اعتبر خبراء ومختصون طلاق «شهر العسل» ضريبة التسرع وسوء الاختيار، خاصة وأن العلاقة الزوجية تقوم على وجود قيم وقناعات مشتركة لدى الطرفين، وأرجعوا أسباب حدوث الطلاق المبكر إلى افتراضات قوية ومصيرية قبل الزواج، منها عدم الصبر لاكتشاف شخصية الآخر، إلى جانب الانحرافات السلوكية والأخلاقية كتعاطي الخمر والغضب والبخل.. «عكاظ الأسبوعية» تطرقت للملف الشائك وطرحت تساؤلات عدة على المختصين والمهتمين، كما تستعرض بعض الحالات على لسان من عاشها. قصة حب كانت حدثا صادما أشبه بسيناريو فيلم هندي عن شاب وفتاة في الرياض، وانتهت إلى الطلاق قبل أن يمضيا شهرا ونصف في عش الزوجية. تفاصيل القصة التي تناقلتها الرسائل الإلكترونية كانت مدهشة للغاية، وتتلخص في أن شابا تعرف بفتاة في موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «تويتر» بعد سلسلة كتابات حازت إعجابا متبادلا بين الطرفين، انتهى بحالة حب قادتهما إلى عش الزوجية عبر بابه الرسمي التقليدي المتعارف عليه. ولم يدم الصفاء بينهما طويلا، إذ دبت بينهما الشكوك والوساوس فقررا إلغاء حسابيهما في «تويتر» كإجراء وقائي ولطرد كل الوساس والشكوك التي قد تحصل مستقبلا وتهدد بيتهما، إلا أن هذه الخطوة لم تستمر طويلا، إذ عمد كلاهما دون معرفة الطرف الآخر إلى إنشاء حساب باسم مستعار، فكانت الفتاة تستغل ذهاب زوجها إلى عمله وكذلك كان الشاب يستغل وجوده بعيدا عن أعين زوجته للكتابة في حسابه الجديد. الكارثة تمثلت هنا عندما وقعت الزوجة في حب زوجها دون علمها بأن صاحب الحساب والاسم المستعار هو زوجها، وباتا يتبادلان الأحاديث الغرامية بواسطة الرسائل الخاصة، وانتهى الأمر إلى تبادل أرقام الهواتف الشخصية، وبعد إلحاح منه على سماع صوتها كانت المفاجأة والصدمة ليكتشف أنها زوجته، فعاد مباشرة إلى المنزل وأبلغها بضرورة الفراق بالتراضي. قصة واقعية لم تكن هذه القصة من نسج الخيال، بل إنها مروية من صاحبتها مباشرة، وربما كان هناك عدد من القصص الغريبة من ذات المستوى أو أقل أو أكثر، إلا أن ما يهمنا هنا معالجة قضية الطلاق وخصوصا المبكر منه، وهنا يوضح مدير مركز التنمية الأسرية الدكتور خالد بن سعود الحليبي أن استخدام التقنية بشكل عبثي من الأسباب المؤدية إلى الطلاق المبكر، حيث يتعرف الشاب على الفتاة ويعيشون عالما افتراضيا فيتعلق أحدهما بالآخر نفسيا، وبعد الدخول يكتشف كل منهما حقيقة الآخر. وقال: «التقنية لا تصلح للحكم على الطرف الآخر، بل هي عالم مليء بالوهم»، لافتا إلى أن من ربط علاقته بطرف آخر عن طريق آخر فإنه سوف يشكك فيه مستقبلا، مؤكدا أن المركز الأسري الذي يشرف عليه يتلقى كثيرا من هذه الحالات. وبين الحليبي أن كثيرا من الدول العربية تسبقنا في زيادة نسبة الطلاق المبكر والتي تسبق الدخول أحيانا، حيث وصلت في العاصمة الأردنية عمان إلى 78 في المائة من مجمل حالات الطلاق، وفي غزة 34 في المائة، وفي قطر أكثر من 39 في المائة، لافتا إلى أن في العالم العربي بشكل عام يكثر الطلاق في السنة الأولى حتى أنه يصل في بعض الدول إلى 60 في المائة وأكثر. زواج وانتقام وروت حصة محمد، أنها حملت لقب «مطلقة» بعد أسبوع من