لم تمضِ سنوات طوال على تأسيس برنامج «سناب شات» ل إيفان شبيغل الأمريكي حتى أصبح اليوم من أهم البرامج الحياتية عند النساء، حيث بلغت نسبة المتابعة أكثر من 70% من إجمالي المشتركين في الخدمة على مستوى العالم. البرنامج ظهر عام 2011 ولم يُكتب له النجاح إلا في بداية 2014، هذا البرنامج يحمل اللون الأصفر ويتوسطه شبح أبيض يحمل في جعبته شيئاً كثيراً، منها 400 مليون صورة يومياً، وهو معدل يفوق ما يتم مشاركته على «فيسبوك» بالرغم من التفاوت الكبير في عدد المستخدمين. كذلك مدة المقطع لا تتجاوز 10 ثوانٍ بعد ذلك يختفي المقطع وليس نهائياً، بل من الممكن الاحتفاظ بمقاطع الصور والفيديو عبر برامج طُرحت مؤخراً، وهنا مربط الفرس الذي سنتحدث عنه لاحقاً. السؤال المهم الآن: هل كسر «سناب شات» خصوصية الأسرة؟ نعم، ونقصد بالخصوصية هنا ما يتعلق بالشأن الأسري للحياة وما يتعلق بها بمعنى ماذا أكلت؟ ماذا شربت؟ ماذا لبست؟ أو ما يسميه بعضهم بتعري البيوت، أي أصبح من حق المتابعين معرفة كل تفاصيل حياة المشتركين، متغافلين أو مستغفلين عاداتنا وتقاليدنا الجميلة التي يراها بعضهم رجعية في ظل الانفتاح على الآخر والاستفادة من ثقافاتهم. طرحت قبل فترة عبر صفحتيَّ في «فيسبوك» و«تويتر» هذا الموضوع، وكانت النتيجة كالتالي: 81% (نعم) و19% (لا)، ومن هذه النتيجة نستشف أن المجتمع لم يكن كما كان في السابق، بل أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف برامجها في صناعة ثقافة مغايرة ربما تصطدم بالدين أحياناً وبالعادات والتقاليد ثانياً. يرى يوسف الوايل، وهو أحد المشاركين في الموضوع، أن هذه البرامج أصبحت شماعة لتبرير أفعالنا، ولكن الحقيقة أن طريقة استخدامنا البرامج هو سبب ما نحن عليه. فكأننا نقول إن الأكل سبب الحوادث، وإنما الأكل أثناء القيادة (كفعل) هو السبب. وهذا لا يعطي المبرر للتعميم. ومنهم من يرى أن الخصوصية باتت منعدمة بسبب سوء الاستخدام. الأسرة هي كيان له خصوصيته ويجب الحفاظ عليها، وبما أننا مسلمون فمن باب أولى التقيد بذلك، فمتى انكشف الستار ضاعت الخصوصية وأصبحت مستباحة وضرراً يمتد للمجتمع وتصبح بعد ذلك ظاهرة اجتماعية يصعب علاجها وتتفاقم شيئاً فشيئاً، ويتحمَّل رب الأسرة المسؤولية الكبرى من حيث مدى الاستفادة من هذا البرنامج وغيره. برنامج «سناب شات» حاله حال البرامج الأخرى بالإمكان الاستفادة منه من خلال استخدامه بما هو مفيد ومثرٍ اجتماعياً، ومن يتابع «سناب شات» يجد كثيراً من أولئك الذين أسهموا في بث الثقافة المعرفية والسياحية والأدبية والتسويقية، وأصبحت لهم مكانة مرموقة ومميزة. بالمقابل، هناك كثيرون أساؤوا استخدامه وجعلوه مكاناً للرذيلة وابتزاز الفتيات ونشر المقاطع الفاضحة والساقطة، وكسروا حاجز العادات والتقاليد والقيم الدينية، كل هذا بحجة الانفتاح والتحرر والحداثة. واقعاً، نحن نمر بأزمة أخلاقية تقع على عاتق الجميع الأسرة والمجتمع والإعلام في التحذير وعدم التخدير من مخاطر هذه البرامج التي اقتحمت بيوتنا من دون استئذان، كل ما علينا أن نزرع القيم الأخلاقية في نفوسنا أولاً وفي نفوس أبنائنا وأجيالنا ثانياً.