تواصل المحامية السعودية تحقيق انتصار مهم بخروجها من عباءة الوكالة إلى ميدان الترافع في المحاكم، والذي استمر لسنوات عديدة حكراً على الرجال. ورأت المحاميات السعوديات أن فتح المجال لهن للعمل بصفة قانونية متكاملة تكفل لهن حق الترافع يعد خطوة إيجابية، تعترف بأهمية المرأة السعودية ودورها في المجتمع، ويمنحها حق المدافعة عن قضايا ليست نسائية فقط، بل عن قضايا متنوعة كالقضايا التجارية، والأحوال الشخصية، وقضايا الشركات والعمالة، وغيرها. لكن المحاميات السعوديات يجدن بعض الإجحاف من بعض مكاتب التدريب تأخذ مبالغ شهرية من أجل تدريبهن وتأهيلهن لمهنة المحاماة. وأكدن طالبات قانون ل"الرياض" أنّ هذه المعاناة يعاني منها أغلب خريجات القانون، كما أن المحاميات طالبن بتذليل الكثير من المعوقات التي تعترضهن في مكاتب المحاماة والمحاكم للعمل بشكل قانوني ورسمي تحت مظلة وزارة العدل. توثيق العقد في البداية شددت المحامية مشاعل فارس على أن توثيق المتدربة عملها مع مكاتب المحاماة بعقود موثقة تحميها من استغلالها من قبل بعض المكاتب بإضافة مهام أخرى إدارية لا دخل لها بالمحاماة كالسكرتارية وحجز وإلغاء المواعيد اليومية، مشيرة إلى أن بعض المحامين قد يضع محاميا آخر بديلا له وأقل كفاءة منه كمرجع للمحاميات المتدربات مما يترتب عليه قلة كفاءة التدريب المقدم واتجاه بعض المتدربات لدورات خارجية مكلفة لتعويض ذلك. وأكدت أن بعض المكاتب تمارس التعتيم على بعض المحاميات المتدربات، للخوف من تمكين المحامية المتدربة بالإفصاح لها عن معلومات تساعدها في حل القضايا والاستزادة في كمية المعلومات التي تتلقاها خشية من اكتسابها لخبرة تتيح لها الاستقلال عن مكتب المحاماة ومنافستهم مستقبلا في هذا المجال. استغلال الطلاب وقالت مشاعل إنّ من الممارسات التي تتعرض لها المتدربة البخس المادي من قبل هذه المكاتب بحجة تقديم التدريب لهم، بالإضافة إلى أن بعضهم قد يستغل بعض المحامين شهرتهم في هذا المجال من خلال العرض على من ترغب بالتدريب في مكتبه أن تقوم بفتح فرع نسائي باسمه من حسابها الخاص هي وزميلاتها ويتم إشراف المحامي عليهم بفترات متفاوتة مما يترتب عليه زيادة شهرته بتنوع الفروع الخاصة بمكتبه. وطالبت بوضع حلول لهذه الإشكاليات، بتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة بين شركات المحاماة المدربة ووزارة العدل بحيث يتم ضمان التواصل المباشر بينهم مما سينعكس إيجابيا على المتدرب، وتقنين عقد تدريب موحد ومفصل ومقر من قبل إدارة المحاماة بحيث يضمن للمتدرب الحق الكامل في تلقي التدريب وضمان مكافأته، وسن عقوبات رادعة تمنع المحامي من التعسف في استعمال حقه ضد المتدربة، وأن يتم تقديم طلب التدريب من خلال إدارة المحاماة والتي بدورها تتولى مسؤولية اختيار المكتب المدرب حسب معايير معينة. حوافز مادية واعتبرت سعاد الحارثي أن أبرز ما تواجهه المحامية المتدربة من عقبات هو التدريب في المكاتب، حيث يوجد استغلال مادي قد تصل إلى حرمان من رواتب أو حوافز مادية أو يُدفع مبلغ مالي للمكتب المحاماة مقابل منحها شهادة تدريب لمزاولة المهنة، مشيرةً إلى أنّ بعض المكاتب لا تراعي المتاعب التي تعانيها المتدربة في المهنة، وقالت: للأسف مكاتب المحاماة ضربت باحتياجات المتدربة بالحائط، فالمتدربة تحتاج مبالغ مادية من