زواجها، وقالت: «طلقني زوجي دون سابق إنذار، وحين سألته عن السبب كان رده (أريد حرق قلب أمك عليك كما حرقتم قلب أمي على أخي)»، وتضيف: «زادت حرقتي كثيرا عندما علمت بأن هذا الزواج كان خدعة هدفها الانتقام من أهلي لأن أختي متزوجة بأخيه وحصلت مشكلات بينها وبين زوجها، وطلبت والدته تطليقها فرفض الزوج، عندها قرر أخوه الانتقام فتزوجني وهو يخطط لطلاقي بعد أسبوع ليحرق قلب أهلي». لا تكافؤ وفي حالة أخرى، قالت ريم الشمري إنها كانت ترسم الأحلام الوردية بخيالها الواسع مثلها مثل أي عروس، تمتلك كل شيء ولا ينقصها إلا رجل يشاركها الحياة ويمنحها الحب، وتضيف: «تزوجت ولكن فرحتي لم تدم طويلا واصطدمت بجدار الفشل وأنا في شهر العسل، بعد أن طلبت منه مبلغا ماليا كبيرا أردت تقديمه كهدية لأخي في زواجه، لكنه رفض وأخبرني بأنه لا يملك هذا المبلغ، وأن علي تقدير ظروفه والتخلص من «العز» والدلال الذي عشته في بيت أهلي فطلبت الطلاق». غير محتشمة وبما أن التكافؤ مطلب مهم لاستمرار العلاقة الزوجية وهذا ما تجلى واضحا في قصة مزنة حسن، التي أكدت أن سبب طلاقها يعود إلى تحرج أهل زوجها من ملابسها القصيرة وفق الزوج، بالرغم من حداثة زواجها والذي لم يتجاوز الأسبوعين، وقالت: «كان يخبرني دائما بأن أهله يرددون (زوجتك غير محتشمة وعليها تغيير طريقة لبسها حتى لا تتسبب في إحراجنا مع الزوار)، رأيت أن أهل زوجي لا يملكون الحق في التحكم في طريقة لبسي وحدث الطلاق». عناد وتحدٍّ وفي حالة ثالثة روت منى عبدالله قصة ابنة أخيها العروس، وقالت: «لاحظنا أن حالة الفتاة غير مستقرة في زواجها، وما أثار اهتمامنا أكثر إدمانها على «الواتساب» وعند مواجهتها أخبرتنا بأنها وزوجها ليسا على وفاق وكل منهما لا يريد أن ينصاع للآخر، ويصر على تنفيذ رأيه وقراراته دون تقدير لظروف الآخر مما اضطرهما للطلاق لرفض الطرفين التنازل أو التسامح». تعاطي الكحول ويعتبر تعاطي الكحول من الأمور الأساسية لحدوث الطلاق، ففي حالة ريم أنها علمت فجأة بعد مرور أسبوع من زواجها بأن زوج المستقبل يتعاطى الكحول وحين طلبت منه التوقف رفض وطلب منها التكتم على الأمر، وقالت» «قال لي (خلي الأمر سر بيننا أنا وأنت) ويمكننا أن نتعاطى الخمر سويا ونستمتع بحياتنا، ولكني بالطبع أخبرت أهلي وطلبت الطلاق». عشاق مثاليون وقد يلتبس لدى الكثير من الناس مفهوم الحب والإعجاب ويندفعون خلف مشاعرهم دون معرفة حقيقتها، ففي قصة فجر حسين قالت: «تزوجت بأحد أقاربي بعد علاقة حب عميقة كان يغرقني بالهدايا قبل الزواج في كل زيارة، وبعد زواجنا سافرت معه حيث مقر عمله وبعد أسبوعين تغيرت معاملته كثيرا وأصبح شخصية لا أعرفها وبدأ يضربني ويكره الجلوس معي ويحبسني في المنزل ظنا منه أني سأهرب، وكان يعود ويعتذر ثم يعاود الكرة حتى مللت اعتذاره، وعند ذهابه للعمل اتصلت بأهلي فجاء أخي وكسر الباب بمساعدة الجيران وأخذني دون علم زوجي وطلبت الطلاق وعلقني عاما كاملا حتى أعود إليه لكني رفضت فطلقني، وتزوجت برجل متزوج ومستقرة حاليا». أسباب الطلاق وحول الطلاق في شهر العسل أكد المستشار الأسري عبدالله محمد القاسم، تعود أسباب حدوث الطلاق في الغالب إلى افتراضات معينة