"قطر" وكعادتها تتعامل مع الموقف بكل مكرٍ ومحايلة، في محاولة لتكرار سيناريوهات مكرورة مشابهة للأزمة الحالية؛ فرغم إعطائها مهلتين كافيتين لتنفيذ قائمة المطالب الثلاثة عشر، إلا أنها اتبعت طريق المماطلة واللامبالاة، فبدأت بتسريب "المطالب" للإعلام عبر "الجزيرة" وفروعها، ثم برفضها الاستجابة لمطالب الدول الأربع، ثم ذهبت للتنقل استجداءً إلى أوروبا وأميركا لكسب الرأي العام الدولي. ليتبادر السؤال بعد ذلك، ماذا تريد "قطر" تحديداً وإلى أين ستصل؟، الإجابة تبدأ من إدراكنا "تأريخاً"، فبعد سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر في يونيو 2013، وبردات فعل متفاوتة، طار عقل تيارات الإسلام السياسي والمتطرفين فكرياً والمتمردين في عدد كبير من الدول العربية، وذلك ما أدركته جيداً السعودية والإمارات والبحرين ومصر بخطرٍ يداهمها ويهددها ويثير القلاقل والفتن داخلها وخارجها. وبالطبع في كل مرة تجتمع الدول الأربع "إثباتاً" أنّ من وراء ذلك، هو نظام "الحمدين" المتمرد، إن كان عبر نوافذه الإعلامية، أو بإيواء عناصر خطرة على أراضيها، أو من خلال علاقات دبلوماسية مباشرة مع دول مراكز الإرهاب الدولي كإيران وإسرائيل بمباركة سياسات أوباما وهيلاري كيلنتون حيناً من الدهر، وغير المباشرة والمستترة بالدعم المالي أو بالتخطيط مع الأذرع الحقيقية للتنظيم الإرهابي في المنطقة كالإخوان والدواعش وجبهة النصرة والمتمردين الحوثيين وأنصار بيت المقدس. الدول العربية المتضررة اكتفت بتوجيه رسائل ضمنية وبشكل دبلوماسي خاصٍ للنظام القطري في أكثر من موقف ومناسبة ومقام؛ فكانت الردود مخيبة بالتلون لرفضٍ مُبطّنٍ، فكان اتفاق الرياض 2013، والذي لم تخرج بنوده للنور وقتها، ولم تلتزم قطر بتنفيذه، فغدت الاتفاقية حبراً على الورق، حتى مع تصاعد الأزمة في الخامس من مارس 2014 بسحب السفراء من قطر. كانت محاولات لمّ الشمل العربي وحل الأزمة مستمرة على قدمٍ وساقٍ، وبدت واضحة في قمة الدوحة بنهاية 2014م باتفاق وتوقيع "قطر" على الالتزام، وأسفاً عادت حليمة ولم تفِ بوعودها، وعمدت إلى وسائل الخديعة والتحايل، عبر تغيير سياسات "الجزيرة" الإعلامية، مع بث قنوات أخرى مناهضة وداعمة للمتطرفين من دول مختلفة، مع تكثيف تجنيس العناصر الهاربة، وتهريبهم لدول أخرى ودعمهم، ودعم للإرهاب في العراق و سورية وليبيا.. وأخيراً «قطر» وليس آخرها، يتماهى تشدقاً وسذاجة، بتخطيط "أبواق الحمدين" و"خلايا عزمي" الإعلامية، لتجعل من "قطر" أضحوكةَ العالم لترويج نجاحٍ هلاميّ، إذعاناً لوساطة تيلرسون تعهداً –مع عدم تقدير لجهود وساطة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد من قبل-، رافقها إعلاناتٍ "ساذجة" مدفوعة مخجلة بتعاطف تاكسي دبي معهم، حتى إستيراد "أبقار" مجرية كي تساعدها في الخروج من المقاطعة!. "قطر" باختصار، تحاول تكرار نفس سيناريوهاتها، وهيهات لها؛ فاليوم غدا مختلفاً في كل شيء، أستوعبنا الدرس جيداً.. بألاّ نُلدغ من جحر "قطرٍ" مرتين، ولأن "قواعد اللعبة تغيرت".