على الرغم من أن ديونها الخارجية تزيد على ال172 مليار دولار، إلا أن قطر بالغت في توظيف المال الأسود من أجل دعم الإرهاب لضرب أمن دول خليجية وعربية، حتى بات التدخل القطري في الإقليم مقلقاً ومساهماً في مزيد من التوترات والقلاقل، وما إن أتت تلك السياسة القطرية أوكلها في دول عربية ضعيفة، حتى استهوت القيادة القطرية حالة التأثير التي يحدثها المال القطري، مما يشعرها بوهم الدولة المؤثرة، والقادرة على التأثير في المشهد السياسي في بعض بلدان المنطقة، مما فتح الشهية القطرية للمضي قدماً في ممارسة توظيف المال الأسود الذي ظنت الدوحة أنه سيمكن البلد الصغير من التأثير في المشهد السياسي في المنطقة بشكل فاعل، إلا أن نقطة الضعف القطرية تكمن في أن الدوحة لا تملك مقومات لعب الدور الصعب باستثناء المال، فالسياسي القطري لا يملك الرؤية السياسية التي ترقى إلى لعب دور كهذا، مما جعل قطر تستقدم أفراداً لفظتهم بلدانهم لتجعلهم الدوحة مستشارين يقودون القرار القطري ويوجهونه، حتى بات عزمي بشارة -النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي- راسم السياسة القطرية وعرابها، الأمر الذي جعل الدوحة تحشر أنفها في كل نزاع على امتداد خارطة العالم العربي، مسخرة أموالها وإعلامها لتوجيه المسارات السياسية لتلك النزاعات حسب أجندتها التي تبدو عناوينها متأثرة بالرؤية المتطرفة للفكر السياسي لعرب الشمال تارة، ولفكر الإخوان تارة أخرى، إلا أنها في نهاية المطاف سرعان ما تفضي إلى محصلة فارغة، تفتقد إلى الرؤية الاستراتيجية والهوية الواضحة، وأهداف ضائعة، معتمدة على نهج عدائي مخالفاً للمصلحة الخليجية والعربية، وذلك لمجرد أن تشعر قطر في نهاية الأمر أنها دولة، وهذا شعور قاتل لا يصيب إلا الدول الصغيرة حقاً. وعلى الرغم من أن السياسة القطرية المتهورة لم تجلب لقطر إلا المتاعب، إلا أن العالم توجس منها منذ مرحلة مبكرة، وأثارت الانتباه منذ بدأ الإرهاب يتغذى على ما تقدمه الدوحة من أموال، ففي العام 2014 تحدثت صحيفة "صنداي" عن ضرورة الضغط على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لوضع قضية "تمويل الارهاب" على قمة أجندة المحادثات المقررة للتباحث مع أمير قطر في حينه بالعاصمة لندن. وذكرت الصحيفة إنه "يتعين على كاميرون أن يطلب من قطر اتخاذ إجراء حاسم لضمان سد أي قنوات لجمع وتوفير الدعم المادي لمسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا". وذكرت مصادر أن قطر خصصت مبلغ 7.6 مليارات دولار أميركي لتمويل عمليات إرهابية في 2010، وارتفع المبلغ إلى 10.4 مليارات دولار في 2011، قبل أن يقفز إلى 11.4 مليار دولار في 2012. وفي عام 2013، زادت دولة قطر المبالغ المالية الداعمة للعمليات الإرهابية لتصل إلى 12.2 مليار دولار، ليقفز المبلغ مجدداً إلى 12.6 مليار دولار في 2014، قبل أن يتقلص إلى 9.9 في 2015 حسب المصادر. * في10 ديسمبر 2014 نشرت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية أن قطر تسمح بتدفق الأموال إلى تنظيم الدولة الإسلامية داعش، الأمر الذي جعل التمويل القطري الرافد الأساسي للجماعات الإرهابية، كما أن المال القطري الأسود عمل على زعزعة استقرار دول شقيقة للدوحة، حتى بات الريال القطري وقنوات الجزيرة ثنائي يجاهر بزعزعة الأمن والاستقرار في جمهورية مصر العربية على رؤوس الأشهاد، فيما شكا الداخل الليبي من التدخل القطري الذي سكب الزيت على نيران ليبيا المشتعلة منذ بداية ثورتها على نظام القذافي. وفيما اتخذت المملكة ودول الخليج ومصر إجراءات رادعة للتهور السياسي القطري، رأى مراقبون أن سياسة قطر الجانحة عن الإجماع العربي والخليجي بلغت حداً من العبث السياسي لا يمكن من خلاله أن تستقيم علاقاتها مع محيطها الخليجي والعربي.