عندما تحتاج إلى شراء ثلاجة أو مكيف أو غسالة أو تلفزيون وغيرها، فإنك ستتجه إلى أقرب محل تجاري متخصص في بيعها، والتي تنتشر في كل سوق أو شارع، وهؤلاء التجار الذين يعرضون تلك الأجهزة يطلق عليهم "تجار التجزئة" أو الموزعين المعتمدين، ونادراً ما يذهب المشتري إلى الوكيل؛ لأن معظم الوكلاء في أماكن محددة ولا يمكن الوصول لهم بسهولة، لهذا هم يعتمدون في ترويج سلعهم على هؤلاء الموزعين، الذين غالباً ما تكون محلاتهم مُتنوعة من ماركات وسلع، بحيث يمكن للمشتري اختيار ما يُناسب قدرته المادية. وعلى الرغم أن أسواق المملكة تزخر بالعديد من المحال التي تعرض السلع المتنوعة، إلاّ أنه تبقى مُشكلة "الضمان" هي الأبرز، فعندما يتعرض أحد الأجهزة إلى عطل معين، فإن المشتري يذهب إلى المحل، على اعتبار أنه اشترى الجهاز من هناك، ويرغب في إصلاحه بورقة الضمان، إلاّ أن عاملي المحل سرعان ما يتهربون من المسؤولية ليكون الرد: "اذهب إلى الوكيل"، وهنا يحتار المشتري إلى أين يذهب؟، وأين سيجد الوكيل؟، وربما ذهب إلى هناك ليجد أن ورقة الضمان لا تتضمن إصلاح الجزء المُعطّل، ليبرز السؤال: من يُعيد حقوق المُشتري؟. إن ما نُلاحظه في المحال من توزيع أوراق الضمان مع كل جهاز، والتي من الممكن أن تصل إلى عشر سنوات يتطلب تحركاً جدياً من وزارة التجارة عبر إصدار نظام واضح يُجبر المحال والوكلاء على الالتزام بحقوق المُشتري، وعدم استخدام أسلوب "المراوغة" في التعامل معه، كذلك لابد من تغيير الآلية الموجودة في الأسواق بتحويل الصيانة على البائع وليس الوكيل، فليس من المعقول أن يذهب الفرد في حال أي عطل إلى الوكيل، فالمُفترض أن يكون للمحل دور في الإصلاح لضمان عدم التأخير. حق ضائع وقال "ناصر بن علي الثويني" -رجل أعمال-: إن الضمان عندنا لا يضمن للمشتري حقوقه، وهو مجرد حبر على ورق، بل وليس فيه أي مصداقية تحمي المواطن من الاستغلال، عبر سلع وأجهزة مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات، مضيفاً أن ذلك يتطلب من وزارة التجارة أن تنشئ قسماً خاصاً يتولى دراسة نظام الضمان المتبع لدى الوكلاء والباعة لمختلف السلع، أو وضع نظام جديد يضمن الحقوق للجميع، مبيناً أن المشتري إذا وجد أي عيب أو خلل في السلعة أياً كانت سواء سيارة أو جهازا كهربائيا أو غير ذلك يجب أن يتولى قسم الصيانة لدى الوكيل بالحضور إلى منزل المشتري، والكشف على الجهاز وأخذه إلى الورشة للوكيل دون أن يتكبد المشتري أي خسائر أو متاعب، وأن يكون للموزع المعتمد الذي يمثل الوكيل ويتولى البيع دور في ذلك، وأن يتحمل تبعات عطل السلعة التي باعها؛ مشيراً إلى أن الملاحظ الآن أن المشتري يعاني الأمرين بين البائع والوكيل، وكل منهم يرمي به على الآخر، ليضيع حقه بين هذا وذاك، خاصةً في ظل غياب كامل لحماية المستهلك في أداء دورها لحماية الناس من جشع بعض الوكلاء والتجار في أسواقنا. ضمان وهمي وأوضح "محمد سالم الجهني" -موظف- أن بعض الضمانات التي تعطيها الشركات والوكلاء للناس تدفع للضحك والسخرية، فالبعض من تجار الأجهزة والوكلاء يعطي ضمانات لمدد خيالية تصل أحياناً إلى عدة سنوات، وهذه في الواقع ضمانات وهمية؛ لأن الكثير من الوكلاء