قوية ومصيرية قبل الزواج، منها عدم الصبر لاكتشاف شخصية الآخر حيث تكون شخصية أحدهما غير مهيأة لتحمل المسؤولية أو التعامل مع المشكلات الزوجية وهو أمر غير عقلاني، إذن فالاستعدادات موجود مسبقا للتعامل مع المشكلة بهذا الشكل، منها عندما تفاجأ الفتاة بالحياة والمسؤوليات الجديدة أو يفاجأ الشاب بحمل مسؤولية والتزامات جديدة، الانحرافات السلوكية والأخلاقية كتعاطي الخمر والغضب والبخل. طرق العلاج يتساءل البعض عن أسباب الطلاق في الزيجات التي تتم بعد قصة حب، وهنا يرد القاسم، بأن الحب قبل الزواج لا يعد سببا كافيا لنجاح أو استمرار الحياة الزوجية، مبينا أن هناك أشياء يظنها الإنسان واقعية بينما في الواقع هي خيال رومانسي يعيشه الإنسان، ولكن في قرارة نفسه أو مستوى اللا وعي بالنسبة له لم يكن هناك رسوخ لمفهوم الحب أي أنه لم يكن هناك قيم مشتركة بينه وبين الشريك، ومن الأشياء المعروفة في علم النفس أن ترسيخ العلاقات يقوم على وجود القيم والقناعات المشتركة والراسخة لدى الطرفين، أما العلاقة السطحية فتختلف تماما، فأحيانا قد يخطئ البعض ويسمي علاقة الإعجاب حبا والصحيح أن هناك فرقا بين الحب والإعجاب، فالحب علاقة عميقة تنطلق من قيم الطرف الأول إلى قيم الطرف الثاني. طرق العلاج وبين المستشار الأسري، أن علاج ظاهرة الطلاق في شهر العسل، يتم عبر الوقاية قبل الإقدام على الزواج، وحصرها في عدة نقاط أولها الاختيار السليم المبني على أسس، فلا يكفي الإعجاب بشخص ليتم الارتباط به فالإعجاب مجرد مفتاح لبداية التساؤل لإنشاء العلاقة ولا يمثل كل مقومات نجاح العلاقة الزوجية، مشددا على أهمية التكافؤ بين الطرفين من عدة نواحٍ اجتماعية وثقافية، فكل ما وجد تقارب في المعطيات تكون نسبة الطلاق أقل، فلا يناسب أن يتزوج رجل غني بامرأة فقيرة أو العكس، كذلك لا يتزوج الريفي بفتاة من المدينة والعكس، فكل تلك عوامل تخل بالاستقرار، ومن الأسباب الوقائية التأكد من الهدف من الزواج قبل حدوثه، أي يجب على كلا الزوجين تحديد الهدف من الزواج هل هو الاستقرار أو بناء أسرة أم أنها أهداف مؤقتة قد تنتهي العلاقة بمجرد انتهائها. فترة التعارف ويعتقد البعض أن فترة التعارف قبل الزواج ضرورية لنجاح العلاقة، لكن المستشار الأسري علق على هذه النقطة بأنه «إذا افترضنا أن اللقاءات قبل الزواج واجبة فنحن قد حكمنا على الزواج بالفشل مسبقا، ولذلك هو حسب البيئة إن كانت تسمح أو لا مع ضرورة توفير الاتصالات الآمنة بين الطرفين في فترة ما قبل الزواج، فيما إن كان عرفا لدى الأسرة»، مبديا أمله في أن لا تتسبب تجربة الطلاق في عزوف الأشخاص عن الزواج. وأوضح ل«عكاظ» عادل بن عابد الجهني مستشار أسري وعضو لجنة الإصلاح بمحكمة جدة سابقا والمشرف على موقع «حلول.. مختصون بقضايا الأسرة»، بأن قضايا الطلاق في الشهر الأول بالتحديد لا تعد ظاهرة، ولكن التركيز على حالات وقوع الطلاق في هذه الفترة بالغ الأهمية، لأن كلا الزوجين في شهر العسل يظهران أحسن ما لديهما من أخلاق وسلوكيات وتغليب جانب العاطفة، ولكن بعد مضي أربعة أشهر يرجعان إلى طبيعتهما الحقيقية، وأرجع الطلاق إلى عدم وجود توافق فكري أو في المفاهيم والسلوك