عندما بدأت ثورة الاتصالات باختراع البرقية ومن ثم الهاتف الثابت ظن الجميع أن التواصل بين الشعوب قد بلغ مداه، ولكن مع مرور الوقت وتطور الاتصالات واختراع الهاتف الجوال الذي أبهر الجميع جعل الناس ينتظرون المزيد من الاختراعات المتتالية التي تشهد قفزات سريعة، ولعل أبرز حدث هز العالم بأكمله هو اختراع الاتصال المرئي حيث بات بإمكان من يتلقى مكالمة بالهاتف الجوال أن يرى من يتكلم معه عبر الكاميرا الملحقة بالجهاز، وبات الهاتف الجوال ليس هاتفاً فقط بل تعدت خدماته إلى تصفح الإنترنت وحفظ البيانات والتصوير ذي الدقة العالية واستخدام الرسائل الإلكترونية بالبريد المجاني المتاح للجميع، ولعل آخر ثورة في مجال الاتصالات هي ظهور برامج التواصل الاجتماعي التي شغلت الجميع صغاراً وكباراً حيث ومن أشهرها "السناب شات" و"الانستقرام" و"تويتر" و"الفيس بوك"، فصارت هذه البرامج شغل الناس الشاغل خاصةً من فئة الشباب، وبذلك باتت أجهزة الاتصال بالجوال وبرامجه من الضرورة إلى شغل وقت الفراغ بما لا ينفع، بل وتعدت ذلك إلى انتهاك الخصوصية لمستخدمي تلك البرامج من قبل الشركات التي تدير تلك البرامج، إضافةً إلى أن بعض من يتعامل مع تلك البرامج نفسه قد جعل من حياته الخاصة كتاباً مفتوحاً يقرؤه الجميع من خلال عرض أحواله عبر البرامج حيث يوثق نهاره وليله بتصوير كل ما يمر عليه من أحداث في بيته وسفره وزياراته، بل وحتى حال تسوقه إلى وقت منامه، كل ذلك مخالفةً لما كان عليه جيل الأمس من كتمان الحاجات والبعد عن إظهارها للناس ولو أقرب قريب حتى تقضى بصمت، فلكل واحد في هذه الدنيا غاية بل غايات، فتراه يعمل جاهداً ليل نهار من أجل تحقيقها ونيلها وخير ما يعينه على قضائها هو كتمانها عن الآخرين اتباعاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود"، لذلك فقد ضربوا المثل على قضاء الحاجة بالكتمان فقالوا قديماً: "الله من حاجة قضيانها كتمانها"، وقد كان جيل الأمس يطبق ذلك حرفياً حيث تراه يعمل على ما يريد تحقيقه بصمت وبدون أن يعلّم أحد، وذلك تحسباً لأي عارض قد يطرأ على تحقيق هذه الحاجة إذا عرف بها الآخرين. نص مفقود بعد ظهور أجهزة الجوال لا يزال الكثيرين يتذكرون فرحتهم الغامرة بتمكنهم من بعث رسائل نصية لا تزيد عن سبعين حرفاً، ومن أراد إرسال رسالة بأكثر من سبعين حرفاً فإن المتلقي يتلقاها على دفعات حيث ترد إليه الرسالة مجزأة ويكتب في نهاية كل رسالة "جزء من النص مفقود"، وبعد تطور أجهزة الجوال باستخدام اللمس بدل الضغط على الأرقام والحروف باتت الأجهزة تتلقى رسائل طويلة مهما بلغ حجمها، بل وصارت الجوالات تتلقى وسائط الصور ومقاطع الفيديو، واستمراراً للتطور ظهرت العديد من البرامج التي تتيح المحادثة الجماعية وبث الصور الحية وتلقيها والفيديوهات، بل وتصفح مواقع الإنترنت واليوتيوب، ثم ظهرت العديد من البرامج الحديثة مثل "السناب شات" و"الانستقرام" و"تويتر" و"الفيس بوك"، وأصبح الجوال جزءاً لا يتجزأ من حياة كل شخص تقريباً في مختلف مراحل العمر، ولم يعد بإمكان أي شخص أن يسير دون رفقة هاتفه المحمول، فقد ينسى محفظة نقوده