ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع السعودي تشكل في واقعها ظاهرة تتطلب العديد من الدراسات والمعالجات للحد منها، خاصة وان نتائج الطلاق لا تتوقف عند طرفي الزواج وهما يستحقان المساعدة والدعم بل تتسع لتصيب الأبناء والمجتمع بآثار سلبية عديدة، قد يقول البعض إنه في مواقف ما حل، نعم هو كذلك ولكن في مواقف أكثر هو مشكلة. السؤال ماهي آليات مواجهة المشكلة؟ هل تكفي الدورات التي تقوم بها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؟ أم أننا في حاجة لعمل متنوع وواسع لمواجهة تلك الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية؟ الطلاق ليس رغبة عند الإنسان، بل هو خلاص من مشكلة أو هو عدم قدرة على معالجة مشكلة أو هو بين هذا وذاك ضامر في مساحات مختلفة بين اختيار خاطئ أو تغييب لذات الآخر أو رفض إعطاء الحقوق والالتزام بالواجبات من طرف دون آخر أو هو بسبب انحراف سلوكي أو مرض نفسي. قد تكون أسبابه الأقوى اجتماعية وقد تكون اقتصادية وقد تكون سلوكية وقد تكون صحية وخاصة الصحة النفسية وقد تكون ثقافية وفكرية. الشاهد في ذلك أن أسباب الطلاق متنوعة مما يعني معه ضرورة العلاج للظاهرة وفق نظرة شمولية. ورغم اتساع المشكلة وانتشارها في كافة المدن والقرى إلا أن مواجهتها ليست بالحجم المتوقع؟ علما أن هناك جمعيات أهلية تعمل على مواجهة أثر الطلاق ومساعدة أبناء الأسر وتحديدا في رؤية الأبناء خاصة مع تعسف أحد الأبوين مثل جمعية مودة، إلا أن التجذر في قراءة أسباب مشكلة الطلاق مازالت دون المطلوب، ولعل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع بعض المؤسسات الحكومية وخاصة الجامعات ووزارة العدل ووزارة التعليم وهيئة حقوق الإنسان في تشكيل فريق عمل لدراسة المشكلة ووضع آليات لمواجهتها بكل الطرق سواء من حيث التشريعات خاصة التي تعطي للزوجين حق معرفة بعض المعلومات عن الطرف الآخر خاصة ما يرتبط ببعض الأحكام الجزائية أو الصحة البدنية والنفسية أو وجود زوجة على ذمة الرجل أو معرفة أسباب الطلاق في حال وجود تجربة سابقة لأحد الزوجين. وغير ذلك، أو من حيث الخدمات المؤسسية قبل الزواج وأثناء الزواج لمن يعانون من صعوبات التكيف قد يكون تدخل اختصاصيين مؤهلين في الوقت المناسب والأساليب المناسبة سببا في تخطي بعض المشاكل الصغيرة، بالإضافة لضرورة بناء ثقافة ووعي لدى كافة الشباب بمفهوم الأسرة وحقوق الشريك وفق رؤية معاصرة توازن بين الحقوق والواجبات في كافة محاور الحياة الزوجية، نحتاج منهج علمي يؤكد إنسانية الرجل والمرأة وليس معلومة تؤكد أنها تكنس وأنه يجلب المال فالمشهد الاجتماعي والثقافي تغير جذريا؟ نحتاج مؤسسة عدلية توفر كافة المعلومات الأساسية للطرفين مع ضرورة تغير في ثقافة بعض شبابنا من الجنسين في آلية اختيار وقبول شريك العمر خاصة مع اتساع مساحة التعايش المجتمعي. ولعل هذا الملف يكون أحد تحديات مجلس الأسرة الذي سمعنا بإنشائه لنرى أعماله بعد الموافقة السامية على تأسيسه؟.