بتفاؤلٍ يعلوهُ التوجّس، رمى كل الخبراء والمهتمين بصناعة النفط أوراق نبوءاتهم على أعتاب "فيينا" مدينة قُضاةِ النفط، ولا جزمَ في الأمر خلا التطمينات بين الفينةِ والأخرى التي تشير إلى تلبية حاجة الأسواق العالمية لعملية التوازن وتقليص الفارق بين عاملي العرض والطلب. بيدَ أنهم يرون أن عملية دعم التوازن بداخل الأسواق لم تصل للتوقعات المأمولة، معتقدين ضرورة استمرارية التحالف بين المنتجين؛ لضمان الموازنة المطلوبة في أسواق النفط. إلى ذلك قال أستاذ الطاقة والصناعات بجامعة الملك سعود الدكتور فهد المبدل التوقعات تكاد تكون صعبة لا سيمّا مع قرب موعد اجتماع منظمة الأوبك 25 الشهر الجاري، فهنالك عددٌ من الدول ترغب في تمديد الإنتاج وأخرى لا تؤيد ذلك، إلا أن المعطيات الحالية لا تساعد على التنبؤ بما سيسفر عنه اجتماع المنظمة القادم في "فيينا". من جهته قال المحلل النفطي الدكتور محمد الشطي يرى الكثير من المتابعين أنه على الرغم من بدء توازن الأسواق إلا أن التحرك جاء بوتيرة أقل من المتوقع، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى أن الفترة الزمنية لنقل شحنات النفط من الدول المنتجة للنفط إلى بقية الأسواق قد تطول حسب المسافة المترتبة لقطعها، وقد تصل إلى ستين يوماً، لذلك فالتأثير متوقع خلال الأشهر القادمة بشكل أوضح من خلال سحوبات مخزونات النفط في العالم، كذلك رغم نجاح المنتجين في تقليص المعروض في السوق خلال عام 2017، لكن تعافي الأسعار دفع بالإنتاج الأميركي للتعافي مع زيادة عدد الحفارات. وتابع قائلاً: ويتوقع عدد من بيوت الاستشارة ومن بينهم فاكتس غلوبل انرجي ووود ماك بأن عام 2018 يتطلب استمرار تحالف المنتجين في تنظيم المعروض بالأسواق حيث أنه من المتوقع أن تصل الزيادة السنوية للإنتاج الأميركي من النفط ما بين 800 الف برميل يومياً و1 مليون برميل يومياً خلال العام القادم 2018 وهي أكبر معضلة تواجه اتفاق تعديل الإنتاج؛ لأن عدم العمل بالاتفاق خلال عام 2018 سيشجع ارتفاع المعروض النفطي سواء من داخل أو خارج الأوبك لتصل الزيادة في الإمدادات النفطية 2 مليون برميل يومياً، مقابل ارتفاع الطلب بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً وهو ما يعني عودة لبناء المخزون وضعف الاسعار في حالة العودة إلى عدم وجود من ينظم الفائض في السوق. وذكر أن سيناريوهات المؤتمر الوزاري في مايو 2017 تدور بين ثلاث محاور بحسب بنك باركليز، الأول تمديد الاتفاق لستة أشهر ولكن من دون التزام مناسب كما كان في الأشهر الأولى حيث يرتفع الإنتاج لمواجهة ارتفاع الطلب لتوليد الكهرباء في أشهر الصيف في دول الخليج العربي وتكون عودة لأجواء التنافس ومستويات الإنتاج في شهر نوفمبر 2016، وسعر نفط خام برنت يظل عند 56 دولاراً للبرميل او ما يعادل 52 دولاراً للبرميل للنفط الكويتي خلال النصف الثاني من عام 2017. والثاني يتم تمديد الاتفاق لثلاثة أشهر فقط ولكن نسب الالتزام بالاتفاق ترتفع وهذا ما يعني ارتفاع الأسعار إلى مستويات أعلى عند 58 دولاراً للبرميل، اما الثالث فهو تمديد لاتفاق تعديل الإنتاج لستة أشهر قادمة ولكن مع استمرار تحسن نسب الالتزام وهو ما يَضمن ارتفاع متوسط أسعار نفط خام برنت إلى 60 دولاراً للبرميل خلال النصف الثاني من عام 2017. وأضاف الشطي أن أي تعافٍ للأسعار يعني زيادة في الإمدادات من خارج الأوبك بالضرورة عن التوقعات الحالية وضعف طفيف في مستويات تعافي الطلب العالمي على النفط، ويعني زيادة في السحوبات من المخزون النفطي، كما يجب ألا ننسى أن هناك عدة أوضاع تخدم تماسك السوق وتدعم تناقص المعروض في أسواق النفط وهي: الاول الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية في فنزويلا حيث إنها قد تفضي إلى عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الشركات النفطية التي تقوم بتطوير الإنتاج، وهو الأمر الذي يهدد إيقاف قرابة ال 300 ألف برميل يومياً من إنتاجها الفعلي عن أسواق النفط والثاني بقاء إنتاج ليبيا متأرجحاً بين 250 - 750 ألف برميل يومياً خلال العام الحالي والثالث استمرارية روسيا في الاتفاق الحالي لتعديل الإنتاج، بهدف تعزيز العلاقات مع السعودية وإيران والاستفادة من التطورات الجيوسياسية في المنطقة، الاتفاق يعني تعافي أسعار النفط الخام وتنامي الاقتصاد العالمي والروسي أيضاً هذا كما يراه بعض المحللين وحالياً أعلنت روسيا خفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يومياً والرابع تقلص الفروقات بين سعري نفط خام الإشارة برنت ودبي واستقامة المنحنى السعري لنفط خام الإشارة برنت.