أكد مختصون أن عودة البدلات والحوافز المالية للرواتب لابد فيها من مراعاة الأوضاع الاقتصادية لما تشهده فترة التغييرات من مراحل التذبذب بين الشد والجذب، تبدأ بالمقاومة ثم تتدرج في رحلة انتقالية مروراً بمحاولة التكيف ومعايشة واقع التغيير، مشددين على أن عودتها أصبحت ضرورة لعودتها في الرواتب أكثر من كونها عودة للدلال والترفيه، فهل يمكن لأفراد الأسرة إعادة ترتيب الأولويات والبحث عن فرص استثمار أو تحسين مستوى الدخل حتى يعود التوازن داخل الحياة من الاستمتاع بوسائل الرفاهية مع عدم القلق من انخفاض مستوى الدخل. أثر إيجابي في البداية قالت الأخصائية الاجتماعية في جامعة الملك سعود فاديه عبدالواحد أن عودة البدلات والعلاوات هي التجربة التي مررنا بها والتي رفعت حسنا الوطني، لم نتذمر ولم نسخط منها بل نظرنا إليها أنها وفاء مواطن تجاه موطنه وهذا الوفاء الذي دام ثمانية أشهر قوبل بوفاء آخر عندما صدر قرار ملكي بإعادتها وهذه التجربة كان لها الأثر الإيجابي. وأوضحت أن مع إيقاف العلاوات والبدلات جعلنا أكثر وعي في دخلنا الشهري وأكبر مسؤولية ووجدنا الادخار مطلب أول وترشيد إلى الاستهلاك كمطلب آخر، وتضيف النظرة المستقبلية بأننا قد نمر بتجربة أخرى أكثر ضراوة فتقلبات الزمن سنة الحياة وليست عيب في الدخل القومي والرخاء أو عدمه. وأشارت إلى أنه لابد أن نراعي الآثار الإيجابية لذلك الحدث فتغيرت نظرت الشعب تجاه التسوق وما هي الأولويات والأهم في مصروفاتنا الشهرية وأهمية ميزانية الأسرة وحدا بالآباء والأمهات لتقليل طلبات الأبناء بدلا من الإسراف والفوضى الشرائية. ونبهت أن الأزمة الاقتصادية التي مررنا بها، عدلت بعض المفاهيم لدى الشباب، وحثتهم إلى مواصلة التعليم والارتباط الدخل بمستوى الوظيفة وكثير من الموظفين والموظفات أبدلو مصروفات السفر باحتياجات الأسرة والاستفادة من تعزيز نظرة الأبناء. العودة للعادات السلبية من جانبه رأت الأخصائية الاجتماعية منيرة أن إعادة البدلات له أثر كبير على العادات الاجتماعية من ناحية صرف المال والتعامل معه؛ فقد اعتاد الكثير على صرفه بدون أي حساب لقيمته! فرأينا مناظر من التبذير تؤلم القلب وما خفي أعظم!! ولكن بعد منعها تغير الوضع حتى ظنوا أننا سنصل لحال نتقشف فيه فتغيرت عاداتهم وأصبحوا يفكرون كثيرا قبل الشراء خاصة أصحاب الرواتب الضعيفة والغالب منه بدلات. وأضافت بعد عودتها بالتأكيد كما يقال في الأمثال الشعبية "عادة حليمة لعادتها القديمة" وأكثر قليلا كون أن المال اجتمع وكون مبلغ وقدره وهناك فترة 8 أشهر تقريبا مرت من دونها فسيقومون بالتعويض عن تلك المدة والرجوع لعاداتهم القديمة بصرف المال؛ مما يترتب عليه مشاكل عدة ككثرة المطالبات وعدم التقدير وكثرة الوعود الغير واقعية والتي ستتسبب بخذلان وضعف الثقة ونحوه بالإضافة للخطط الغير واعية، ولكيلا أكون سلبية فأي أمر له جانب إيجابي مثل أن البعض سيستمر على ما هم عليه من تخطيط وحسن تصرف بالمال كون أن منعها ووجودها يعتبر درسا ثمينا يعلم ويجعل الفرد يصحح مساره إن كان خاطئا. استرجاع الثقة فيما اعتبرت رولا عبد العزيز أن قرار إعادة البدلات تعني استرجاع الثقة في الاقتصاد وانتعاش المملكة اقتصادياً وتحفيز النشاط التجاري ويعتبر مؤشر إيجابي مما يعزز التفاؤل في النفس ورؤية مستقبل مستقر اقتصاديا، مشيرةً إلى أن عودتها لها آثار إيجابيه وسلبية، ومن أثارها الايجابية بعد انحسار الأسوأ اقتصادياً والإصلاحات الاقتصادية انها ستهيئ جرعة اقتصادية داعمة للمجتمع، وأثرها السلبي استغلال عودتها برفع الأسعار من الشركات الغذائية والبنزين وما إلى ذاك. وشددت على أنه يجب على المواطن استيعاب تعامله مع