أو خلافات بسيطة أو تدخل أطراف خارجية من والدي الزوجين، وكذلك عدم وجود ثقافة تطويرية زوجية عن الحياة الجديدة وتكون نسبة الطلاق فيها 1 في المائة. دورات تثقيفية وأشار الجهني إلى اكتساب الشباب والفتيات المفاهيم والعلاقة الزوجية من خلال دورات تثقيفية قبل فترة الزواج، باعتبار أن أول سنة زواج تكثر فيها الخلافات بين الزوجين، وهو أمر طبيعي وليس مؤثرا، مشيرا إلى أن غياب الثقافة تطويرية التأهيلية للطرفين من أسباب وقوع الطلاق في أول شهر، ولو وجد التوجيه لحلت هذه الخلافات بدون أن تتصعد. وبين الجهني أن من القصص الطريفة والغريبة في حالات الطلاق في أول شهر من الزواج، حالة زوج طلق زوجته من أجل حزمة خبز في ساعة متأخرة من الليل وتطورت المشكلة بينهما، ثم طلقها حينها طلاق بينونة كبرى. خدعة المسلسلات ونبه الجهني جميع الشباب وعلى الخصوص الفتيات من خدعة المسلسلات التركية وغيرها والتي تصنع الحياة بأنها براقة وجميلة، ومن الانفتاح الكبير في مواقع التواصل الاجتماعي، والعمل على عدم المبالغة في المكوث فيها أوقاتا طويلة دون أن يكون هناك اهتمام بالأسرة، مشيرا إلى قصة أخرى وقعت بين زوجين في بداية زواجهما، حيث كانا قد اتفقا قبل الزواج على نوع معين من الأثاث لعش الزوجية إلا أن رغبة أم الزوج تغلبت على رغبة زوجة ابنها واختارت أثاثا مختلفا، فرفضت الزوجة الأثاث وطالبت بالأثاث الذي اختارته فرفض الزوج وتم الطلاق. كما أن هناك قصة طلاق أخرى غريبة وقعت أثناء فترة «الملكة» لتهور الزوج في قيادة المركبة خلال توصيله خطيبته وهي وحيدة أهلها من منزلها لإحدى المدن في المملكة بأقصى سرعة وممارسته «التفحيط» لتخويفها حتى تعقدت الفتاة من الزوج وطلبت الطلاق. ظاهرة مخيفة من جهته، أوضح ناصر الثبيتي مأذون شرعي ومستشار أسري، أن الطلاق أصبح ظاهرة مخيفة ولابد من علاجها بشكل عام، وذلك بوضع أمور تحد منها كعمل دورات تدريبية إجبارية عن الحياة الزوجية للزوج والزوجة وأن لا يعقد بين الزوج وزوجته إلا بها، ولابد أن يكون هناك مناهج تعليمية في الجامعات عن الحياة الأسرية وعن الواجبات والحقوق وفن التعامل مع المشكلات، والوعي يقلل ويعالج أي مشكلة ساعة وقوعها، بالإضافة إلى تفعيل دور مأذوني النكاح في قضية الإصلاح الأسري. وأضاف الثبيتي «هناك دراسة منذ عامين في وزارة العدل حول إعداد برنامج الدورات التدريبية إجباريا للزوج وزوجته ولم تقره الوزارة حتى الآن»، مبينا أن أغلب حالات الطلاق على مستوى المملكة تكون ما بين فترة العقد وقبل الزواج ثم يليها في السنة الأولى من الزواج وفي السنوات الخمس الأولى، مشيرا إلى أنه في محافظة الطائف متوسط حالات الطلاق 15 حالة يوميا. أبغض الحلال وبدوره، أوضح الدكتور عيسى الغيث عضو مجلس الشورى، أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، والطلاق وضع بيد الرجل لأنه الأكثر تحكما بأعصابه وعاطفته وبالتالي يجب أن لا يتسرع الرجل في الطلاق مهما كانت الأسباب، لافتا إلى أن معدل نسبة الطلاق في المملكة 24 في المائة. وأضاف: «عند بحث طرق العلاج للطلاق، يجب الاشتراط على الزوجين على إجراء فحص الزواج لإتمام العقد، وكذلك حماية الزواج من