تعد خدمات ما بعد البيع جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجية المبيعات لأي منشأة، ولكن بعض المنشآت وخصوصاً «وكالات أو شركات السيارات» تتخذ من خدمات مابعد البيع مشروعاً مربحاً لها على حساب العميل أو المستهلك، فهي ما إن تبيع السيارة إلا وتبدأ في مسلسل استنزاف الجيوب، تحت مسمى «خدمات ما بعد البيع». وللأسف أن تلك الخدمات لا تقدم كما يجب، وكما ينص عليها كاتلوج المصنع، وقد يكون السبب جهل معظم المستهلكين بحقوقهم وعدم الإلمام بمفهوم «خدمات مابعد البيع» عند امتلاكهم السيارة. وقد يكون المدرك منهم يعتقد أن هذا المصطلح لا يتعدى تغيير زيت وفلتر المحرك وصيانة فحمات السيارة والمساحات وتنفيخ الماكينة فقط، وهذا اعتقاد خاطىء قد يجعل الكثيرون يعزفون عن إجراء هذه الخدمات عند استخراج سياراتهم من الوكالة. صيانة مجانية الكثير من المستهلكين غير مدركين أهمية خضوع سيارته للصيانة الدورية المجانية التي يجب أن تحظى بها سياراتهم بحكم أنها جديدة وتحت التجربة، ويغيب عنهم أنهم يجب أن لا يدفعوا خلال مدة الضمان أي مبالغ مالية بل تتحملها وكالة أو شركة السيارة التي تتبع لها السيارة، لذا وجب المحافظة على مواعيد المراجعة التي حددتها الشركة الصانعة في «كاتلوج السيارة» حيث أن بعض شركات السيارات تلزم الوكلاء بالصيانة المجانية والضمان لغاية 100 ألف كيلو، ومعنى ذلك أن لا يدفع العميل أي مبالغ مالية خلال الثلاث سنوات أو الخمس سنوات، وفي فترة الضمان تضعه الشركة المصنعة ضمن شروط البيع وملزم لها لأنها ترى أنه يجب أن تخضع السيارة لاختبارات دورية فنية مجانية تسهم في حفظ عمر السيارة وجودتها وأدائها للسنوات التي حددتها بالضمان. صحة المفهوم لذا يجب على من يشتري سيارته من أي وكالة ما، أن يدرك صحة مفهوم «خدمات ما بعد البيع» التي تعني بالمقام الأول العناية بالسيارة وكيفية الحفاظ على جودتها، طيلة عمرها الافتراضي ولو خلال فترة الضمان. يقول أحد فنيي السيارات أن «خدمات ما بعد البيع» هي مجموعة من العمليات الفنية لمراقبة السيارة تفرضها الشركة المصنعة لضمان خلوها من العيوب المصنعية طوال فترة سريان الضمان لها الذي حددته في بنود البيع، أو ما يكفله النظام المتبع في الدولة المصنعة أو التي تشتري منها السيارة، كما أن بعض وكالات السيارات التي تهتم بعملائها تفتح سجل متابعة لكل سيارة تبيعها وتخصص لكل مجموعة من العملاء موظفاً أو أكثر للتذكير بمواعيد الصيانة الدورية. جودة الخدمات يقول عصام مصطفى - عضو جمعية الاقتصاد السعودية -: توقعات العملاء لخدمات ما بعد البيع أصبحت اليوم عالية جداً، وهي مبنية على رغبتهم في الحصول على خدمات متميزة تحاكي ما تقدمه مختلف الشركات العالمية»، مضيفاً أن المنشآت الناجحة تظل تتابع العديد من المتغيرات الداخلة في معادلة إرضاء العملاء، والتي من بينها معرفة التوقعات دائمة التغير للعملاء والخدمات دائمة التطور للمنافسين وتقوية أداء وانتماء العاملين بالشركة، موضحاً أن هذه المنشآت تحرص على أن تكون خدمة ما بعد البيع جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية المبيعات لأي منشأة مهما كان حجمها. وأشار إلى أن بعض المنشآت تعتقد أن دورها ينتهي بمجرد بيع السلعة وقبض الثمن، وتجهل أن العملاء قد يحتاجون إلى خدمات أخرى بعد تسلم السلعة، كأن يكونوا في حاجة إلى المساعدة في التركيب، أو التدريب على الاستخدام أو الصيانة أو حتى إعادة السلعة لعيب فيها. مضيفاً: أنه يمكن حصر توقعات العملاء في جانبين مهمين، هما جودة الخدمات المقدمة للعملاء، وتعميق ثقافة خدمة العملاء بالشركة، موضحاً أن جودة الخدمة المقدمة للعملاء تتمثل في خدمة ما بعد البيع، وتشمل أعمالاً مؤقتة أو دائمة، ومن ذلك الضمان لسنة أو سنتين أو خمس سنوات. شكاوى العملاء والمقياس الحقيقي لجودة «خدمات ما بعد البيع» هو قياس مستوى رضا العملاء، لأن العميل عندما يشتري نوع ما من السيارات فإنه أول مايفكر فيه هو جودة «خدمات ما بعد البيع» لذا فإن هناك العديد من ماركات السيارات الجيدة وذات قوة ومتانة ولكن العملاء يعرضون عن شرائها بسبب سوء خدمات الصيانة، وعدم توفر قطع الغيار، وهنا يعد إخلالاً في مفهوم «خدمات ما بعد البيع» فنجد أن بعض الوكالات التي لا تفي بهذا المفهوم، تكثر ضدها شكاوى العملاء، ما يستدعي تدخل الجهات المسؤولة لإرغام الوكيل بتنفيذ هذا المفهوم وفق مدلوله الصحيح. وكثيراً ما نسمع أن تلك الجهات وعلى رأسها «وزارة التجارة والصناعة» تلزم وكالات السيارات أو الشركات بتقديم خدمة ما بعد البيع بجودة عالية، وتحسين نسبة رضا المستهلكين، وفق مالديها من نظم وتشريعات لضمان حقوق المستهلكين، وتشديد الرقابة، بل وقد يصل الأمر إلى وضع دليل استرشادي لفترة الضمان حسب نوع السيارة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشركات التي لا تلتزم بحقوق المستهلكين في مرحلة ما بعد البيع.