لم يكن التفريط في مشاهير النجوم في العقود الماضية أمراً هيناً أو مقبولاً عند الجماهير، بل كان ضرباً من ضروب الخيال في ظل عزة الولاء وقوة الانتماء التي كانت تسيطر على أبرز وأميز النجوم في ذلك الوقت، ولكن هذه النظرية والقضية الجدلية تلاشت تماماً في الموسم الرياضي الحالي، وبات النجم الجماهيري على المحك، يشعر بعدم الرغبة في بقائه مع النادي علناً من صناع القرار الذين تفننوا في طريقة تصريف النجوم، ولذا لم يجدوا مفراً من الرحيل، فمنهم من طار بعيداً عن الديار، ومنهم من فر إلى أندية الجوار، ومنهم من اختفى عن الساحة نهائياً، ومنهم من لا زال ينتظر مصيره في فترة الانتقالات الشتوية. ولم يكن أحد يتصور أن يرحل قائد المنتخب السعودي وأفضل لاعب في قارة آسيا 2007 النجم الجماهيري القناص ياسر القحطاني إلى العين الإماراتي بهذه السهولة، لاعب تنازل عن كل شيء من أجل الهلال، المال والمميزات والمغريات التي تلقاها من رئيس الاتحاد السابق منصور البلوي في أثناء المفاوضات، ولم يكن أسوأ اللاعبين في ناديه، بل أسهم في حصوله على بعض المنجزات والبطولات الذهبية في المواسم الفائتة، وكان يشكل العلامة الفارقة في المقدمة الزرقاء حتى وهو يعاني من تراجع مستواه الفني، ولكن إدارة الهلال فاجأت الجماهير والعشاق و المحبين كافة بطريقة تصريف اللاعب وإبعاده عن الفريق بحجة تغيير نفسيته وتأهيله مجدداً في دولة خليجية مجاورة قبل أن يعود لقيادة الهجوم الهلالي، وقد يكون من الصعب أن يجد القحطاني له مكاناً في المقدمة الزرقاء أو في قلوب الهلاليين كما كان في ظل سياسة الاعتماد على المهاجمين الأجانب ونسيان الكثير من الجماهير لإبداعات الهداف الشهير. وفي النصر لم يكن الوضع بأفضل حالاً بالنسبة للهداف البارع والمهاجم اللامع سعد الحارثي الذي تخلت عنه إدارة النصر بشكل غريب، وتركته في دوامة المستقبل المجهول، وتجاهلته تماماً حتى الأيام الأخيرة من عقده في دلالة أكيدة على عدم الرغبة في استمراره في كتيبة العالمي، بل طالبته في فترة من الفترات بمبلغ مالي من أجل شراء المدة المتبقية من عقده الاحترافي، ودخل الحارثي في أزمة نفسية وهو النجم الشهير الذي لم تنجب له الملاعب النصراوية مثيلاً منذ رحيل جيل العمالقة الأفذاذ، خصوصاً وأن اللاعب كان يعشق ناديه عشقاً كبيراً، ويعشق جماهيره الوفية التي طالما رسم البسمة على محياها في الكثير من النزالات الكروية، ورحل الحارثي محطماً من أغلى دار إلى نادي الجوار المنافس التقليدي نادي الهلال في عقد إثبات الذات لمدة ستة أشهر إما التألق والإبداع وإما الفشل والوداع في نهاية الموسم الرياضي. ولم تشهد الساحة الرياضية في الموسم الحالي إبداعات النجم الشبابي الكبير وصانع الألعاب المثير عبده عطيف الذي توقف عن الركض فجأة، وغاب عن الأنظار بحجة أن المدرب البلجيكي ميشيل برودوم لا يرغب في بقائه مع الفريق ولا حتى مع دكة البدلاء بعدما تعاقدت الإدارة الشبابية مع صانع الألعاب الأوزبكي وأفضل لاعب في قارة آسيا 2011 سيرجي جيباروف، وفقدت منظومة الليوث والملاعب السعودية واحداً من أشهر وأفضل صناع اللعب في الأعوام الأخيرة، وأبدت إدارة الشباب رغبتها في رحيل اللاعب في حال وصول عرض مالي مغرٍ من الأندية الأخرى في الفترة المقبلة، لتنقطع بذلك علاقة عطيف رسمياً بالجماهير الشبابية التي أحبته وعشقته ودعمته حتى وصلت شهرته إلى أرجاء الوطن العربي والقارة الآسيوية في الأعوام الماضية. وتخلى النادي الأهلي عن أخطر وألمع مهاجميه في العقد الأخير الهداف المرعب والمهاجم الموهوب مالك معاذ الذي أعاد القلعة إلى ساحة الإنجازات والبطولات وأسهم بقوة في حصولها على بعض الألقاب المحلية الغالية، وفي مقدمها كأس ولي العهد، وكأس الأمير فيصل بن فهد – يرحمه الله -، إذ تمت إعارته إلى النصر بعدما أكل البرازيلي فيكتور سيموس والعماني عماد الحوسني الجو في الأهلي، ورحل مالك عن أسوار القلعة بنفسية حزينة حاملاً معه ذكريات جميلة مع جماهير الراقي، التي اعتبرته أفضل مهاجم سعودي مر على الفريق في الربع قرن الأخير. وينتظر قائد فريق الاتحاد البارع ونجمه الساطع محمد نور مصيره مع الفريق في فترة الانتقالات الشتوية لتحديد مستقبله الرياضي سواءً بالاستمرار في كتيبة النمور أو الرحيل إلى صفوف فريق الجيش القطري الذي فاوضه بقوة في الأسابيع الماضية، وقد تحمل فترة الانتقالات أنباءً غير سارة لجماهير العميد عن رحيل القائد الأسطوري الشهير الذي قاد فريقه لملحمة من الإنجازات الذهبية على الأصعدة المحلية والخليجية والعربية والآسيوية كافة، وفي حال تأكد الرحيل رسمياً فستكون جماهير الأندية الخمسة الكبار الهلال والنصر والشباب والأهلي والاتحاد قد اكتوت بنار الفراق على أشهر النجوم في الزمن الحالي من دون منازع وأبرز من قدمتهم الأندية السعودية لملاعب الكرة الخضراء في السنوات الماضية. رحيمي: مفيد للكرة السعودية... وأنور: نقلة نوعية