ربما لا تمر عليه سنة حتى تنتقل وكالة السلعة التي عنده لوكيل آخر، وربما يُفلس وربما ينتقل إلى نشاط تجاري آخر بعيداً عمّا كان يعمل فيه، وبالتالي يصبح الضمان لا قيمة له؛ لأن الوكيل الجديد يرفض أن يتحمل أعباء الوكيل القديم، وهكذا يصبح المشتري في مهب الريح ولا يجد من يحميه من هذا التلاعب والضحك، مضيفاً أنه اشترى ثلاجة من ماركة معينة كانت منتشرة في أسواقنا وفجأة أوقف الوكيل استيرادها، وتخلى عن كل المسؤولية أمام المشترين الذي تلزمه بتوفير قطع لتلك الماركة، وكذلك صيانتها، دون أي رادع يلزمه بحماية المشتري، ذاكراً أن هذا الأمر لا يتوقف عند ماركة من الأجهزة، وإنما ينسحب حتى على السيارات وغيرها، فالوكلاء في حل من كل التبعات والالتزامات أمام المشترين، ولديهم القدرة أن يتخلوا عن كل مسؤولياتهم أمام المواطنين، وأن يفسروا الضمانات على هواهم، وأن يحملوا المواطن تبعات ما يحدث لمشترياتهم من أعطال وبمبالغ كبيرة ليس للمواطن فيها ذنب، متأسفاً أن غياب الوضوح في أنظمة الضمان والصيانة يعطي لهم الفرصة في ذلك. استغفال المشتري وطالب "الجهني" وزارة التجارة وحماية المستهلك أن يكون لهما دور في وقف هذا الغبن الذي يقع فيه المواطن نتيجة تلاعب بعض التجار والوكلاء وعدم التزامهم بوعودهم وإعطاء ضمانات بمدد وهمية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها استغفال لعقلية المشتري، وعدم الخوف من أي رادع، نتيجة إدراكهم أنه لا يوجد نظام ملزم لهم، وأيضاً لأن هذا التاجر أو الموزع المعتمد سيكون هذا العام في موقع والعام الذي بعده في موقع آخر، وربما أيضاً تحول من تجارة الأجهزة الكهربائية إلى تجارة الملابس مثلاً، أو تجارة المفروشات دون أن يتدخل أحد ويلزمه بأن ينهي التزاماته التي كانت عليه من تجارته السابقة، لافتاً إلى أن الوكلاء رغم مسؤوليتهم الكاملة يفتقرون إلى الإلتزام المطلوب بالخدمة بعد البيع بالشكل المطلوب، كما أن الكثير منهم لا توجد لديه ورش صيانة، ولا يحرص على توفير قطع الغيار بشكل دائم، ومعظم هؤلاء الوكلاء يقدمون ضمانات وهمية فقط من أجل بيع ما لديهم من سلع. ننتظر تدخل وزارة التجارة وتحميل البائع المسؤولية بدلاً من البحث عن الوكيل عقد ملزم وتحدث "د.حبيب الله تركستاني" -أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز- قائلاً: إنه من المهم الالتزام بالضمانات التجارية التي يقدمها الوكلاء والتجار للمشترين؛ لأن هذه الضمانات عقود ملزمة للطرفين يجب الوفاء بها وعدم التلاعب أو الإخلال بشروطها، ووزارة التجارة يجب أن تفرض عقوبات رادعة على التجار الذين يخلون بهذه الضمانات ولا يلتزمون بها، مضيفاً أنه يجب أن يكون لدى الوكلاء والتجار حرص ومخافة من الله في هذا الجانب؛ لأن ذلك يحقق الصورة الذهنية للشركة وحرصها على عملائها، خاصةً إذا عرفنا أن الشركات المصنعة هي الملزمة أمام الوكيل بضمان سلعتها حفاظاً على مكانتها في السوق، متأسفاً أن بعض الوكلاء يقدم صورة غير جيدة للشركة التي يتولى وكالتها من خلال عدم التزامه بالضمانات التي قدمها للزبائن، وهذا يؤدي إلى ضعف سمعتها في السوق، وبالتالي ضعف مبيعاتها، وينتج عن ذلك تحويل علاقتها إلى وكيل