خطوة إيجابية مهمة تلك التي قامت بها هيئة السياحة قبل عدة إيام عندما أعلنت عن برنامج التأشيرة السياحية إلى السعودية، ورغم تقييد القرار بمنح التأشيرات من قبل شركات سياحية معتمدة وضمن جدول زماني ومكاني محدد إلا أنها تعتبر خطوة كبيرة للأمام وستبعث الحركة والحياة في هذا المفصل الاقتصادي المعطل منذ زمن طويل. قطاع السياحة يعتبر أحد أهم الموارد التي تعتمد عليها كثير من الدول، بل يوجد بلدان كثيرة ليس لها دخل إلا من القطاع السياحي، ولذلك تتوتر وتضطرب حكومات كثيرة عندما تتعرض لهجوم إرهابي قبيل بدء موسم استقبال السياح، وهو ما يعني ضربة لاقتصادها في تلك السنة. لدينا في السعودية كل المقومات التي تجذب السائح، بل إن الكثير من عشاق السفر والمغامرة حول العالم يحلمون بدخول بلادنا لمجرد المعرفة وفهم هذه الثقافة الفريدة من نوعها، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من عشاق البحر والطبيعة والتراث والآثار التي تتمنى أن تحظى بزيارة للسعودية وقضاء بضعة أيام فيها. منطقة البتراء في الأردن، على سبيل المثال، زارها قرابة 500 ألف سائح في عام 2016، في حين تملك السعودية منطقة مشابهة لها هي مدائن صالح لم تحظ بعدد يذكر من السياح الأجانب حتى الآن، ولو سُهلت تأشيرات السياحة للأجانب، لأمَّها عدد كبير من الزوار وانتعشت تلك المنطقة وولدت آلاف الوظائف للسعوديين. الأمر ذاته ينطبق على الشواطئ السعودية المحاذية للبحر الأحمر باتجاه الغرب والشمال الغربي، هنالك مناطق بكر لم يتم استغلالها، شواطئ حقل، شرما، ينبع، بيش، وفرسان وغيرها مذهلة برمالها الناعمة وصفاء مياهها التي تشبه جزر البحر الكاريبي، في حين من الممكن أيضا الاستثمار في رياضة الغوص في البحر الأحمر، الذي يضم الجانب السعودي منه على وجه الخصوص مشاهد تحبس الأنفاس للشعاب المرجانية والنباتات والمخلوقات البحرية، أذكر أن أحد الغواصين المحترفين قال لي بأن الجزء السعودي من البحر الأحمر هو أجمل منطقة حول العالم جرب فيها الغوص وأنها أفضل حتى من الحيد المرجاني العظيم في أستراليا ومن جزر هاواي. لدينا أيضاً منطقة الجنوب بجمال طبيعتها واعتدال الأجواء فيها بالإضافة إلى الثقافة والتراث الأصيل وتنوع الأكلات والأزياء الشعبية هناك والتي تعتبر عناصر جذب مهمة للسياح الأجانب، ناهيك عن الصحراء وسحرها، والاستثمار في منتجعتها كما فعلت الدول المجاورة. الأمر يبدأ بتسهيل تأشيرات الدخول لكن لا ينتهي عندها، إذ علينا أن ندخل هذا السوق باحترافية بالغة عبر تشجيع القطاع الخاص في الاستثمار فيها ووضع معايير عالية الجودة لهذه الصناعة بالإضافة إلى تسهيل التنقلات والرقابة الصارمة على العاملين فيها. عندها لن نكتفي فقط بتحريك الاقتصاد الوطني وخلق عشرات آلاف الوظائف، بل سنفتح أيضا نافذة للعالم ليرانا ويعرف ثقافتنا بشكل مباشر لم يلطخه التشويه الإعلامي.