الحديث عن الضرائب المضافة والانتقائية مرده في النهاية إلى جانبين: زيادة إيرادات الدولة، وتعديل سلوك استهلاك الفرد، وفي كلا الحالين هما على ارتباط وثيق بأنظمة خليجية ستطبق على الجميع، وليست ذات خصوصية لمجتمع عن آخر، بما يحقق تنوعاً لمصادر الدخل، ودعم الإيرادات غير النفطية، وهو التحول الاقتصادي الذي سيحقق مكاسب ملموسة أسوة بمعظم دول العالم التي تعتمد على الضرائب كمورد رئيس للدخل. الفرق بين الضريبة المضافة والانتقائية أن الأولى غير مباشرة، وتستهدف جميع السلع والخدمات إلاّ ما أعفي صراحة، وتحديداً السلع الرئيسة ذات العلاقة بقوت ومعيشة المواطن، وتفرض على فارق سعر البيع والشراء للمنتجات بنسبة محددة لن تتجاوز خليجياً (5%) تقريباً، ويتم دفعها من قبل المستهلكين، أما الضريبة الانتقائية المباشرة تستهدف سلعا ضارة مثل التبغ ومشروبات الطاقة والغازية، بنسب تتراوح ما بين (50 و100%). التوقيت الخليجي بما فيها المملكة لفرض تلك الضرائب يتطلب سن أنظمة وتشريعات، وتنسيقا مشتركا تحت مظلة هيئة الشؤون الاقتصادية والتنمية في المجلس، والبداية ستكون بالضريبة المنتقاة لأهميتها على الصحة العامة للفرد، وقيمتها كدخل اقتصادي، إلى جانب تهيئة الرأي العام للقبول بفكرة الضريبة المضافة بعد عقود من الزمن لم تعرف دول الخليج مصطلح ضريبة. القادم يفرز عن تحول في إدارة الاستهلاك، وترتيب الأولويات بالنسبة للفرد، وقدرته على كفاءة الإنفاق بمحددات وعي مختلفة عن السابق؛ لذا لم تعد الخيارات متاحة أمامه على أساس الرغبة، وإنما الحاجة، وتقديرها بما يتناسب دخله وإنفاقه، وهي معادلة مهمة في التخطيط الجديد داخل كل أسرة تبعاً للعرض والطلب في السوق، بما يعزز من تنافسيته. التجربة الدولية مع الضرائب تحتاج إلى قانون صارم في التطبيق من دون استثناء، أو تهرب من الاستحقاق الضريبي، ولهذا جاء قرار مجلس الوزراء يوم أمس الأول بالموافقة على قرار تنظيم الهيئة العامة للزكاة والدخل، وهي الجهة المسؤولة عن تحصيل الضرائب المضافة والمنتقاة، بما يحقق أعلى درجات الالتزام من قبل المكلفين بها، وفقاً لأفضل الممارسات وبكفاية عالية، حيث تمثّل التقنية إحدى أهم الوسائل المعينة في توفير الخدمات وتحصيل المستحقات آلياً؛ وفق الأنظمة والتعليمات المعلنة. التنظيم الجديد للهيئة هو استكمال للأنظمة والتعليمات التي ستضمن تطبيق قرار الضرائب، وتضمن معها أرقام النسب المحددة لذلك، وتفرز معها السلع المستثناة، وتفتح الطريق أمام مرحلة جديدة من التطبيق العملي للدخل، واعتباره مورداً مهماً للاقتصاد، حيث لم يعد هناك مجال لمماطلات أو تهرب؛ لأننا باختصار بدأنا من حيث انتهى الآخرون.