لم يعد خافياً ما عاشه النظام القطري من ارتباك خلال الأيام القليلة الماضية إلى درجة وصلت حد الشفقة، فما يمارس حالياً من سلطات الدوحة هو ببساطة غياب للحكمة تسبب في تلعثم وهيستيريا جماعية أصابت مكونات النظام القطري. المنظومة السياسية في قطر طغت عليها وتحديداً منذ عشرين عاماً الصبغة الميكافيلية، فرضتها عقدة الصغير التي أدت إلى توتر دائم في علاقته بأشقائه وجيرانه الكبار الذين كانوا منشغلين على الدوام بقضايا أهم تتعلق بإستراتيجيات وتحالفات دولية وإقليمية تحقق أمن واستقرار بقعة جغرافية تضم عشرات الدول لا يمكن بطبيعة الحال التفريق بين حقوق جميع من يعيش فيها في العيش في سلام ورخاء. ولم يكن هناك أي تفسير منطقي للحالة التي كان يعيشها الشقيق الصغير ولعبه ومشاغباته بين الحين والآخر مع الكبار، ومع ذلك تم التعامل مع الحالة القطرية على أنها مجرد رغبة في إثبات الوجود، وعلى هذا الأساس تم التقليل من حجم الأخطاء وآثار عبثها بالقيم الخليجية والعربية على أمل أن تدرك الدوحة في يوم من الأيام أن أضرار ممارستها تتمدد لتحرق دولاً وتحدد مصائر شعوبها. ومع تزايد الحماقات ووصولها إلى مستوى أصبح معه أمن واستقرار الدول الخليجية والعربية في خطر تم اتخاذ العديد من الإجراءات تجاه الشقيق الأصغر درءاً للخطر المقبل من أرضه وإعلاناً للغضب من تكرار حماقاته، وهنا اكتفت المؤسسة السياسية القطرية بالتخبط بين نفي وتأكيد، في حين تاه إعلامها في دوائر النفاق، ومع غياب الصوت (الوطني) القطري خرجت تشكيلة اليسار والإخوان والتي استثنت -تحت تأثير المال- قطر بشكل مؤقت من مساحة الحقد والكراهية لتسيء كعادتها إلى دول الخليج وشعوبها. وفي نفس الاتجاه، وفي اعتراف مبطن بضعف الحُجة وقلة الحيلة ترك النظام القطري منصة المتحدث بين أشقائه لمن يعتقد أنهم أقوى منه وأجدر بالحديث نيابة عنه، فاستعان بأطراف إقليمية تردد مع كل طائرة تقلع تجاه الدوحة نشيد الأخوة الإسلامية، وتحت مظلة تجارة الأزمات تدافع علناً عن تصرفات الأخ الصغير وتدفعه إلى السر في مواصلة أداء ما يقوم به بحثاً عن مكاسب سياسية واقتصادية على أمل إطالة مدتها من خلال السيطرة على قرار الصغير، وتشكيكهم في أشقائه وتشويه صورهم وتذكيره بقصة يوسف مع إخوته الذين كادوا له بعد أن أعمت الغيرة بصيرتهم. هكذا تمضي السفينة القطرية، ونتمنى أن لا يكون مستقبلها كحاضرها.. فشعب قطر واستقرار دولته مسألة لا تعني أحداً بقدر ما تعني لأشقائها دول الخليج العربي.. وحتى ذلك الحين يجب أن تتم قراءة المشهد وإصدار القرار من الدوحة لا من عواصم أخرى ترى في عزلة قطر العديد من الفرص تبدأ من تسويق سياساتها ولا تنتهي ببيع منتجاتها الغذائية.