على خلفية استمرار خطر إمكانية حصول اعتداء إرهابي جديد على غرار الذي حصل في جادة الشانزيليزيه، يتوجه اليوم الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الدورة الأولى من انتخابات رئاسية محفوفة بالمخاطر والمفاجآت. وكانت السلطات الفرنسية تدرك منذ أشهر إمكانية حصول اعتداء إرهابي كفيل بعرقلة مسار العملية الانتخابية. ولذلك حرصت على تعبئة خمسين ألف من عناصر الشرطة والأمن والجيش لتأمين مكاتب الاقتراع التي يبلغ عددها 67 ألف مكتب. ويبلغ عدد المرشحين إلى الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية 11 مرشحاً بينهم امرأتان هما مارين لوبين مرشحة اليمين المتطرف وناتالي أرتو مرشحة حركة "النضال العمالي" المنتمية إلى أقصى اليسار. وأهم الأسئلة التي طرحت طوال الأسابيع الأخيرة تلك التي تتعلق بالمرشحين اللذين سيتخطيان عقبة الدورة الأولى وينتقلان إلى الدورة الثانية التي ستجري في السابع من شهر مايو. وأفاد استطلاع للرأي أجري يوم الجمعة أي غداة الاعتداء الإرهابي الذي حصل في الشانزليزيه أن إيمانويل ماكرون المرشح المستقل قد يحظى بأصوات 24,5 % من أصوات ناخبي العينة المُستجَوَبة تليه مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف بنسبة 23 %. ويتقاسم المرتبة الثالثة كل من فرانسوا فيون أهم مرشحي اليمين ووسط اليمين التقليديين وجاك لوك ميلانشون مرشح حركة "فرنسا العصية" المنتمية إلى أقصى اليسار بحصول كليهما على 19 % من الأصوات. ومسار كل مرشح من هؤلاء المرشحين الأربعة الانتخابي حافل بالمفاجآت، فإيمانويل ماكرون الذي يبلغ من العمر 39 عاماً لم يكن غالبية الناخبين الفرنسيين يعرفونه قبل سنتين، ولكن استطلاعات الرأي تقول إن إمكانية فوزه في الانتخابات الرئاسية فرضية معقولة جداً بالرغم من أنه لم يمض إلا عام واحد على إنشاء حركة "إلى الأمام" السياسية التي يتزعمها اليوم. أما مارين لوبين، فإنها فاجأت الطبقة السياسية والناخبين من خلال قدرتها على فرض نفسها على اليمين المتطرف وإزاحة والدها عن زعامته. فيما استطاع فرانسوا فيون أهم مرشحي اليمين ووسط اليمين التقليدي مفاجأة المشهد السياسي خلال عدة مراحل في مساره بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية. فقد تمكن من الانتصار على المرشحين الآخرين للانتخابات التمهيدية في صفوف اليمين ووسط اليمين لاختيار مرشح للانتخابات الرئاسية وتمكن من إزاحة نيكولا ساركوزي رئيس الدولة السابق وآلان جوبيه رئيس الوزراء الأسبق والذي ذهبت عميات استطلاعات الرأي إلى حد تقديمه كما لو كان رئيس فرنسا المقبل. وأهم المرشحين الذين كان يُصنَّف من قبل في فئة المرشحين الصغار والذي أصبح اليوم أحد الذين لديهم قناعة بأنهم قادرون على الوصول إلى كرسي الرئاسة هو جان لوك ميلانشون مرشح حركة "فرنسا العصية" المنتمية إلى أقصى اليسار. فقد استطاع من خلال فصاحته وقدرته على شد الجماهير إليه عبر أساليب الخطاب التقليدية والحديثة كسب المزيد من الأنصار لاسيما لدى الشباب الذين كانوا يميلون من قبل إلى بونوا آمون مرشح الحزب الاشتراكي الحاكم وبعض الأحزاب اليسارية الأخرى. ومن مفارقات هذه الدورة الانتخابية الرئاسية أن الحزب الاشتراكي الحاكم يوشك على إثرها على فقدان المركز الذي لديه منذ عقود باعتباره الحزب الأول في صفوف اليسار وأن الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند الذي يتحدر منه اضطر إلى العدول عن الترشح لولاية ثانية بسبب عدم التفاف الحزب حوله. وهي سابقة في سجلات الانتخابات الرئاسية الفرنسية.