إعادتها بذكاء حاصر لما لا يعلم ماذا يحدث من الظروف الاقتصادية المتقلبة وما مرّ بهِ من تقشف وأزمات اقتصادية وتجاوز تلك الأزمات يعتبر نجاح اقتصادي لدولة، وبالتالي يتمحور دور الاسرة في الاستفادة من البدلات بحيث ادخار جُزء منها لتخفيف من عبء ارتفاع الأسعار الغير مباشر. خطط واضحة من جهته لفت المختص في القضايا الاجتماعية عبدالعزيز المبارك إلى أن ما تمر به الحياة من جملة من التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية سواءا على مستوى الأفراد أو المنظمات والدول وتشهد فترة التغييرات مراحل من التذبذب والشد والجذب تبدأ بالمقاومة ثم تتدرج في رحلة انتقالية مرورا بمحاولة التكيف ومعايشة واقع التغيير ثم التعود على الواقع الجديد. وقال: "هذه سنة الحياة في الكون فطر الله خلقه عليها بعد ذلك ينقسم الناس إلى مستفيد من هذه التجربة في تسخيرها لتحسين معيشته وظروف حياته وأخر تمر عيه هذه التجربة دون اعتبار لقيمتها ولا للدروس المستفادة منها ومما لا شك فيه أن مجتمعنا السعودي قدر مرت عليه الكثير من هذه الأحداث أخرها من الناحية الاقتصادية إيقاف جميع البدلات والمكافآت". وأضاف إن قرار الحكومة وفق ظروف ومعطيات المرحلة الحالية إلا أنه وبفضل من الله ثم حنكة ولاة الآمر تم إعادة جميع البدلات والمكافآت ولم يستغرق الأمر بفضل الله إلا ثمانية أشهر فقط وبعدها بأيام تم إصدار قرار بإعادة جميع ما تم إيقافه بأثر رجعي وهنا يجب أن نتعلم من هذا الدرس جملة أشياء من أهمها أولا تغيير ثقافة الاستهلاك لدينا فنحن كمجتمع تعودنا على الشراء غير المنهج والصرف بعشوائية وبدون تخطيط . وأشار إلى أن أغلب الأموال والمصروفات تذهب إلى غير وجهها المطلوب، مثلا نصرف الكماليات والترفية دون وجود خطط واضحة للادخار والتركيز على الأشياء الهامة كالمسكن والتعليم ووسائل النقل والاستثمارات المفيدة ثانيا يجب تعويد أبنائنا على ثقافة الادخار والمحافظة على الأموال وصرفها فيما هو مفيد، ثالثا اعتماد سياسة التوثيق وكتابة الميزانيات والخطط المالية للأسرة وأفرادها وهذا يبدأ من الأبوين ويتم نقله للأبناء باستخدام طرق ووسائل تناسب أعمارهم بدءا من المصروف المدرسي، ويضيف يجب الانتقال تدريجيا لما هو أكبر من ذلك رابعا وجوب تعويد انفسنا وأبناءنا على التفكير بإيجاد مصادر متعددة ومتنوعة للدخل والاعتماد على النفس فالحياة تتغير وتتغير معها معادلات الدخل الاستهلاك والادخار وكما نشاهد أسر وأفرادا كانوا تحت مستوى خط الفقر وبأفكار وأعمال صغيرة اصبحوا من الأثرياء المكتفين ماديا من عملهم وصنع أيديهم. وسائل جديدة وبين المبارك أنه على الجانب الآخر أيضا هناك دور يجب أن تقوم به المؤسسات الحكومية والقطاع الخاصة ممثلة بقطاع التعليم والإعلام والقطاع المصرفي حيث يقع على عاتق هذه المؤسسات البحث عن وسائل وأفكار جديدة لنشر وتعزيز ثقافة الاستهلاك والادخار وتنمية الاقتصاد المحلي بسواعد أبنائه فعلى سبيل المثال إدخال هذه الثقافة وتطبيقها عمليا في المناهج المدرسية منذ الصفوف الأولى وتسليط الضوء في وسائل الإعلام المختلفة على أبرز النماذج والممارسات في المقاطع التوعوية والبرامج المعدة لمثل تلك الأغراض وابتكار خدمات ومنتجات جديدة في المصارف تشجع جيل النشء والشباب على الاستقلال المادي والتركيز على توجيه المدخرات للتعليم والاستثمار المفيد والدولة أعزها الله لم تألو جهدا في سبيل إتاحة الفرصة للجيل الشاب في الاعتماد على نفسه كل هذا محسوس ومشاهد عن طريق البرامج والصناديق والمبادرات الخاصة بالمشاريع الناشئة وثقافة العمل الحر وتمكين الشباب ولكن يتبقى علينا كأفراد أن نستوعب الدرس جيدا ونعي إلى دورنا