ولكن ليس جهاز جواله. تسهيل التواصل وسائل التواصل الاجتماعي تشمل جميع الأدوات التي تستعمل للتفاعل بين أفراد مختلفين، ومع ثورة المعلومات وظهور الإنترنت أصبح لهذا المصطلح انتشاراً أكبر، وأصبح له ميزات أكثر تجاوزت الوسائل القديمة مثل التلفاز والجرائد والمذياع، حيث أصبحت تشمل المنتديات وزوايا النقاش المتاحة على الإنترنت، إلى أن ظهرت في العام 2000م بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت مساحات أوسع لتبادل المعلومات والوسائط، وتنوعت مواقع التواصل الاجتماعي، فمنها أيضاً الشبكات الاجتماعية مثل "تويتر" و"لينكد إن"، وتوفر طرق إلكترونية على الإنترنت، من أجل القيام بتنظيم وإدارة الاتصال بين الأشخاص بشكل فردي أو المجموعات، وعادة ما تمنح الشبكات الاجتماعية للرواد القدرة على تكوين مجموعات، وتعطي الفرصة لهم بالتواصل، ومن أشكال التواصل أيضاً المدونات التي تمنح خدمة التدوين المصغر، كما يوجد بعض الوسائل التي تمنح القدرة على مشاركة الفيديو مثل "اليوتيوب"، وبعضها لتبادل الصور مثل "انستغرام"، إضافةً إلى الخدمات التي تقدمها بعض الوسائل مثل عقد الاجتماعات عن بُعد والتسوق والبيع والشراء عن بُعد، وعن الحديث عن وجود حد لانتشار هذه الوسائل في الاتصال فإنه لا يوجد أي مؤشرات تدل على أن هذا الأمر قريب، بالعكس فإنه من الملاحظ أن هذه الوسائل تأخذ أبعاداً أوسع وتنتشر بشكل أكبر، كما إنه يتوفر العديد من الإبداعات والأفكار التي يمكن تنشأ عن هذه المواقع، وعلى الرغم من وجود بعض السلبيات لهذه الوسائل، لكن علينا الاعتراف بأن لها مجموعة من الإيجابيات على حياة الكثيرين، من حيث تسهيل التواصل على الرغم من ازدياد المسافات بينهم والسفر. نطاق إلكتروني وبدأت فكرة إنشاء مواقع اجتماعية على الشبكة العنكبوتية في مطلع الألفية الجديدة ومن ثم تم استخدامها في أجهزة الهاتف المحمول، حيث بدأت فكرة إنشاء موقع اجتماعي على الشبكة الاجتماعية تراود فكر عدد من الطلاب الأميركيين الذين كانوا على مقاعد الدّراسة الجامعيّة، وتحديدًا في جامعة "هارفرد"، حيث انبرى الطالب النجيب مارك زوكربيرغ لابتكار موقع إلكتروني عام 2003م يتم من خلاله اختيار صورة لأحد الطّلاب من بين صورتين مختارتين لأحد أكثر الطلاب جاذبية في الجامعة، وسمّي هذا الموقع "فيس ماتش"، وقد قام مارك بالدخول إلى دليل الطالب الجامعي المصور الذي تتيحه الجامعة لأخذ الصور المنتقاة على الرغم من سرية الدخول إلى هذا الدليل، وقد تعرض مارك للاستجواب على هذا الفعل بسبب خصوصية الدليل وحقوق النّشر، ولكن لم يتخذ أي إجراء ضده، وبعد ذلك سعى مارك لتطوير فكرة موقعه من خلال إنشاء موقع يتمكن به طلاب جامعة هارفرد من التواصل فيما بينهم، وقد كان ذلك في سنة 2004م حيث استخدم النطاق الإلكتروني، وقد كان الموقع محصوراً على طلبة جامعة هارفرد ثم سمح لطلاب جامعات أميركية أخرى باستخدام الموقع مثل جامعة ستانفورد وكولومبيا، ثم توسّع الاستخدام إلى جامعات أميركية أخرى، ثم دخل "الفيس بوك" المدارس الثّانويّة عام 2005م، ثمّ أصبح الموقع متاحاً لجميع الناس على ألّا يقل