مما لا شك فيه أن للترفيه دوراً هاماً في تحقيق التوازن الانفعالي للإنسان وتنمية وتنشيط علاقاته الاجتماعية من خلال تخفيف الضغوط اليومية والقدرة على إدارتها وذلك لأن القيام بأنشطة ترفيهية تعتبر عنصراً هاماً وأساسياً في علم الأحياء البشري لأن الترفيه يتضمن الربط بين سلامة العقل والصحة البدنية مما يعود بالراحة والبهجة على الإنسان وبالتالي القدرة على مواصلة المهام الحياتية بكفاءة أكبر. ومن هذا المنطلق اتجهت الدول المختلفة للاستثمار في الترفيه باعتباره حاجة اجتماعية من ناحية وباعتباره أحد مرتكزات توطين السياحة محلياً وجذب السياح من الخارج مما يعني تحقيق عوائد اقتصادية هامة باعتبار السياحة والترفيه أحد مفاتيح تعدد مصادر الدخل وخير دليل على ذلك أن هناك دولاً عديدة تعتمد على السياحة والترفيه كمصدر أول للدخل. وإذا أخذنا المملكة بصورة عامة والرياض بصورة خاصة نجد أن وسائل الترفيه فيهما محدودة جدًا فالمسطحات المائية والخضراء محدودة جداً بسبب شح المياه لذلك تنحصر وسائل الترفيه لدى الغالبية العظمى من السكان بالتنزه في الصحراء أو في التسوق على الرغم من وجود بعض مدن الترفيه المحدودة جداً من حيث المساحة والفعاليات ناهيك عن اقتصار أغلبها على العنصر النسائي والأطفال. وبسبب الحاجة الماسة للترفيه وعوائده جاء إنشاء الهيئة العامة للترفيه لتعمل جنباً إلى جنب مع الهيئة العليا للسياحة والآثار لكي يتكاتفا في مجال تحفيز عوامل السياحة والترفيه باعتبارهما صنوان لا يفترقان فكل منهما يكمل الآخر. وبما أن السياحة والترفيه يحتاجان إلى بنى تحتية واستثمارات ضخمة جاء إعلان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة - حفظه الله- عن إنشاء أكبر مدينة ترفيهية ورياضية وثقافية من نوعها في القدّية جنوب غرب مدينة الرياض على مساحة 334كم2 كمبادرة رائدة نحو تحقيق ذلك الهدف المنشود الذي يؤمل أن يحقق عدة أهداف في آن واحد يأتي في مقدمتها تلبية رغبات واحتياجات جيل المستقبل الترفيهية والعلمية والثقافية والاجتماعية باعتبار ذلك أحد عناصر رؤية المملكة (2030) من خلال ابتكار استثمارات نوعية ومتميزة لخدمة الوطن والمواطن بالإضافة إلى أن ذلك يسهم في تنويع مصادر الدخل ودفع مسيرة الاقتصاد السعودي وفتح المزيد من فرص العمل أمام الشباب ناهيك عن توطين السياحة والترفيه وبالتالي توفير مليارات الريالات التي تصرف على السياحة خارج البلاد خلال الهجرة الموسمية الجماعية لعدد كبير من المواطنين القادرين خلال الإجازات والمواسم. نعم سوف يعتبر ذلك المشروع بعد الانتهاء منه نقلة نوعية في مجال السياحة والترفيه في المملكة وهذا يجعله وجهة مفضلة للسعوديين ومواطني دول الجوار وأبعد من ذلك وجهة سياحية ترفيهية عالمية. خصوصاً إذا تزامن تنفيذه مع اعداد الكوادر البشرية السعودية التي سوف تقوم على إدارته وتشغيله ناهيك عن العمل على إيجاد حلول مبتكرة تحد من حرارة الجو في الصيف من خلال جعل أغلب فعاليات تلك المدينة الترفيهية مغلقة ومكيفة ليس هذا فحسب بل لا بد من دعم ذلك التوجه بجعل مطاراتنا والخطوط الجوية الوطنية ذات قدرات تنافسية بحيث تصبح المملكة مركز استقبال وتوزيع للسياح والمسافرين بين الشرق والغرب والشمال والجنوب. أما من ناحية توجهات ذلك المشروع فإن ملامسة رغبات وثقافات ومتطلبات جميع شرائح المجتمع لها دور هام في دعم الإقبال عليه من خلال تنوع الفعاليات ناهيك عن أن يكون وسيلة فعالة للتنوير والتعليم والتثقيف والجد والمرح في آن واحد. والله المستعان.