القاعدة العملية لإنجاز المهام التي تحتاج إلى تفكير دقيق، ألا تقوم بمزاولتها وأنت كسلان أو متبلّد أو بطيء أو راكد القدرة. والفرضية تقول إن الإنسان يُصبح في أحسن حالاته عند الاستيقاظ بعد نوم عميق وليلة هادئة. غير أن التجارب والاستبيانات في الغرب أظهرت أن نسبة كبيرة من الناس لا يعتدل مزاجها إلا بعد ساعتين من النهوض، وبعد تناولها قدحين أو ثلاثة من القهوة أو أكثر. كذلك فقد ظهر في الاستبيان أن نسبة ليست قليلة من الناس تكون في قمة نشاطها في المساء، وتؤجّل كل القرارات التي تحتاج إلى اتخاذها إلى ساعة تختارها في المساء، بعد وجبة خفيفة. أذكر الآباء عندنا في مدن وقرى نجد يحتاج إلى فنجال أو اثنين من القهوة العربية قبل الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الفجر مع الجماعة. حتى أن العابر يسمع دقات الهاون قبيل أذان الصبح، لأنهم كانوا يؤمنون أن كل شيء يجب أن يكون طازجا.. أي لا يصلح إعداد الدلة ليلا قبل النوم لتكون جاهزة عند الأذان. وأعتقد أن للموضوع صلة نفسية أو بيولوجية مع ما يُمارس حاليا في الغرب. ويقول صاحب كتاب Maximize your Energy إذا احتاج الأمر إلى أربعة أكواب من القهوة لجعلك تنطلق فإنك غالبا لست الشخص الذي يُطلقون عليه الرجل الباكر، وعليك عندئذ تأجيل الأمور المهمة إلى وقت تكون فيه في أوج نشاطك. وإنسان منطقة البحر المتوسط أسير لعادة نوم الظهيرة، أو القيلولة. فعند استيقاظه في الصباح يُعاني من تعكّر المزاج، وعند استيقاظه بعد الغروب يُعاني من تعكّر المزاج أيضا. فهو يمرّ بمرحلة البلادة مرتين. ويكون ضعيفا أكثر من غيره. وتأسرنا عادة نوم الظهيرة لدرجة أن أحدهم بقوم بإخراس الهاتف، ويحرص على تعتيم الغرفة، ويشتري ستائر من النوع المتين، ذي الطبقات الثلاث. ولو تأخر عن نومة الظهر لسبب أو آخر نام بُعيد المغرب.. وسماها "نومة الظهر". قال شاعر: ألا إن نومات الضحى تُورث الفتى خبالا، ونومات العُصير جنونا