عمر المستخدم عن ثلاث عشرة سنة، وأن يمتلك بريداً إلكترونيّاً صحيحاً. تويتر وانستقرام بعد ذلك جاء اختراع "تويتر" من قبل المبرمج ورجل الأعمال الأميركي جاك دورسي الذي صنفته مجلة معهد ماساتشوستس للتقنية كأحد أكثر (35) شخصية مبتكرة في العالم تحت سن (35) عام، وقد ظهر الموقع في أوائل عام 2006م كمشروع تطوير بحثي أجرته شركة "Odeo" الأميركية في مدينة سان فرانسيسكو، وبعد ذلك أطلقته الشركة رسمياً للمستخدمين بشكل عام في أكتوبر 2006م، وبعد ذلك بدأ الموقع في الانتشار كخدمة جديدة على الساحة في عام 2007م من حيث تقديم التدوينات المصغرة، وفي أبريل 2007م قامت شركة "Odeo" بفصل الخدمة عن الشركة وتكوين شركة جديدة باسم "Twitter" بدءاً من ديسمبر 2009م ، وفي شهر أكتوبر من عام 2010م أطلق برنامج "انستغرام" أو "انستقرام" وهو تطبيق مجاني لتبادل الصور وشبكة اجتماعية أيضاً، ويتيح للمستخدمين التقاط صورة، وإضافة فلتر رقمي إليها، ومن ثم مشاركتها في مجموعة متنوعة من خدمات الشبكات الاجتماعية وشبكة انستقرام نفسها. سناب شات ومن آخر وأهم الاختراعات التي شغلت الكثيرين من مستخدمي الهاتف المحمول هو "سناب شات" وهو تطبيق تواصل اجتماعي لتسجيل وبث ومشاركة الرسائل المصورة وضعها إيفان شبيغل وروبرت مورفي، ثم طلبة جامعة ستانفورد، ويمكن للمستخدمين عن طريق التطبيق التقاط الصور وتسجيل الفيديو، وإضافة نص ورسومات، وإرسالها إلى قائمة التحكم من المتلقين، ويعتبر تطبيق تراسل لمشاركة الصور ومقاطع الفيديو، وتم إطلاقه في عام 2011م ، ويملك تطبيق "سناب شات" ميزة فريدة من نوعها وهي إمكانية عرض الصورة أو مقطع الفيديو لمدة وجيزة قبل أن تختفي للأبد، ورغم أن اللقطة لا تظل متواجدة بشكل دائم، حيث يقوم التطبيق بإخفائها بشكل تلقائي بعد مدة زمنية، إلاّ أنه بإمكان المستخدم القيام بأخذ لقطة مصورة للشاشة لحفظ ما تم إرساله، وكدليل على كثرة مستخدمي هذا التطبيق وشغفهم به هو بلوغ عدد المستخدمين النشطين يومياً فيه حوالي (100) مليون مستخدم نشط من جميع أنحاء العالم، وأشار تقرير إلى وصول عدد مستخدمي تطبيق "سناب شات" البالغ من العمر ست سنوات إلى أكثر من (150) مليون مستخدم يومياً، الأمر الذي يجعله أكثر شعبية من "تويتر" من حيث عدد المستخدمين النشطين يومياً. كثرة المتابعين شغف العديد في وقتنا الحاضر بتوثيق الأحداث اليومية المتسارعة وذلك من خلال التقاط الصور والفيديوهات لكل حدث مهما كان أمره، وأكثر ما يستعينون به هو جهاز الجوال الخاص بهم والذي بات لا يفارق صاحبه، ويتم نشر ذلك في حينه عبر برامج التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها ولعل أكثرها اليوم هو برنامج "سناب شات"، وأصبح هذا البرنامج رفيق درب الكثيرين الذين برزوا في تغطية الأحداث من زيارات أو مناسبات أو اكتشافات، وأصبح لديهم مشاهدين بعشرات الآلاف بل وبالملايين، واستفادت شريحة منهم في استغلال كثرة المتابعين باستقطاب الإعلانات من المؤسسات والشركات لترويج سلعهم وتقاضي مبالغ مقابل ذلك قد تكون خيالية، وصارت تلك الإعلانات تدر عليهم ربحاً وافراً يتجاوز