مواصلات، وتنقلات، واحتياجها للمادة للاستمرار في هذه المهنة، علما بأنه قد يحصل عليها زميلها المتدرب من حوافز وراتب شهري في المكتب ذاته! وأضافت الحارثي بأن من العقبات التي تواجهها في مسيرتها القانونية أنه لا يوجد جهة معينه قد تلجأ إليها المحاميّة المتدربة في حال حدوث خلاف بينها وبين المُدرب سوى البحث لها عن بديل وقد تواجه متاعب ومصاعب مسبقاً لأنه ليست هناك جهة تحمي المتدرب بشكل عام، وأيضا من المشاكل التي قد تواجه المحامية بشكل عام هي فئة من المجتمع ينظرون بأنها مهنة تقتصر على الرجال وأن المحامية لن تنجح في هذا المهنة. حجج واهية فيما أوضحت خريجة القانون هلا عبدالرحمن الزكري أنّ بعض مكاتب المحاماة تصعب المهام على المتدربات وتجعل جميع القضايا الترافع عليهم، دون عائد مادي مقابل الجهد البدني المبذول من قبل المتدربات، مؤكّدةً أنها تواجه كغيرها هذه المعاناة، مضيفةً: "أغلب المكاتب ترفض قبول المتدربات بحجة عدم استيعاب المكان أو عدم تجديده لرخصة المحاماة فيما طالب الباقي منهم بمقابل مادي يحصل عليه من المتدربة يصل إلى 5 آلاف ريال في الشهر وهو أجرة تدريبها -على حد قولها-"، مشيرة إلى أن المبلغ ليس رمزيا وهو راتب موظف. وأشارت إلى أنّ بعض المكاتب تتعامل معنا كسكرتارية تنظيم الأوراق وكتابة بعض الملاحظات؛ لأن بعض المحامين لم يدربها على أي من الأمور القانونية بل كان عملها ينصب في الأعمال الإدارية وإعداد الجداول، وتلقي الاتصالات. قضايا المرأة فيما أكدت المحامية المتدربة أثير المجيديع أنّ دخول المرأة في المحاماة يساعد في حل كثير من المشاكل وبالذات مشاكل الأحوال الشخصية والمسائل الأسرية وذلك بسبب أن العديد من النساء المحتاجات لمن يترافع عن قضاياهن ويتفهم احتياجات المرأة لأنهن يتحرجن من البوح ببعض التفاصيل عن حياتهن عند الرجل. وأضافت: "أنا خريجة قسم القانون من جامعة الأميرة نورة، بعد تخرجي من الجامعة وجدت صعوبة في التدريب بأحد مكاتب المحاماة ووجدت كل الأبواب مغلقة"، مشيرةً إلى أنها تواصلت مع كثير من المحامين لتنهي فترة التدريب المشروطة من وزارة العدل في مكاتب المحاماة المعتمدة، لكنها فوجئت بضعف التجاوب من المحامين". وأشارت إلى أنّ صدور قرار ممارسة المرأة للمحاماة وحصولها على رخصة المحاماة بعد انتظار أسعد قلوب كثير من النساء فبعد هذا القرار أصبح يمكن للمرأة دخولها للمرافعة في المحاكم وديوان المظالم، وأيضا يمكن أن تقوم بعملها من داخل المكتب من خلال الاستشارات القانونية، وهناك العديد من المحاميات المدربات بعد التخرج ويتطلعن لاستخراج الرخصة لمزاولة مهنة أحلامهن في الدفاع عن حقوق الناس لأن مهنة المحاماة تعتبر من المهن الإنسانية لرد الحقوق الضائعة ولكن المجتمع بحاجة لوقت كافٍ لتقبل وجود محاميات سعوديات في هذا المجال لأن هناك من تقبل وجود المرأة في مجال المحاماة وهناك من لم يتقبل وجودها في هذه المهنة. حصة الدليمي الدليمي: لا تنتظرن الفرص.. اصنعنها أكدت المحامية حصة الدليمي أنّ واقع المحاميات المتدربات بدأ بالتغير قليلاً، وقالت: واقعهن كمحاميات متدربات قد بدأ بالتحسن ولكننا لا ننكر العقبات التي واجهتنا والتي لا نزال نواجهها. وأضافت: "لا زال دخول العنصر النسائي في مجال المحاماة جديداً ويمكن القول: إن المصدر الأساسي لكل هذه المشكلات والعقبات التي