أرى أننا في جزيرة العرب كغيرنا من البشر أوجدنا وسيلة للإضاءة والتعامل مع حلكة الليل قبل الكيروسين أحد مشتقات مادة النفط. كنا نستعمل شحم الأنعام (الوَدَكْ) لغرض الإضاءة، ومعروفة تلك الطريقة في تراثنا. قلتُ للإضاءة فقط، ولم نكن نحتاج إلى ما يُنتج الطاقة لتشغّل محركات أو مركبات. ثم بدأت زيوت الإضاءة ترد إلينا من الخارج، واستعمل الناس الكيروسين، يبيعه صاحب الدكان على المستهلك بجرّة قد يحتاج المستهلك نصفها ويدّخر النصف الآخر لأيام قادمة. وكانت وسائل الإنارة بشكل عام تعتمد على صناعة أدوات بدائية للإنارة، وكانت هذه الأدوات يستخدم بها الزيوت وشحوم الحيوانات كوقود مع ذبائل (فتائل) من القطن. وبعد أن تمتعنا بثروة النفط تطورت الحال، لكن روعتنا الدراسات التي تقول: إن موارد العالم من الزيت محدودة وستنضب في نهاية المطاف. ويرى بعض الخبراء أنه لو استمر استهلاك الزيت بالمعدلات الحالية، فستنفد احتياطيات النفط الموجودة في أواسط القرن الحادي والعشرين. لذا أصبح الحفاظ والاقتصاد في استعمال الزيت أمرًا ملحًا لجميع الأمم وبالأخص تلك التي تستخدم الطاقة بصورة كبيرة. أحد أبرز معالم النفط في تاريخ المنطقة كما يورد الباحث العراقي يوسف العيداني أنه وحسب الرواية التاريخية كانت منابع النفط في العراق تُسمى النار الأزليةُ Eternal Fire. فمنذ عام 550 ق. م اندلعت هذه النار من تلقاء نفسها وظلت ملتهبة إلى يومنا هذا، تتحدى الأمطار والثلوج والرياح، ولأنها لا تنطفئ فقد أطلق عليها اسم (النار الأزلية). فهي عبارة عن بقعة أرض صخرية ذات مساحة صغيرة تقع في منطقة حقول (بابا كركر) الغنية بالنفط والغاز. أما التفسير العلمي لهذه النار أنها جاءت نتيجة تسرب الغاز من أعماق الأرض وتشققاتها والعوالق الموجودة في تركيبتها الصخرية، واشتعاله بمجرد ملامسته للهواء المشبع بالأوكسجين. الآشوريون كانوا يعتقدون أنها منفذ العالم السفلي حيث يتعذب الإنسان إذا ما ارتكب أخطاء في حياته، والنار هي دليل العذاب. وسمي ذلك الإله بالأب المحترق أو الأب الغاضب (بابا كوركور) حسب اللغة السيريانية القديمة.