عندما يكون الحديث عن الأمن في المملكة تتجه الأنظار إلى تلك المظلة التي تظلنا لننعم بكل هذا الأمان والاستقرار بعد أن نجحت جهودها لتكون على أعلى مستوى من الريادة والكفاءة والقدرة. إنها وزارة الداخلية الصرح الشامخ الأغر الذي كان منذ تأسيسه من أكبر الوزارات وأكثرها مسؤولية وتحديات، ورغم ذلك لم تألُ تلك الوزارة بكافة قطاعاتها ومسؤوليها وأفرادها جهداً في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات لحماية أمن الوطن ومقدساته ومكتسباته. واليوم وفي قرار نوعي وحكيم ولتعاظم مهمة الحفاظ على الأمن تم نقل وفصل بعض القطاعات الهامة عن وزارة الداخلية لتلبية الاحتياجات الأمنية ولأهمية الاستمرار في تطوير القطاعات الأمنية بالمملكة، وفق أحدث التنظيمات الإدارية لتكون على أعلى درجات الاستعداد لمواكبة التطورات والمستجدات، ومواجهة كافة التحديات الأمنية بقدر عالٍ من المرونة والجاهزية والقدرة على التحرك السريع لمواجهة أي طارئ. ومن المتوقع بمشيئة الله أن تتأثر جميع قطاعات وزارة الداخلية بشكل إيجابي، وسيعزز القرار كافة القطاعات الأمنية لرفع كفاءة العمل والتركيز والتطوير لجميع الخدمات التي تعنى براحة وأمن المواطن والمقيم. وتضم وزارة الداخلية بحلتها الجديدة عدداً كبيراً من القطاعات الأمنية يأتي في مقدمتها الأمن العام ويضم الشرطة والمرور والقوات الخاصة لأمن الطرق إضافة إلى حرس الحدود، الدفاع المدني، المديرية العامة للجوازات، مركز أبحاث ومكافحة الجريمة، مكافحة المخدرات، الأمن الصناعي، الأحوال المدنية، نادي الضباط،الإدارة العامة للأسلحة والمتفجرات، الإدارة العامة للسجون، الإدارة العامة للمجاهدين، أمن المنشآت، وغيرها من القطاعات الأخرى ذات الأهمية أيضاً. كفاءة أكثر وفي هذا الشأن تحدث عضو اللجنة الأمنية بمجلس الشورى اللواء ركن علي التميمي قائلاً: من المؤكد أن وزارة الداخلية جهاز أمني مهم لتحقيق الأمن للمواطن والمقيم وسوف تكون أكثر كفاءة من ذي قبل لتقديم الخدمات الأمنية وذلك بعد أن تم استحداث رئاسة أمن الدولة وضم لها بعض أجهزة وزارة الداخلية كالمباحث وقوات الطوارئ وقوات الأمن الخاصة وطيران الأمن. وأشار إلى: أن ذلك يتيح لها التفرغ لتطوير عملها الأمني والخدمي مما يجعل لها مرونة في التفرغ لحل بعض الإشكاليات التي كان المواطن يلاحظها كما أنها ستبقى ذات قوة أمنية مهمة لحماية أمن الحدود متمثلًا بجهاز حرس الحدود، مؤكداً: أن هذا التنظيم جاء ليحاكي ما هو مطبق بكثير من دول العالم. التطور مطلب وأضاف المستشار الأمني العميد د. محمد المنشاوي قائلاً: مما لا شك فيه أن التطور مطلب مهم وحيوي في جميع الأمور ومن لا يتطور سوف يتعداه الزمن ويصبح من التاريخ وحركة الحياة السريعة، وطبيعة المجتمع الحالية تتطلب مواكبتها بتغيير شامل وتحرك إيجابي لنواكب التطورات العالمية، مؤكداً على أن التغيير لا يعني أن الماضي كان سيئاً لا إطلاقا فإنجازات أجهزتنا الأمنية أشاد بها الغريب البعيد قبل القريب، ومع إنجازاتها التي يتفق عليها الجميع إلا أن تطوير هذه الأجهزة الأمنية وإعادة هيكلتها أمر مهم ومطلب حيوي. وأوضح: أن إنشاء جهاز أمن الدولة وربط بعض أجهزة وزارة الداخلية به سيساهم ولا شك وبإذن الله في زيادة فعالية هذه الأجهزة وكفاءتها وتخصصها وتركيز مهامها مما ينتج عنه تسجيل المزيد من الإنجازات الأمنية المميزة وكلنا نتفق على أن التخصص الآن مطلب عالمي وكلما كانت الأجهزة أكثر تخصصاً كلما كان إنتاجها أكثر تميزاً. جهاز قوي وقال الخبير الأمني د. نواف الفقم: نستطيع أن نستقي من اسم وزارة الداخلية مهامها وأعمالها ومنهجها فهي وزارة معنية بالأمور الداخلية المتعلقة بخدمة المجتمع لحفظ أمنه وكل ما فيه خدمة للمجتمع، وما تم من قرارات ملكية حكيمة وصائبة وما استوجبت الظروف الراهنة والأحداث العالمية المتسارعة من إخلال بالأمن من قبل بعض الجماعات أو الدول وبعض المنظمات الدولية دعت الحاجة إلى استحداث جهاز قوي متحد مع قطاعات أمنية معنية لحفظ الأمن تحت رعاية مباشرة من صاحب القرار الأول ومرجعتيه إلى خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء. وبين: أنه بناءً على