آخر لتستعيد موقعها في السوق. وأضاف: بعض الوكلاء "يتلكك" بأمور سخيفة ليتهرب من مسؤولية ضمان سلعته، بأن يطلب من المشتري الفاتورة التي اشترى بها، وكثيراً من الناس لا يحتفظ بالفواتير، والمفروض أن يكون هناك "كود" للضمان يحدد الصنف، ويكون محفوظاً لدى الوكيل ومسجل من خلاله كافة المعلومات عن السلعة وتاريخ شرائها ومدة الضمان. أنظمة مُتبعة وطالب "عدنان فقيها" بأن تتعامل الوكالات والتجار بالأنظمة المتبعة في الدول المتطورة، فالمشتري في هذه الدول لا يحتاج أكثر من اتصال بالتاجر الذي ا شترى منه السلعة، سواء كهربائية أو غرفة نوم أو جهازا منزليا، حيث يوضح له بأنه إذا لاحظ على الجهاز الذي أشتراه عطل، فلا تمض ساعة أو بعض منها حتى يكون الجهاز قد حُمل إلى مركز الصيانة، وإذا وجد أن الخلل تقني مصنعي يتم تغييره بالكامل دون أن يتحمل المشتري أي تكاليف أو متاعب، مضيفاً أنه يعيش المشتري لدينا معاناة مع التاجر والوكالة رغم الضمان المعطى له، مبيناً أن على المشتري منتصف الجهاز إلى التاجر، الذي يطلب منه أن يذهب به إلى الوكيل فهو المسؤول، رغم أنه اشترى الجهاز من ذلك التاجر، مؤكداً على أن المشتري يدور بين التاجر والوكيل وحتى لو وجد أن العطل مصنعي فإن الوكيل لا يُبدل الجهاز، وإنما يعمل المستحيل لإصلاحه مؤقتاً، رغم أن الشركة المصنعة تضمن منتجاتها على مستوى العالم إلاّ هنا في أسواق المملكة، فالوكلاء حريصون على الشركات المصنعة أكثر من حرصهم على المواطن. صيانة دورية وأوضح "فقيها" أنه في مجال البيع للسيارات المنتهي بالتمليك يضطر المواطن لدفع أجور الصيانة الدورية من جيبه، رغم أنه دفع تأميناً على السيارة التي ربما بعد مدة الأقساط لا يمتلكها ويعيدها للشركة، وهذا نظام فيه "غبن" للمشتري، ويفترض أن تكون تكاليف الصيانة على الوكيل خلال فترة البيع قبل التمليك، مضيفاً أن المشتري على حق في الكثير من الحالات التي تمارس في أسواقنا، إلاّ أنه لا يمكن أن يأخذ حقه، نتيجة عدم توفر نظام واضح وملزم لهذه الضمانات بين التاجر والمشتري، وغياب هذا الوضوح هو الذي يعطي المجال لبعض التجار والوكلاء وضع ضمانات كاذبة بهدف إغراء الزبون بالشراء وبعد ذلك عليه أن يضرب رأسه بالجدار!. خلل كبير وأكد "فهد البقمي" -إعلامي اقتصادي- على أن هناك خللا كبيرا في نظام الضمان التجاري المعطى للمشتري من قبل التجار والوكلاء، مضيفاً أن التاجر يجب أن يكون مسؤول مسؤولية كاملة أمام المشتري وأن يتولى مخاطبة الوكيل للسلعة نيابة عن المشتري، مبيناً أن إعطاء ضمانات وهمية يجب أن يكون له نظام يعاقب عليه، وأن تكون الضمانات ملزمة للتجار والوكلاء، ويجب أن يكون لحماية المستهلك دور قوي في هذا الجانب، من خلال وجود نظام واضح وملزم من قبل وزارة التجارة، بدلاً من النظام الحالي الذي يعتمد على مزاجية الوكلاء بطرق الهدف منها إغراء المواطنين بالشراء فقط، مشيراً إلى أننا نجد في أسواقنا مدد للضمانات تصل إلى سنوات لا تعتمد على مصداقية أو إلتزام حقيقي بها، وهي مجرد وسائل جذب للزبائن يعملها بعض التجار. نظام الضمان التجاري يحتاج إلى وضوح د.حبيب الله تركستاني فهد البقمي محمد الجهني ناصر الثويني عدنان فقيها