وقوع الطلاق عبر تطبيق رخصة للزواج، وهو أهم من فحص الزواج، مبينا أن هذا الأمر مطبق في دولة ماليزيا حيث تقوم مراكز التدريب هناك بتأهيل الزوج والزوجة تأهيلا نفسيا وقانونيا واجتماعيا. وأردف الدكتور الغيث قائلا «على وزارة الشؤون الاجتماعية التنسيق مع وزارة العدل لإنشاء مراكز تهتم بتطبيق رخصة الزواج، ومن ثم إعداد مشروع بهذا الشأن لمجلس الوزراء لوضع حل لأسباب الطلاق التي أكثرها من أمور تافهة»، مشيرا إلى أنه من خلال خبرته في المحاكم في مسائل الحياة الزوجية، كان أهل الزوجين في السابق سببا في حل الخلافات الزوجية، أما الآن يقومون بتطويرها. نظرة شرعية من جهتها، أوضحت الأخصائية الاجتماعية والكاتبة سوزان المشهدي، أن «النظرة الشرعية» لم تعد كافية وحدها للزواج الناجح، مضيفة أن الإنسان لا يتزوج مظهرا خارجيا بل جسدا وروحا وثقافة وسلوكيات ودينا، وهذه الأمور لا تتضح من خلال دقائق النظرة الشرعية، لذلك قد يحدث طلاق سريع لأن الشخصين لم يتعرفا على بعضهما بصورة كافية، وبعض الأسر تمنع الاتصال الهاتفي والبعض الآخر تمنع حتى الرؤية الشرعية وتكتفي باختيار الأم أو الأخت ووصفها عن العروس. وترى المشهدي، أن يتم استحداث وسائل محترمة وراقية للتعارف بين العروسين من خلال لقاء يجمع الأسرتين وبما يحفظ للجميع كرامته بصورة عائلية، وأن تسمح الأسر بالاتصال الهاتفي لمن تقدم لخطبة ابنتهم وتمكين معرفة الطرفين بعضهما البعض دون سرية وبطريقة تتناسب مع تعاليم ديننا الحنيف. مفهوم خاطئ ويذكر مدير مركز التنمية الأسرية أن طول مدة الخطوبة أبرز أسباب الطلاق المبكر، لافتا إلى أن هناك مفهوما خاطئا انتشر عن مصطلح الخطوبة الذي كان في الأصل الفترة قبل العقد على الزوجة، إلا أن البعض يظن أنها الفترة ما بين عقد القران والدخول على الزوجة. وبين أن إطالة المدة ما بين عقد القران وإقامة حفل الزفاف سبب رئيس في فسخ النكاح من قبل المرأة أو الرجل، كما أن من أسباب الطلاق المبكر عدم تحمل أي خطأ يقع فيه أحد الطرفين خوفا من تكراره مستقبلا أو الاستمرار عليه. وأوضح أن أكثر الأخطاء التي يقع فيها البعض التعجل في الاختيار حيث يركز الخاطب على مواصفات محدودة وينسى بقية الجوانب المهمة في المخطوبة، وكذلك عدم الاهتمام بالسؤال عن الخاطب رغبة سرعة في تزويج الفتاة، وإجبار الفتاة على من لا ترغب في الزواج منه. ونبه إلى مشكلة استجدت حديثا وتتعلق برفض بعض الشباب أو الفتيات الزواج خوفا من وقوع النزاعات والمشكلات، فيقعون في «عنوسة اختيارية» حتى أصبحت بعض دول الخليج تقدم برامج تدريبية للحد من هذا النوع الجديد من العنوسة للإقناع بالزواج، وهذا يتطلب تعاون الجهات المسؤولة في البرامج المقدمة على مستوى عالٍ بهدف نشر الثقافة الأسرية ولتقديم العلاج الوقائي قبل حدوث المشكلات. إشكالية نفسية من جانبه، أوضح استشاري الطب النفسي الدكتور محمد عبدالله شاوش أنه لابد من إدراك حصول التحول في المجتمع بالسنوات الأخيرة، إذ زادت نسب الطلاق وخصوصا في العامين الأخيرين. وقال «نجد أن كثيرا من الجهات القضائية ولجان إصلاح ذات البين لا تهتم كثيرا بالجوانب النفسية في حالات الطلاق، وبين أن من الأسباب