعد محاولاته الفاشلة للتأثير على المواقف الدولية بلجوئه إلى منظمات ومؤسسات دولية وقانونية وفبركته للأحداث، فخضع للضغوط الإيرانية في اللجوء إلى نظام الملالي والحرس الثوري، وهو كشف لحقائق طالما حاولت الدوحة إنكارها في تبنيها للمشروع الإيراني الصفوي ضد الدول العربية.