من صنوف التعامل العَقدي قديماً، وبعضها لايزال مفردة (قطوعه) فنقول: قَاطَعَ فلاناً على كذَا وكَذا من الأجر والعملِ ونحوِهما: ولاَّهُ إِيَّاهُ بأُجرَة معيَّنَة. وليس بالأمتار ولا بساعات العمل. وكلما همّ العامل وبذل الجهد والسرعة يقترب من استلام أجرته. يبدو أن الشركات الكبيرة مثل المصارف والمشافي الأهلية يأخذون العامل لديهم (قطوعة)، لكنها من النوع غير المعلن. فمن يعمل في مصرف مثلاً ينتظر منه أصحاب المصرف أن يجلب عدداً معيناً من العملاء الجدد، وإن لم يفعل ذلك، أو لم ينجح بإتمام تلك الرغبة (الخفيّة عن النظام) فإنه لن ينال التقدير الأمثل في أدائه السنوي، وينتج عن هذا طبعاً عدم النظر في ترقيته، وربما تعدّت المسألة ذلك بالاستغناء عن خدماته وعدم تجديد عقده (والنظام بجانبهم)، وذلك بسبب «الهيكلة!» الجديدة التي تقتضي الاستغناء عن خبرة رجل أو امرأة خدمت عندهم وأزاحها (التارجيت) Target. أي الهدف المحدد لها مقدراً بعدد العملاء والمودعين الذين استطاعت أن تجلبهم. هذا في المصارف. لكن الذي اسمعه ولا أجزم بدقته أن بعض المستشفيات الخاصة تُحدد (تارجيت) بينها وبين نفسها للعاملين بأقسام المصحّة من أطباء وصيادلة، وما لم يصل أولئك العاملون إلى ذلك الهدف فقد تتخطاهم الترقيات والإجازات المدفوعة. يعتبر مجال القطاع الخاص من أكثر المجالات الثرية بالوظائف والفرص، بالإضافة إلى فرص الترقي الكبيرة الموجودة للعاملين فيه، ومع ذلك يظل مجال العمل بالشركات الكبيرة ومنها المصحات من أكثر المجالات الشائكة وخصوصاً في منطقتنا، حيث إن أغلب الخريجين الجدد يواجهون مشكلة في تقبل العمل في هذا المجال، وخصوصاً مع الأقوال الشائعة عن التارجيت. فقد شاع بل أصبح معروفاً أن الطبيب الذي يطلب حزمة من التحليلات، ويصرف كميات من الأدوية التي قد لا يحتاجها المريض، هو الطبيب المقدم عند مالكي المصحة. وتعلّم بعض مقدمي الخدمة العلاجية عبارة «عشان نطّمّن»، وبالطبع نفسية المريض لا يمكنها الرفض أو المناقشة. ولو كان المريض من المسجلين في المستشفى يمكن لأي فاحص التقصّي من الشاشة عن عدد التحاليل وتكرارها. ثم إن ثقافة «التارجيت» وهي ثقافة وافدة، تقول للموظف/الموظفة أن عليه أن يواصل بنفس الجهد حتى ترفع من قيمة الهدف المحقق سابقاً كل مرة. و»يضخ» أموال العملاء إلى خزينة المؤسسة. شعبنا إذا جاء ذكر التقدم والفلاح يقول: بدري علينا. لكن في الأخذ بالمحبطات المستوردة أسرع من الصاروخ.