غازي علي منذ أن نشأت جمعية الثقافة والفنون وهي تستقبل الموسيقيين السعوديين في معهدها الخاص، وتدربهم في دورة مكثفة لمدة عامين لتصنع منهم عازفين ضمن الفرق الموسيقية، إلا أنها توقفت عن القيام بهذا الدور التثقيفي في منتصف الثمانينيات لأسباب غير واضحة. تخرج من ذلك البرنامج فنانون كثر، وعازفون مبدعون في مختلف الآلات، كانوا سبباً في النهضة الموسيقية التي عاشتها المملكة في تلك الفترة. التوقف القسري لدور جمعية الثقافة والفنون في دعم الموسيقى يوشك أن ينتهي بعد حالة النشاط الفنية الكبيرة التي عاشتها المدن السعودية في الفترة الأخيرة بعودة الحفلات الغنائية إلى جانب الأمسيات الموسيقية التي أحياها موسيقيون كبار في الرياضوجدة مثل المصري عمر خيرت، والمجري بوغاني، والياباني هيروفوميي بوشيدا الذي قاد مؤخراً حفل الأوركسترا اليابانية. الحراك الأخير شجع محبي الموسيقى على التفكير في أوركسترا وطنية يقودها عازفون سعوديون، هذه الفكرة كان بالإمكان تحقيقها لو استمر المعهد التابع لجمعية الثقافة والفنون في استقبال المواهب حتى الآن. في كل دول الخليج العربي هناك سعي لتقديم فرق الأوركسترا الوطنية، رغم شح المواهب وندرتها، وقد نتج عن ذلك تكوين نواة موسيقية رصينة في عدة عواصم خليجية. نحن أيضاً نستطيع فعل ذلك عطفاً على حجم المواهب الكبير، وعلى الحراك الفني النشط في الفترة الأخيرة. المملكة تمتلك مواهب موسيقية كبيرة، ليس الآن فقط، بل منذ بداية الحراك الفني السعودي. كان الموسيقيون السعوديون في الستينيات إلى بداية التسعينيات يشاركون الفنانين في الحفلات تحت وقع قراءة "النوتة"، مثل الفنان سامي إحسان، وعبدالله الماجد، ومحمد شفيق، وسمير مبروك الذي أشرف على معهد الموسيقى في وزارة الثقافة والإعلام وكان أستاذاً في معهد الموسيقى بوزارة الدفاع، وغيرهم من الخريجين من معاهد الموسيقى مثل: الأستاذ غازي علي خريج معهد الموسيقى في القاهرة، والكثيرون من الذين حملوا على عاتقهم تأكيد وتطوير الذائقة الفنية والوقوف مع الفنانين في كل مكان. عدد كبير من هؤلاء الرواد الموسيقيين ما يزالون على قيد الحياة وبالإمكان الاستفادة منهم في تكوين أوركسترا وطنية. الرواد الأوائل والمواهب الجديدة بحاجة إلى تنظيم جديد يحتوي نشاطهم ويوجه جهودهم نحو خدمة الفن السعودي والارتقاء به، فمتى يأتي اليوم الذي يحضر فيه الجمهور "الجوق السعودي" الذي يعزف بمهارة ضمن أوركسترا وطنية تقدم إبداعاتها في كل منطقة؟، ونشاهد العازفين السعوديين خلف مطربينا في الحفلات الغنائية؟ إن فكرة تكوين الأوركسترا الوطنية، والاهتمام بتعليم الموسيقى بشكل عام، كفيل بتحقيق هذه الأهداف، وإحلال العازف السعودي بدلاً من الأجنبي المسيطر الآن على الفرق الموسيقية التي تعزف مع فنانينا داخل وخارج المملكة. سراج عمر