النسيان نعمة من الله ولو أن الإنسان يتذكر كل صغيرة وكبيرة مرت في حياته لعاش حياة بائسة وشاخ قبل أوانه، لاسيما تذكر الأحداث والصور المؤلمة، وفي المقابل فإن التذكر مفيد للإنسان لأنه يساعده في تعليمه وعمله وعلاقاته وكل شؤون حياته، كما أن تذكر التجارب التي شهدها أو عاشها تعلمه خبرات يستفيد منها في حياته فلا يكرر الأخطاء، فالذاكرة القوية لها علاقة بالنجاح والسعادة، ولكن التذكر الكامل لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن هناك نسيان لبعض الذكريات، وهذا ما يساعد على توازن الإنسان من الناحية النفسية والاجتماعية. قرأت مؤخرا مقالا عن الذاكرة والنسيان يرى الكاتب فيه أن الذاكرة والنسيان وجهان لعملة واحدة، وهما ليسا على طرفي نقيض، فكل محاولة لإلقاء ضوء على أحداث أو معلومات أو مشاعر معينة يقابله نسيان لذكريات أخرى، ويعتبر أن للنسيان فعلا إيجابيا فهو يدعم الذاكرة، لأن الإنسان لا يمكن أن يتذكر كل شيء، ولأن الذاكرة المتضخمة على المستوى الفردي والجماعي قد تصبح عائقا أمام التغيير والتطور والانعتاق من الوضع الراهن. وإذا كان النسيان أمرا طبيعيا وله فوائده فإن ذلك لا يعني أن نستسلم ولا نبذل الجهد في تقوية الذاكرة، فالملاحظ أن البعض يبررون نسيانهم المعلومات والأخبار أو المواعيد والوعود أو الأماكن أو الذكريات والأحداث المهمة بحجة الانشغال أو الظروف أو العمر أو المرض أو النفور منها، وقد يتسبب ذلك بمشكلات لهم وللآخرين، فقد تؤثر في تقدمهم الدراسي والوظيفي، وفي علاقاتهم الاجتماعية، وفي تحصيلهم المعرفي، وقد تحرمهم متعة مشاركة الذكريات الجميلة مع من يحبون، بل إن نسيان حقائق أو تفاصيل أو أرقام قد يتسبب في ظلم الشخص لنفسه أو لأشخاص آخرين وضياع حقوقهم. من النصائح التي تعطى لتقوية الذاكرة: * التركيز على الأشياء والمعلومات المهمة؛ بحيث تتخزن في الذاكرة على المدى القصير ثم الطويل مع تدوين المهام للتذكير. * بالنسبة للدارسين؛ ينصح بالدراسة في ظروف مريحة ومبهجة لأن ذلك يساعد على تثبيت المعلومات، مع مراعاة عدم دراسة الموضوعات المشابهة في وقت واحد حتى لا يحدث خلط أو تشويش بينها. * كما أن استخدام الرسم أو الربط يساعد على تثبيت المعلومة. * الترفيه والنوم والنظام الغذائي والرياضة الجسمية والذهنية والتأمل ونمط الحياة الصحي المنظم من عوامل تقوية الذاكرة.