ذلك أصبح هناك الكثير من المهام التي تقع على عاتق وزارة الداخلية بالتعامل مع جهاز الشرطة لحفظ الأمن والتعامل مع الجريمة من أجل استتاب الأمن أو سواء فيما يتعلق بجهاز المرور وحركة الناس أو في جهاز الجوازات والإجراءات التنظيمية للمواطن بما يخدمه في أموره المعيشية وكل ما يتعلق بأموره الثبوتية أو الأحوال المدنية وحرس الحدود وهناك الكثير من المهام المعنية والمناط بها جهاز وزارة الداخلية الحالي. وإنّ هذا التنظيم الجديد سيجعل وزارة الداخلية تتفرغ لأكبر خدمة لهذه القطاعات التي تتبع الوزارة ومسماها يعني أنها معنية بالأمن الداخلي للوطن وبعد ظهور المنظمات الإرهابية وأصبح الإرهاب مستفحلاً في كل مكان استوجب وجود جهاز منفصل ومستقل ويخرج من مسمى وزارة الداخلية. ترتيب الأولويات بدوره، ذكر المحامي رئيس مبادرة تكامل للمعونة القضائية ماجد قاروب: أن القرار الملكي لجهاز وزارة الداخلية يعد مهماً وتتطلبه المرحلة الحالية وجميع الأجهزة بحاجة إلى تطوير من وقت لآخر وإعادة ترتيب أولويات من أجل أن تتعايش مع المستجدات خاصة في الفترة الحالية حيث إن المستجدات من حولنا خطيرة من إرهاب وتمويله، ومن حروب ومخاطر طائفية على الصعيد العربي والخليجي، والإسلامي، وبالتالي هناك أجهزة مهم أن تأخذ الدعم اللازم والضروري لتقوم بمهمتها مثل جهاز المديرية العامة للمباحث والأمن الخاص، والتحريات المالية، والإدارة العامة للأمن الفكري، وهذه جميعها من الأجهزة التابعة لرئاسة أمن الدولة وعلى صعيد الأمن الداخلي: فالأمن العام والدفاع المدني والمرور والجوازات وحرس الحدود والسجون ومكافحة المخدرات وأمن المنشآت جميعها إدارات مهمة جداً وتحتاج بأن يكون عليها تركيز أكثر من وزارة الداخلية لهذه القطاعات ولا بد من تركيز وتسخير الخدمات فيها للأمن الداخلي. ولفت قاروب إلى: أن الخدمات الأمنية بمختلف أنواعها من أولويات وزارة الداخلية في الفترة المقبلة بالإضافة لحرس الحدود ومكافحة المخدرات ومكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب لأنها تعتبر من الأساسيات المناط بها عملها، لافتاً إلى أن زيادة حجم الأعباء حتمت التركيز في ترك بعض الأمور لها وإحالة بعضها إلى رئاسة أمن الدولة حتى تستطيع أن تأخذ حقها الكامل في تفرغ القيادات والمسؤولين عن هذه الأجهزة بصورة أكبر وأسرع وأفضل. مظلة واحدة ومن جانبه، أكد المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي والعسكري د. أحمد الشهري، بأن القرار بدمج القطاعات الأمنية في جهاز واحد هو جهاز أمن الدولة يعد قراراً حكيما وصائباً وجاء في مرحلته المناسبة، فمكافحة الإرهاب تعتمد على ثلاثة مرتكزات أساسية وهي التخطيط الصحيح والمعلومة الصحيحة والتنفيذ الصحيح، إذا اجتمعت هذه المرتكزات في أي عملية كتب لها النجاح. وقال: في السابق كانت المعلومة في قطاع والتنفيذ في قطاع أما الآن تنضوي هذه القطاعات تحت مظلة واحدة وتحت رئيس واحد، وهذا الدمج سيحقق الكثير من الفوائد والمهام ومنها: توحيد جهود هذه القطاعات وسرعة تمرير المعلومة من جهاز المباحث إلى جهازي قوات الطوارئ الخاصة أو قوات الأمن الخاصة وهما الجناحان العسكريان للعمليات التفيذية في مباشرة المهام. وأشار إلى أن تحقيق السرعة وعنصر المفاجأة في مباشرة المهام نظرا لسرعة تمرير المعلومات وإجراء الخطط المناسبة إضافة إلى تسهيل الإجراءات وتسريعها والقضاء على البيروقراطية والترهل الوظيفي، تحقيق أعلى درجات الجاهزية القتالية لمباشرة المهام، وأن توحيد الجهود في مجال التدريب والتسليح القضاء على الهدر المالي نتيجة ازدواجية الميزانيات والإدارات، تحقيق نسبة عالية من المحاسبة والشفافية تحقيق أهداف خطة التحول 2020 ورؤية المملكة 2030 المتضمن القضاء على الازدواجية والارتقاء بالمستوى التنظيمي وتسريع الإجراءات. ونوه في ختام حديثه إلى أن ذلك جميعاً يقود إلى تخفيف العبء على وزارة الداخلية، والتي كانت تدير أكثر من 13 قطاعا، وبالتالي تتفرغ وزارة الداخلية للمهام الداخلية والأمن العام، وبهذا نرى كيف أن هذا القرار كان موفقاً ومسدداً من ملك الحزم والعزم للارتقاء بمستوى الخدمة على جميع مستويات الدولة.