تواجه المحاميات المتدربات هو بسبب النقص والعجز في نظام المحاماة الذي لا يحتوي على مواد تحمي المحاميات المتدربات وبالتالي يكون هناك انتقاص لحقوقهن، استغلال لجهودهن". وكشفت أنّ هناك الكثير من المشكلات التي تواجه المحاميات المتدربات أولها لا توجد مكاتب محاماة كثيرة تستقبل وتستقطب المحاميات للتوظيف، أو لا تمتلك أماكن مهيأة لهن حيث وإن قاموا بالتوظيف فإن الأماكن تكون غير ملائمة فقد لا تتوفر أماكن أو دورات مياه خاصة فيهن أو قد تكون مكاتبهن الخاصة مراقبة بالكاميرات مما يسبب للكثير من المحاميات عدم الراحة وعدم قبولهن للعمل. وبينت أنّ ذلك يؤدي إلى تقلص أعداد الجهات التي يمكن العمل فيها مما يؤدي بدوره إلى نقطة استغلال المتدربات من ناحية عدم إعطاءهن رواتب مجزية وفي المقابل إعطاء الجنس الآخر وإن كانوا متدربين رواتب أعلى ويستحقونها فور بدأهم بالعمل بينما المحاميات لا يستلمن هذه الرواتب إلا بعد انتهاء فترة التجربة، وكذلك في بعض الجهات المعنية يتم توفير بدل مواصلات للمحامين الذكور بينما لا يتوفر ذلك للمحاميات، كما وإن هناك مكاتب تفرض شروطاً جزائية قد تصل إلى عشرات آلاف حتى يلزموهن بالاستمرار بالعمل، بل إن بعض المكاتب تستغل إقبال خريجات القانون والشريعة ورغبتهن في كسب الخبرة فتقوم بعض الجهات بحصر عملهن على التعقيب وقضايا التنفيذ وعدم إدخالهن في مهام الترافع والصياغة القانونية وعدم إعطاءهن فرصة لإثبات أنفسهن. وأوضحت أن غياب الرقابة أدى خداع بعض المحاميات المتدربات من جهات العمل التدريبية، بطلب دفع مبلغ مقطوع أو دفع نسبة من إيجار المنشأة، كذلك خداع لبعض حديثات التخرج حيث يقوم بعض المحامين بممارسة الحيل فيكون المحامي لم يكمل المدة التي تسمح له بفتح باب التدريب لديه ومع ذلك يقوم باستقطاب الخريجات لكونهن لسن ذوات خبرة ويمكنه التحايل عليهم ويقوم بإيهامهن بإمكانية التدريب وهو ليس كذلك، وقد يوفر لهن القيد في الإدارة العامة للمحاماة كمتدربات مقابل مبالغ مالية. وطالبت المحاميات المتدربات بأن لا تنتظر فرصتها بل يجب عليها خلقها بنفسها وأن تشق طريقها، فمجال كمجال المحاماة يحتاج إلى الصبر والمثابرة وقوة تحمل وفطنة واستغلال جميع الفرص وأن تفرض المحامية نفسها فعليك بناء نفسك بنفسك، فالطرق دائماً صعبة في البداية لكن وكما حاولن وجاهدن القانونيات من قبلنا ويسروا لنا فها نحن نمهد للذين من بعدنا، فنبني مستقبلنا مع بعضنا. وأوردت بعض الحلول لمثل هذه المعاناة والقضاء على المشاكل التي تعاني منه المتدربات، حيث تقوم هيئة المحامين بممارسة سلطاتها وتكثيف جهودها وإصدار لوائح تنظم وتحمي حقوق المتدربين وخاصة المحاميات كون أن هناك استغلال كبير في حقهن، كذلك تهتم هيئة المحامين بالشكاوى المقدمة من المتدربات وتتعامل معها بسرية تامة وتأخذها على محمل الجد وتتحرى بخصوصها والتي قد تحمل في طياتها مخالفات جدية للنظام ثم تفرض عليهن عقوبات تأديبية، بالإضافة أن تفرض الهيئة على المكاتب أن توفر بيئة ملائمة للمحاميات وتستقطب على الأقل من محاميتين إلى ثلاث على حسب حجم المنشأة، وكذلك تحديد الحد الأدنى لرواتب المتدربين، وتوفير مراكز تدريب معترف بها وبإشراف وزارة العدل وكذلك تكون مستقلة تماماً عن مكاتب المحاماة. المرأة السعودية حديثة على ميدان الترافع في المحاكم ريم الجلال