كعادتي أنا المرأة النوستالجية بامتياز أقتات على فُتات ذكراك أقلّب بين رسائلك المكتوبة. والممزقة. والتي لم تُكتب بعد. أعُد قطرات الحبر التي خطَطْت بها حروفًا ترسمني حتى لا أنتهي منك أعد تلك الأصابع والأقلام آهٍ يا خيالي الواسع. أين تبحر بي؟! هل أعُدّ حبات القمح اليابسة منذ عقد وأكثر هل أطحن ذاكرتي وأكوّمُها مع أشولة الرسائل المحروقة آه يا ذاكرة الرماد الأسود كم تمحقين في سحق ألواني وتفترسين الأبيض النقي بشوقِ شيخٍ في الثمانين يدّق أجراس شبابه نداءً خافتًا لا تغفله السماء ولا تطلبه الأرض آه يا ذاكرة العدم.. كم تلوكين فراغ صبري وتقدحين غيمات هربي وتشعلين بين البنفسج والياسمين فتنةً طائفيةً بامتياز ستثمر من يدي ورقة سيزهر من بنفسجي ياسمين أبيض ستلد الدماء المنسيّة ثورة.. وما بين الياسمين والثورة تُنجبني ورقة وقصيدة يكتبني حرف ترسمني ريشة الغد الجائر.. الحائر.. الثائر.. المغامر.. المُتبطر.. المُذعر.. المُقبل.. المُدبر.. وأنا أرسمه ألوانًا تمحو تاريخه الأسود