النفسية اضطرابات الشخصية للزوج أو الزوجة مثل الاكتئاب النفسي والذي يتسبب أحيانا في تغير المزاج وتأثر الوظائف الأسرية والاجتماعية والجنسية». وأضاف: «يلاحظ الأطباء النفسيون في عياداتهم أيضا حالات وجود أعراض الشكوك المرضية والتي تعرف بأنها أفكار غير واقعية وغير صحيحة يؤمن بصحتها أحد الزوجين مما يتسبب في تدمير العلاقة الزوجية». وزاد «أما ما يتعلق بمشكلة اكتشاف الزوج أو الزوجة بأنه متعاطٍ بعد عقد الزواج فهذا أمر وارد وخصوصا في الأزواج بعد انتشار المخدرات بشكل ملفت، فمن المعروف أن تعاطي المواد المنشطة كالكبتاجون أو الحشيش أو المواد الأخرى يتسبب في الأمراض النفسية المذكورة أعلاه وقد تكون هناك سلوكيات إدمانية تحول دون تكيف الزوجين مع بعضهما». مطالبا بإيجاد دراسات اجتماعية ونفسية لمشكلة الطلاق ومعرفة الدوافع الحقيقية. الجهل بالحقوق أما رئيس اللجنة الوطنية للمحامين وأستاذ الفقه بجامعة القصيم الدكتور ابراهيم الغصن، فيشير إلى جانب مهم جدا في حالات الطلاق، مبينا أن الجهل بالحقوق ليس مقصورا على جانب النساء وإنما يشمل الطرفين. وقال: «لدينا جهل مطبق في الثقافة الحقوقية فيما يتعلق بالأحوال الشخصية ونظرة الشرع الإسلامي للعلاقة الزوجية، وهذا يوجب وضع دورات للمتزوجين قبل العقد وإلزام الطرفين بذلك كشرط لإتمام العقد». وأضاف: «أغلب الرجال يجهلون الحكمة من جعل العصمة بيده، ولذلك فإنهم يسيئون استعمالها أحيانا كوسيلة ضغط لتحقيق مطالبه من المرأة، فوضع العصمة بيد الرجل هدفه استمرارية الزواج ولو كان بيد المرأة لاتخذت قرارها بشكل عاطفي». وزاد «كثير من المطلقين يتصلون نادمين خلال ثلاثة أيام فقط بعد إلقاء الطلاق، لأنه استخدم الطلاق في محاولة منه الاستعلاء على المرأة، نتيجة ضعف شخصيته، وهذه مشكلة». وبين الغصن أن من حق المرأة الحصول على صك الطلاق، وأنه لا يحق لأحد إعطاء الرجل صك الطلاق والواجب ذهابه إلى الزوجة مباشرة، حتى تعلم عدتها ووقت وقوع الطلاق وأنه إذا لم يراجعها في المدة المحددة أن تتزوج غيره متى ما انقضت عدتها، فضلا عن حقوقها الأخرى. وأشار إلى أنه في الغالب يقع الظلم على المرأة من جانب الرجل، لكن يحصل الظلم أحيانا من قبل المرأة على زوجها فتحرمه من رؤية أبنائه وتتسبب في إيذائه، مشددا على وجوب التعاون بين الطرفين من أجل الإحسان إلى الأولاد وحسن تربيتهم. حراك اجتماعي من جانبها، أكدت الدكتور هيا المنيع عضو مجلس الشورى، انخفاض نسبة الطلاق في السنوات المقبلة مع ثبات حالة الحراك الاجتماعي ووضوح شكل التغير الثقافي عند الجنسين، ولكن ذلك يستدعي تدخلا مؤسسيا وتحملا من الأسرة خاصة الأم في إعادة تربية الأبناء وفق منهجية جديدة تأخذ في الاعتبار تغير الأدوار داخل الأسرة بالإضافة للمتغيرات الاقتصادية. وأضافت «نحتاج إلى إعادة صياغة تفكير الطرفين نحو مفهوم الزواج والأسرة ومعنى المسؤولية، مع تخليص الطرفين من شوائب ثقافة العيب السلبية التي ترفض مشاركة الشاب مع زوجته في بعض المسؤوليات داخل المنزل وترفض مشاركة الزوجة زوجها بعض التبعات المالية بشكل طبيعي، ويبقى الأهم وهو تأسيس الشباب من الجنسين قبل الزواج على تحمل المسؤولية».