في أكتوبر 2007م، صدرت مجلة التايم الأميركية الشهيرة وعلى غلاف عددها أفردت عنواناً رئيساً يصف "تويتر" بأنه ثورة "مريبة"، وتناول رئيس التحرير موضوعاً مخصصاً في صفحة كاملة عن أهمية "تويتر"، مع ومضات من بدايات عالمنا المتسارع اليوم نحو ثورته الجامحة في عالم الاتصالات، ووسائل التواصل الاجتماعي بعوالمها المختلفة، كان ذلك مع أول ظهور ل"تويتر" حيث بدايات تقديم تدويناته المصغرة ثم انتشاره. "تويتر" اليوم فعلاً يمثل ثورة تواصلية هائلة انطلقت بسرعة النانو حتى لم تعد تحت السيطرة، ومن هنا تتبدى خطورتها التي استقطبت الكثيرين إلى حد الاستغراق والالتهام، وغدت أسفاً تقودنا، لا نقودها، وقد نختلف فى تقييمها كل حسب رؤيته وثقافته وإدراكه لحجم الإيجابيات والسلبيات الكامنة فيه، وتأثيرها على المجتمعات ثقافياً وتربوياً واجتماعياً واقتصادياً. ماريو فارغاس، الروائي النوبلي العالمي يرى في كتابه "حضارة الاستعراض" أهمية التنبيه إلى الكثير من المخاوف على الحضارة الإنسانية وثقافات الشعوب من "وسائل التواصل الاجتماعي" ومنها "تويتر" بالطبع؛ ووصل أسفاً إلى أن الحضارة التي تعطي ثقافتها السائدة الأهمية الكبرى للتسلية وتشكيل المتعة وتجنّب كل ما يثير التفكير فيها، ستجعل الثقافة تتغيّر من مضمونها على مدى عقود قليلة وتنصهر انهياراً إلى حيث لم تعد مرادفة للفكر والنقد وطرح الأسئلة الجوهرية لصناعة الحياة ومستقبلها! بقي من اللافت في القراءة الثانوية لكتابه، أن ماريو "النوبلي" لم يتردد في التأكيد على أن مثل هذه الثقافة الاستعراضية "تعكس مسألة أخلاقية" تأتي في صميم الأسباب التي أدّت إلى انهيار الثقافة العليا، وتتناسق مع الانحطاط الثقافي؛ حيث غدا هناك خلط سائد في الأذهان ومعه إحساس متقولب بأن الثقافة لم تعد أكثر من "طريقة لطيفة لتمضية الوقت"! المحصلة البدهية المباشرة، أن سلوكيات "تويتر" باتت عبئاً وهمّاً يقضّان مضاجع التربويين والمثقفين والمهمومين بالحضارة الإنسانية وبثقافات الشعوب "المنتجة" المختلفة للدرجة التي دفعت الكثيرين من المبدعين العالميين إلى تأليف العديد من الكتب التي تلفت الانتباه إلى خطورتها على الحياة الإنسانية. في الاختصار الأخير، عندما ننظر إلى مهاترات "تويتر" وسلوكيات كثير من مرتاديه، والتي كشفت وخلعت كثيرا من الأقنعة من المفلسين فكريّاً وسلوكيّاً وخُلقيّاً للأسف؛ نجدها نعمة كبيرة لظهور مثل هؤلاء على حقيقتهم، والوقوف على اتجاهاتهم واستعداداتهم "المخيبة" حتى لو كانوا من مشاهيره ونجومه؛ ليبقى كل ما يهمنا اليوم ضرورة احتفاظ مجتمعنا وأجياله باختلاف الأفكار مع ثبات القيم والقيمة الإنسانية دون تهديد من استمرار التقدم التكنولوجي والعلمي ووصوله إلى مستوياته الحالية في استعمالاتنا المجنونة والمسيطرة علينا، وعلى أنماط تفكيرنا وأجيالنا و"تربيتهم" كذلك!