ما يتقاضونه من رواتب من عملهم الأساسي بالأضعاف، ولكن شريحة كبيرة من أصحاب تلك الحسابات لا يستغلون نشر ما يوثقونه بل تجد أن جل ما ينشرونه هو برنامجهم اليومي منذ الصباح فينشرون إفطارهم ومن ثم اجتماعهم وما يتم تقديمه للغداء والعشاء والزيارات التي يقومون بها ولو كانت عائلية خاصة، وصارت هذه البرامج كنشر غسيل المتعاملين بها فيوثقون أدق التفاصيل في حياتهم اليومية وحتى عند سفرهم فتراهم يتناولون تحركاتهم لحظة بلحظة. فقدان الخصوصية وفقدت الخصوصية لدى الأغلبية طعمها، فبعد أن كان الناس يقضون حوائجهم بالكتمان ولكلٍ خصوصيته التي لا يعلم عنها أحد، باتت خصوصيات أكثر جيل اليوم تجد نشرها أولاً بأول، ولم يعلموا أنهم خلال نشرهم لتحركاتهم وبرنامجهم اليومي أن هناك من يشاهد ذلك وقد يكون محروماً من أكل معين بسبب مرض أو يشاهد تحركاتهم السياحية في بلدان العالم وهو فقير ومحتاج فينكسر قلبه، وقد يراهم من يحسدهم على ذلك فيصيبهم بالعين فتنقلب حياتهم إلى معاناة وانتكاسة، والأمر الآخر الذي يقلق الكثيرين من مستخدمي برامج التواصل وخصوصاً "سناب شات" هو ثغرة بل ثغرات في تطبيق التراسل المصور والتي منها إتاحة الفرصة إلى إضافة أي شخص بدون موافقة الطرف الآخر، والاطلاع على جميع صوره وقصصه دون علمه، كما أن هناك ثغرة خطيرة جداً وهي تتيح للقراصنة إضافة أي شخص واقتحام خصوصيته، وقد يصل الأمر إلى حد الابتزاز والتهديد، كما أن التحديث الجديد للبرنامج يتيح نشر الموقع الجغرافي لمستخدمي "سناب شات" وكشفه لكل من يستخدم التطبيق على مستوى العالم، وليس فقط لأصدقاء المستخدم، وبموجب التحديث فإن أي اتصال يتم عبر التطبيق يمكن مشاهدته كنقطة على خريطة تفاعلية بمجرد سحب الشاشة، وعند النقر على أي من النقاط يتم فتح الصورة أو المشهد من دون أن يعلم أصحابه أن موقعهم أصبح مكشوفاً، ولتفادي هذا الأمر يتعين إجراء تغيير بسيط في إعدادات التطبيق، وهو الأمر الذي قد يغفل عنه الكثيرون، ويجب على مستخدم "سناب شات" الراغب في حماية نفسه من هذا الأمر أن يجري تعديلاً في إعداد التطبيق من خلال النقر على زر التالي الذي يظهر على الشاشة، ومن ثم النقر على وضع الشبح "أنا فقط" وبعد ذلك النقر على التالي، وبهذه الطريقة فإن أي سنابة يتم تعميمها لن تؤدي إلى إظهار موقع المستخدم على الخريطة التفاعلية. يشار إلى أن هذه الخاصية كانت موجودة ولكنها غير مفعلة في السابق، إلاّ أنها الآن، ومن خلال التحديث الجديد أصبحت مفعلة، ولكنها تلقائياً تضع المستخدم في وضعية المكشوف للجميع وبات على المستخدم أن يجري التعديل الذي يضمن له الخصوصية المطلوبة. جلسات الماضي اتسمت بالصفاء بعيداً عن أجهزة التواصل الخصوصية سمة الطيبين قديماً صور الكاميرا القديمة ذكريات لا تُنسى سناب شات وتويتر وفيس بوك برامج وجدت إقبالاً من الجميع برنامج الانستغرام من أهم البرامج التي ساهمت في نشر الصور الكل مشغول بجواله طوال اليوم توثيق الأحداث اليومية عبر كاميرا برامج التواصل قديماً كان من النادر تصوير المناسبات استعراض يوميات الآخرين أصبح من ضروريات البعض إعداد: حمود الضويحي