من يقرأ تفاصيل مشوار مهاجم الهلال والدولي السابق ياسر القحطاني، منذ نعومة أقدامه في الملاعب مع فريقه السابق القادسية، ثم مرحلة الشهرة والأضواء اللامعة مع فريقه الحالي الهلال، مروراً بتجربته الثرية مع المنتخب السعودي، وتتويجه بجائزة اللاعب الأفضل في آسيا موسم 2007م، يقف احتراماً لمسيرة الهداف الكبير، الذي نجح في ترك بصمته في تاريخ الكرة السعودية كأبرز النجوم وأخطر الهدافين. وشهد موسم 2011-2012 مفترق طرق أمام ياسر بعد إعارته لموسم واحد إلى العين الإماراتي، إذ كشفت تجربته حضوراً متواضعاً كان يمثل جرس إنذار لأفول نجومية اللاعب الجماهيري، الذي عاد من جديد لفريقه الهلال، ليسجل أرقاماً أكثر تواضعاً على صعيد المشاركة أساسياً أو على مستوى الحضور التهديفي، على الرغم من تعاقب الكثير من المدربين، إذ ظهر بمخزون لياقي ضئيل، وحضور بدني مترهل لا يسعفه لسن رماحه كقناص ماهر، كبدايات ظهوره في الملاعب في العام 2000م بقميص القادسية، ثم تألقه اللافت مع الهلال بداية من العام 2005م، وصولاً لاعتزاله اللعب الدولي بعد 100 مباراة دولية شهدت نجاحاً رائعاً للاعب مع منتخب بلاده. في المواسم الخمسة الماضية وحتى نهاية هذا الموسم دخل القحطاني في صراع حقيقي ذاتي جماهيري بين المطالبات باعتزاله الملاعب، بعد تراجع مستوياته وتثاقل خطواته، وبين رغبة البقاء العاطفية لأطول فترة ممكنة في الملاعب كقائد للفريق الأزرق، حتى وهو يقضي جل وقته على دكة البدلاء، مكتفياً بحمل كؤوس البطولات، التي باتت مساهماته في تحقيقها تتراجع عاماً بعد عام، مقارنة ببقية زملائه الأصغر سناً والأكثر تألقاً في الفريق. حالة ياسر تكررت كثيرا في ملاعب العالم، ولكن النهاية كانت سيئة لكل النجوم الذين تشبثوا بالبقاء ورفضوا الرحيل، فيما احتفظ عديد النجوم الآخرين في الحالة المعاكسة باحترام أنديتهم وجماهيرهم، عندما اتخذوا القرار المر بتوديع الملاعب في اللحظة المناسبة، تاركين وراءهم إرثاً عريضاً من التألق والنجومية لذلك اصبح أمام مرحلة مفصلية في تاريخه الكروي لمراجعة حساباته، وتقدير موقفه الشخصي من دون تدخلات المتعاطفين مع بقائه، والمؤيدين لرحيله، إذ لايمكن للاعب ما مهما بلغت شهرته الآفاق، الخلود في الملاعب والركض في زمن ليس زمنه. من يعرف عقلية القحطاني يثق أنه سيقدر ووقوف الإدارة والجماهير الهلالية معه في أحلك الظروف التي اعترضت مشواره، وهو التقدير المتواصل مع اللاعب حتى بعد أفول نجوميته في المواسم الخمس الأخيرة تحديداً وتحوله لنجم على الهامش، يكتفي بمؤازرة زملائه ومشاركتهم في دقائق معدودة لم تعد تليق بتاريخ «القناص» الذي اختفى قوسه، وتكسرت سهامه، بعد أن كان يوماً ما ملء السمع والبصر، وأصبح اليوم بين سندان العاطفة، ومطرقة الرحيل المنطقي، حفاظاً على تاريخه وتقديراً لجماهيره، وعرفاناً للإدارة الزرقاء التي منحته فرصاً متعددة، وتركت قرار الرحيل في يده وحده فقط، على طريقة «العاقل خصيم نفسه والجاهل عدو نفسه».