في بناء هذا الوطن عن طريق الاستفادة قدر الإمكان من هذه الفرص التي اتاحتها حكومتنا الرشيدة حفظ الله مملكتنا الغالية وقيادتها وشعبها وأدامها عزا للإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء. العساف: التوفير يجب أن يكون أسلوب حياة أكد المحلل الاقتصادي سليمان العساف أن قرار خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بعودة البدلات بأثر رجعي بعد حوالي 7 أشهر من انقطاعها تُقدر بحوالي 7 مليارات ريال، ويضيف القرار له فوائد جمة ودلائل أيضا فمن فوائدها أنها ستعيد الثقة بالاقتصاد المحلي داخليا وتنشر حالة من التفاؤل في أوساط المستثمرين والمستهلكين وتطفئ حالة الضبابية والخوف من المستقبل والتي اعترت الشارع السعودي في الفترة الماضية. وقال إن فترة توقف البدلات رغم صعوبتها على المواطنين، إلا أن لها، فوائد عديدة وكما يُقال لا يوجد شر محض فإن لتلك الفترة منافع مختلفة، مثل أنها خلقت ثقافة جديدة كان السعوديون في أمس الحاجة لها ولم تستطع برامج التوعية أو النصح في نشرها وهي "ثقافة التوفير" وكذلك "ثقافة الأولويات" والتي انتشرت بين السعوديون وبشكل لا إرادي وصادم وتهافت الجميع على البحث عن برامج توفير ومحاولة إعادة رسم خريطة وجدول إيراداتهم ومصاريفهم، حيث إن كثيرا من الموظفين -وخصوصا موظفي القطاع العام- قد قاموا بإعادة ترتيب أولوياتهم وتغيير خارطة مصروفاتهم والتوقف عن غير الضروري وإحلال الأهم مكان المهم. وأضاف: بعد عودة الرواتب مع بدلاتها كان لزاما أن يرتفع الوعي ويبدأ المواطن بثقافة الادخار، فالإنسان لا يعلم ما تُخبئ له الأقدار ولا يعلم ما سيكون في المستقبل فمع تقدم العمر تزداد المصاريف وتتوسع الحاجات وتظهر أولويات، مشيرا إلى أن ثقافة التوفير والادخار وسياسة الأولويات وإعادة رسم خارطة المصروفات، مشدداً على ضرورة أن يتعامل المواطنين مع رواتبهم وكأنها لم تعد لها البدلات، فموظفي القطاع العام وأسرهم وأولادهم قد استطاعوا التكيف والتعايش مع رواتب تم انتزاع حوالي 30٪ منها، ثاني كل علاوة عائدة توضع في حساب احتياطي كتوفير للمستقبل الذي ذكرت أعلاه بعضا من احتمالاته. وطالب بأن يكون التعامل مع محلات التجزئة بحكمة وحنكة، لأنها ستضع موظفي القطاع العام وعائلاتهم تحت المجهر لمراقبة طريقة تعاملهم مع هذه الأموال، فإن قام المواطن وتابعيه بصرفها وبنفس طريقة السنوات السابقة فالأسعار سترتفع والخصومات ستُقطع والعروض التسويقية الحقيقية ستتوقف -والملام هو المواطن لا غيره- فالتاجر يهمه الربح ويريد أن يعوض خسائره خلال الأشهر الماضية والذي لن يتحقق إلا من خلال جيب المواطن وبهذه الطريقة ستتآكل العلاوات بسبب ارتفاع الأسعار ولن يكون لها أي اثر في الادخار أو الاستثمار ولن يتمكن الموظف من صرفها في مجالات جديدة. وأضاف: لابد من استمرار " ثقافة البدائل" أي أن يعلم المواطن أن لكل سلعة بديل قد تختلف كثيرا بالسعر وقد تتشابه بالجودة والفرق بين السلعتين هو الشهرة، فكانا قد مر في حياته سلعا جديدة كانت أسعارها منخفضة جدا بسبب عدم شهرتها وبعد أن تم صناعة اسم تجاري معروف لها أصبحت غالية الثمن، فالمتسوق يستطيع ان يقرأ المكونات للمنتج ومن خلال أجهزة البحث في الإنترنت يستطيع أن يقرأ ويراجع مكونات وتجارب المنتج من أناس حول العالم أو في السعودية.وشدد في ختام حديثة على أن نجعل التوفير والتعقل في المصروفات هي ثقافة وتربية لأنفسنا ولأولادنا لأنهم ستكون لهم حياتهم الخاصة مستقبلا والظروف الاقتصادية والمالية المستقبلية للفرد أو للوطن لا يعلم بها إلا الله. سليمان العساف عودة البدلات يجب أن تتزامن مع تغيير في ثقافة الاستهلاك عبدالعزيز المبارك